طقوس العنف في عاشوراء: من يحرّمها ومن يحلّلها؟

عاشوراء
بمناسبة بدء ذكرى عاشوراء واقتراب موعد الاحتفال باليوم العاشر. كيف ينظر رجال الدين الشيعة الى الطقوس العنفية المرافقة ليوم "الفلّة"؟ وكيف يحيي الشيعة ذكرى استشهاد الإمام الحسين؟ وهل ان التطبير نوع من العنف المرفوض؟

بمناسبة بدء ذكرى عاشوراء واقتراب موعد الاحتفال باليوم العاشر. كيف يرى رجال الدين الشيعة الطقوس العنفية المرافقة له؟ وكيف يُحيي الشيعة ذكرى استشهاد الإمام الحسين؟ ما الدوافع وراء استمرار احياء مراسم هذه الذكرى، رغم طول الزمن وبُعد المسافة؟ ما هي اشكال هذه المراسم؟ هل تم تجييرها لمصلحة طرف دون آخر؟ وكيف هي هذه الاشكال والصور من التأسّي بالحسين وأهله؟ وهل تختلف من بلد الى آخر؟

انقسم علماء معروفون في لبنان حول التطبير. وكان لكل منهم رأيه الخاص: فريق مؤيد للشعائر والطقوس العنفية الممارَسَة على مسرح عاشوراء، وفريق رافض لها.

لا بد من الذكر ان الطقوس العنفية هي الممارسات المعروفة بـ”التطبير” و”ضرب حيدر” بالسيوف على مقدم الرأس والضرب بالسلاسل الحديدية على الجسد واللطم العنيف والمشي حفاة مسافات طويلة وفي شمس حارقة مع الامتناع عن الطعام أو الشراب..

يمارس الشيعة في انحاء العالم هذه الشعائر بتنوع مختلف. وقد خفّت تدريجياً في لبنان بعد رفض رجال دين شيعة لبنانيين لها ومنع مؤيديهم من ممارستها، وكذلك مع اصدار كل من الامام الخميني وبعده الخامنئي فتوى تحرّم هذه الممارسات.

لكنّ قسماً لا بأس به من “العلماء” ما زال يعلن تأييده له، وهم على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ عبد الحسين صادق في النبطية، والشيخ مرتضى عياد في خندق الغميق ببيروت، والشيخ عبد الحسين عبد الله في الخيام بالجنوب، والسيد جعفر مرتضى في بيروت، والسيد محمد عسيران في صيدا، والشيخ الراحل محمود كوثراني في الغسانية بالجنوب وآخرون في الغازية.

في حين انه بين الرافضين لهذه الشعائر يمكن تعداد بعض الاسماء امثال المرجع الراحل محمد حسين فضل الله، والسيد محمد حسن الأمين، والسيد هاني فحص، والشيخ عبد الامير قبلان، والشيخ نعيم قاسم، اضافة الى علماء راحلين كالشيخ محمد مهدي شمس الدين..

هذه المروحة الواسعة من المختلفين ما بين التأييد والرفض ليست وليدة هذه الايام او هذه السنوات بل تمتد الى زمن مضى. فيُعتبر السيد محسن الامين من ابرز من وقف في وجه هذه الممارسة، الى العلامة هبة الدين الشهرستاني، والشيخ عبد الكريم الجزائري، والشيخ محسن شرارة، والسيد مهدي القزويني، اضافة الى الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والسيد هاشم معروف الحسيني، والشيخ محمد جواد مغنية، اضافة الى الإمام الخميني، والخامنئي.

في هذا الاطار يقول السيد هاني فحص في حديث لـ”جنوبية”: “لا اعتقد ان المطلوب مني الادلاء برأيي الفقهي لأن المسألة خلافية كأي مسألة فقهية، ويمكن الفقيه ان يجد الدليل على حرمة الممارسات العنفية في عاشوراء كما يمكن فقيهاً آخر ان يجد الدليل على اباحتها او وجوبها. من هنا اصبح من اللازم ان نطرح السؤال على انفسنا: الى أين ستمضي بنا حالة التربية على العنف؟”. ويتابع: “في تقديري اننا بحاجة الى تربية اجيالنا على الحق اكثر من التربية على إلغاء الآخر الذي يؤدي الى الغاء الذات. وهذا الانقسام حول عاشوراء يتسع عاماً بعد عام دون ان يظهر أثر الممارسة على موقفنا وصراعنا الا اذا تم على اساس الوحدة”.

ومظاهر العنف بحسب السيد فحص “تؤدي الى جعل المسألة وكأنها شأن حصري بمذهب واحد وهذا ما يؤدي الى اقالة الآخرين من مسلمين ومؤمنين في شكل عام من المشاركة، وهذه مفارقة كبيرة لأن ثورة الحسين لم يكن لها منشأ مذهبي. وبُعدها الانساني هو الأظهر فيها”.

ولا يمكن، بحسب السيد فحص، نسيان ما تعرّض له السيد محسن الأمين وما دفعه ثمناً لموقفه الفقهي العميق، وسوف يبقى صوته الى ان يأتي يوم يتحول الحسين من صعيد العنف الى صعيد الحزن المقدس الذي يطهّر ويجمع ويصل الذاكرة بالحلم”.

ويرجع السيد فحص الى التاريخ ليذكر أنّ “مظاهر العنف مستوردة، وتعود بحسب الوثائق الى الصفويين الذين حوّلوا ايران من مذهب الى مذهب فاحتاجوا في تحولهم الى مغيرات للسلوك الديني فأرسلوا في عهد الشاه طهماز بعثة الى بلاد القرم نقلت تفاصيل الاحتفال السنوي بآلام المسيح”. ويؤكد ان من نقلها (مظاهر العنف) الى الجنوب اللبناني “هو الدكتور ميرزا وهو مهاجر ايراني الى لبنان هو والد الدكتور بهجت ميرزا. علماً بأن ايران الدولة والمجتمع تعاني من بقايا هذه العقلية التي تمارس العنف”.

يبقى القول ان الجزء الأكبر من الشيعة الممارسين دينيا يلتزمون بالحد الادنى وهو حضور مجالس العزاء يومياً وعلى مدى عشرة ايام وارتداء اللباس الاسود والابتعاد عن مظاهر الفرح، اضافة الى استحضار سيرة السيدة زينب، بنت الامام علي وأخت الإمام الحسين.

السابق
سلام: تصعيد “حزب الله” يطيح صيغة الثلثين الضامنين!
التالي
قباني: كلام بشير معيب ومستنكر