البناء: أمن طرابلس على المحكّ اعتباراً من اليوم

كتبت “البناء ” تقول:  بقي المشهد الداخلي على حاله من الانفلات الأمني المقلق في طرابلس مترافقاً مع سياسة التعطيل لمؤسسات الدولة وهذا الأمر بات معروفاً للقاصي والداني ومعروفة الجهات التي تقف وراءه أي السعودية التي ما تزال تراهن على تغيير موازين القوى ليس في سورية فقط بل في لبنان وساحات عربية أخرى وهي لم تتعظ من الخسائر التي تعرضت لها في الأشهر الأخيرة ولا من المتغيرات الإقليمية الدولية لغير مصلحة مشاريعها.
وبينما تستمر محاولات تسخين الأجواء الأمنية في الساحة الطرابلسية من قبل جهات معروفة مرتبطة بالسعودية ما يرفع من المخاوف حول احتمال انفجار الوضع الأمني هناك لم تتحرك حكومة تصريف الأعمال لاتخاذ الخطوات الحاسمة التي تؤدي إلى إنهاء حال الفوضى من جانب المسلحين في طرابلس. بل إن ما صدر عن اللقاء الذي عقد في منزل نائب “المستقبل” محمد كبارة يطرح علامات استفهام كبيرة حول حقيقة ما يخطط في أروقة الاستخبارات السعودية لعاصمة الشمال من سعي محموم لإشعال الفتنة تحت شعارات ممجوجة واتهامات مسبقة.

فضيحة التجسس “الإسرائيلية”
على أن حكومة تصريف الأعمال لم تتحرك كما يجب أيضاً لمواجهة العدوان “الإسرائيلي” الجديد على كل اللبنانيين من خلال محطات التجسس والتنصت التي وضعت على طول الحدود الجنوبية من الناقورة إلى العرقوب.
والخطير في الأمر أن الأبراج التي ركزت على طول الخط الحدودي تتضمن أعمدة استقبال ورادارات وأجهزة تحليل معلومات ما يجعلها قادرة على تغطية معظم مناطق لبنان كما يجعل كل اللبنانيين بكل تفاصيل حياتهم اليومية مكشوفة أمام عمليات التجسس “الإسرائيلية” إذ أنه في مقدرة هذه الأبراج أن ترصد كل ما يمر في الهواء من موجات وذبذبات وصور إضافةً إلى خرق كابلات الهاتف وهو ما يعني خرقاً ليس فقط للسيادة اللبنانية بل لكل القوانين الدولية.
والواضح أيضاً أن العدو “الإسرائيلي” لجأ في الفترة الأخيرة إلى تحويل آلات التصوير إلى نظام “اتش دي” ذات الصور ثلاثية الأبعاد لتعتمد على أكثر من 16 نقطة مركزية على امتداد الحدود أبرزها موقع العلم في منطقة اللبونة قرب الناقورة وجبل الطيارات قرب يارون وجبل الباط قرب عيترون وموقع العباد قرب حولا وموقع الرادار عند مرتفعات جبل الشيخ. ومما يذكر أن لجنة الخبراء في وزارة الاتصالات تعد ملفاً متكاملاً حول تفاصيل عمليات التجسس “الإسرائيلية” لرفعه إلى مجلس الوزراء.

اجتماع للجنة الاتصالات الاثنين
وينتظر أن تعقد لجنة الاتصالات والإعلام النيابية جلسة استثنائية يوم الاثنين المقبل بناء على طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري لبحث هذا الخرق الخطير من قبل العدو “الإسرائيلي” واقتراح الإجراءات اللازمة لمواجهة هذا العدوان.

وزير الدفاع
وأكد وزير الدفاع فايز غصن أمس أن لبنان “لن يقف مكتوف الأيدي فالأرض ليست سائبة وهو يتابع من أعلى المستويات مسألة التجسس” وكشف أن قيادة الجيش تكثّف الاتصالات والمشاورات مع قيادة القوات الدولية في الجنوب بشأن هذا الاعتداء.

كتلة الوفاء: لاستنفار رسمي
وأوضحت كتلة الوفاء للمقاومة بعد اجتماعها أمس أن العدو وضع أجهزة إلتقاط بث إلكتروني وأجهزة حديثة جداً محذرة من حساسية تلك الأجهزة وقالت إن التجسس “الإسرائيلي” يستوجب استنفاراً رسمياً ووضع خطة تحرك وعمل وطني لمنع العدو من أي اختراق عدواني”.

الوضع الحكومي وزيارة سليمان إلى السعودية
وسط هذه الأجواء بقي الانتظار “سيد الموقف” على صعيد الاستحقاقات الداخلية بانتظار “كلمة السر” السعودية إلى “تيار المستقبل” الذي يصر ليس فقط على الإمعان في تعطيل المؤسسات من الحكومة إلى مجلس النواب بل أيضاً في دفع الوضع الأمني نحو الانفجار وهو ما يبدو جلياً في تصرفات “المستقبل” في طرابلس إن من حيث التغطية على فوضى المسلحين والسلاح وإن من حيث اللجوء إلى أقصى أشكال التجييش والتحريض المذهبي والطائفي على غرار ما جاء على لسان عضو “كتلة المستقبل” محمد كبارة بعد الاجتماع الذي عقد في منزله أول من أمس.
ورغم الشكوك في إمكان تراجع السعودية عن موقفها التعطيلي لتشكيل حكومة وحدة وطنية لكن مصادر سياسية متابعة دعت لانتظار نتائج زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى الرياض يوم الاثنين المقبل ولقاءاته المرتقبة مع العاهل السعودي الملك عبد الله وعدد من المسؤولين السعوديين وما يمكن أن تنتهي إليه من نتائج حول الوضع في لبنان عموماً وملف تشكيل الحكومة خصوصاً.

أوساط بعبدا
وقالت أوساط قصر بعبدا لـ”البناء” إن الزيارة ستستمر لمدة 24 ساعة يجتمع خلالها سليمان مع الملك عبدالله وولي عهده ووزير الخارجية سعود الفيصل. أضافت أن جدول المباحثات سيتضمن الوضع في المنطقة وبخاصة الوضع في سورية كما سيتركز البحث على الوضع اللبناني وتشعباته.
وفي هذا السياق قال وزير البيئة ناظم الخوري المحسوب على رئيس الجمهورية “إن الرئيس سليمان ليس بشخص متهور وأتصور أنه لن يسير بحكومة أمر واقع وهو أعلن أنه يريد حكومة جامعة”.

اجتماع نواب “التغيير” و”المستقبل”
إلى ذلك انعقد في مجلس النواب بعد ظهر أمس لقاء مباشر هو الأول من نوعه منذ فترة طويلة بين عدد من نواب تكتل التغيير والإصلاح ونواب كتلة “المستقبل” بناء على التوجه الذي كان أقره تكتل التغيير والإصلاح خلال خلوته الأخيرة برئاسة العماد ميشال عون من حيث الانفتاح على كل الكتل النيابية والسعي للفصل بين الخلاف السياسي وعمل مؤسسات الدولة وبخاصة مجلسي النواب والوزراء والعمل للاتفاق على الأولويات الوطنية.
وبدا واضحاً من خلال ما دار داخل الاجتماع المطول أن هناك هواجس مختلفة بين الجانبين لا سيما من “تيار المستقبل” الذي أراد من هذا اللقاء استكمال خطابه التحريضي ضد حزب الله ووفق المعلومات فإن الهاجس من بداية النقاش إلى نهايته عند نواب الحريري كان طرح موضوع انسحاب مقاتلي حزب الله من سورية وموضوع الحكومة الحيادية ولم يلق جواباً شافياً من محاوره الذي فضل حسب المعلومات التركيز على مسألة أساسية وهي الاتفاق على الأولويات الوطنية دون السياسية وفصلها عما يجري في سورية وعن الخلافات السياسية الداخلية.
وحسب المعلومات التي تسربت وكذلك من خلال ما صدر عن الطرفين فإن هذا النقاش بقي في دائرة مفرغة خصوصاً أن “المستقبل” كان يريد من البداية طرح موضوع سحب مقاتلي حزب الله من سورية واستبعاده من الحكومة هدفاً من هذا الحوار.
أما الإيجابية الوحيدة التي خرج بها الطرفان فهي التأكيد على استمرار الحوار من دون تحديد موعد لجلسة ثانية.
ويشار أيضاً إلى أن “التيار” سيلتقي كتل حركة “أمل” والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله والقوات والكتائب. كما يشار إلى أن الرئيس بري شكل لجنة للحوار مع التيار الوطني الحر من النواب علي بزي غازي زعيتر وهاني قبيسي.
وبحسب المتابعين لأجواء ما حصل في جلسة الأمس بين نواب تكتل التغيير والإصلاح ونواب الحريري فإن الهمّ الأساس والأكبر لنواب “المستقبل” هو في استكمال حملة التصعيد المفتوحة ضد حزب الله وليس الوصول إلى أي توافقات وطنية. أضاف هؤلاء أن الجميع يدرك أن “المستقبل” لا يمتلك اتخاذ أي قرار حتى في أصغر التفاصيل اللبنانية لأن قراره أصبح مرهوناً بما تقرره السعودية في إطار الحملة التي تقودها ضد سورية وحزب الله. وأكدت المصادر أن وفد “المستقبل” سعى لإحداث شرخ بين “التيار الوطني الحر” وحزب الله عبر التركيز على سحب مقاتلي حزب الله من سورية أو إبعاده عن الحكومة!

طرابلس تنتظر “الفرج”
في هذا الوقت بقي الوضع الأمني في طرابلس يعيش تحت هاجس الانفجار في أي لحظة بسبب الفوضى الأمنية التي تعم المدينة ونتيجة فلتان السلاح والمسلحين الذي يتسع يوماً بعد يوم مترافقاً مع أبشع أنواع التحريض والشحن الطائفي والمذهبي بل إن المسلحين وقادتهم باتوا يتحكمون بكل مفاصل المدينة بما في ذلك فرض حصار على جبل محسن الذي تتجلى مظاهره بمنع الدخول والخروج منه وفي الوقت ذاته لجوء المجموعات المسلحة إلى “التحرش” شبه اليومي ضد وحدات الجيش المنتشرة في محاور القتال السابقة وهو ما حصل في مستديرة أبو علي ومحلة الملولة رداً على قيام الجيش بتعزيز إجراءاته الأمنية هناك للحد من الاعتداء على المارين كما عمد مسلحون مساء أمس إلى إطلاق النار على شخص من جبل محسن في ساحة التل في المدينة.

اجتماع شربل مع الشعار
وفيما تتخوف المصادر الطرابلسية من التظاهرة التي دعي إليها اليوم في باب التبانة رداً على التظاهرة التي كان دعا إليها الحزب العربي الديمقراطي وعاد وألغاها زار وزير الداخلية مروان شربل عصر أمس طرابلس واجتمع مع مفتي الشمال مالك الشعار بحضور عدد من فاعليات المدينة سعياً لمنع انفلات الوضع الأمني. والغريب أن قادة المحاور حضروا الاجتماع مع الوزير شربل.
وأوضح الوزير شربل بعد اللقاء أنه “جرى وضع العناوين العريضة للخطة الأمنية بانتظار التوافق على هذه العناوين” أضاف “في أقرب وقت سندخل إلى المناطق التي لا يوجد فيها قوى الأمن والجيش اللبناني” مؤكداً “لن نكون شاهد زور ومن يحمل السلاح غير المرخص سيتم توقيفه”.
أما المفتي الشعار فقال: “إنه ليس هناك مكان ممنوع أن يصل إليه الأمن والاستقرار”.
وقالت مصادر عليمة إن إنجاز الخطة الأمنية للمدينة يعترضها الكثير من العقبات وفي مقدّمها الانتشار الكثيف للسلاح والمسلحين في معظم مناطق طرابلس خصوصاً المحيطة بمحاور القتال المعروفة.
مذكرة أبو غيدا
ووسط الأجواء الملبدة أمنياً وسياسياً في طرابلس أصدر قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا مذكرة جلب بحق رئيس الحزب العربي الديمقراطي النائب السابق علي عيد للتحقيق معه يوم الثلاثاء المقبل.

السابق
الجمهورية: جمعة غامضة في طرابلس
التالي
البلد: تحصين هدنة طرابلس وتصعيد بين حزب الله و المستقبل