مَن يُنفِّذ مذكّرة توقيف علي عيد؟

يشكل الجيش اللبناني الإجماع الذي يكاد يكون وحيداً بين جميع اللبنانيين، وهو الملاذ لهم عند كل استحقاق أو محطة أو تحدّ يستهدفهم في استقرارهم وأمنهم ومستقبلهم، الأمر الذي جعل من المؤسسة العسكرية بمثابة «حبل الصرّة» الذي يغذي كل المؤسسات ويرفدها بالمعونة والمساندة لدرء الأخطار، إلا أن ذلك لا يعني على الإطلاق إدخاله في مواقف من شأنها أن تعكّر الصفة الجامعة التي يتمتع بها ويواظب للحفاظ عليها.

ومرد هذا الكلام الذي يجاهر فيه مصدر سياسي كبير، يعود الى ما أثير مؤخرا حول مسألة التحقيقات بجريمتي التفجيرين الإرهابيين في طرابلس، واستدعاء النائب السابق علي عيد للاستماع الى إفادته من قبل فرع المعلومات، ومن ثم إصدار القضاء المختص مذكرة بحث وتحرّ عن عيد، ويقول المصدر: «إن الكثير من الملفات التي كانت حصراً بيد فرع المعلومات لم يقبل أن يشاركه في متابعتها أي جهاز أمني آخر، على الرغم من الدعوات للتنسيق وتبادل المعلومات، واستمر محافظاً على طريقته في المتابعة والمعالجة، وفي ما خص متفجرتي طرابلس فإن فرع المعلومات كان أول من وجه الاتهام الى الشيخ الغريب والمخبر حوري، ليتبين لاحقا أنهما ليسا هما المستهدفين وان الموضوع مرتبط بجبل محسن بما يعنيه من تداخل طائفي».

ويضيف المصدر انه «اتهم لاحقا سائق علي عيد بنقل المتهم الاساسي بالتفجيرين الى سوريا، وعندما أوقفت مخابرات الجيش المدعو أحمد مرعي الذي تولى نقل المتهم على مرحلتين: داخل الاراضي اللبنانية اولا ومن ثم الى سوريا، سلمته الى القضاء المختص الذي سلمه الى فرع المعلومات لان الملف لديه وهو الذي يتابعه، ولاحقا استدعى القضاء علي عيد للمثول أمامه للإدلاء بإفادته، الأمر الذي يقتضي في حالات مشابهة توقيفه».

ويسأل المصدر عن الجهة التي ستقوم بالتوقيف؟ ليجيب «إن الطبيعي هو أن يتولى فرع المعلومات عملية التوقيف، خاصة أنه كان وراء كشف ملابسات القضية والملف متابع من قبله، ولكن لتبرير عدم القدرة على التوقيف، خاصة أن المطلوب توقيفهم يقيمون في مناطق مصنفة سياسيا بأنها لا تثق بفرع المعلومات، وقد أعلن الحزب العربي الديموقراطي أكثر من مرة عدم ثقته بهذا الجهاز، لذلك روّج في الساعات الأخيرة بأن وحدات سورية تدخلت أثناء قيام جهاز أمني بمحاولة توقيف عيد في منزله في حكر الضاهري، بينما في الحقيقة أن لا عمليات دهم حصلت ولا تدخل سوريا حصل، وجلّ ما في الأمر ان القوات السورية على الجانب الآخر من النهر الكبير والذي يبعد أمتارا عن بلدة حكر الضاهري تستعمل كاشفاتها الضوئية من حين لآخر لرصد أي تحركات ممكن أن تحدث عبر النهر باتجاه الأراضي السورية».

واعتبر المصدر «ان الهدف من وراء ضخ معلومات كهذه هو القول ان عملية توقيف عيد تفوق قدرة فرع المعلومات وهي تحتاج الى تدخل من الجيش اللبناني للقيام بهذه العملية، ما يعني وضع الجيش في مواجهة مع الجهة السياسية التي ينتمي اليها عيد، من دون أن ننسى أن مئات العسكريين المنتشرين في منطقة جبل محسن بموجب الخطة الأمنية سيكونون عرضة لردات فعل غير محسوبة من قبل الأهالي، ما يفتح الباب أمام نتائج غير معروفة، علما أن الوحدات العسكرية تتدخل عادة لمؤازرة القوى الأمنية عند قيامها بأي عملية، وبناء على طلب هذه القوى وهذه التعليمات تسري في أي منطقة لبنانية».

ويرى المصدر «ان التسريبات من هنا أو هناك حول مسألة توقيف علي عيد لن تصرف الأنظار عن حقيقة أن الجهة التي تمسك بالملف منذ البداية والى الآن، عليها واجب الإكمال به والقيام بكل المهام المرتبطة به وليس نقله الى جهاز آخر».

السابق
حوارٌ عاجلٌ من أجل طرابلس
التالي
تصريف مقيّد أم تعـويم ممنوع؟