المحور الأميركي الإيراني الإسرائيلي

علي الاسكندراني
باختصار لنرسم الخارطة الجديدة: إسرائيل باقية من خلال أميركا، وأميركا تتحالف مع إيران، وإيران تدعم بشار الأسد، والأسد لا يمانع إبادة الإخوان والـ"الإسلاميين"، ما يتفق مع قائد الإنقلاب في مصر الفريق عبد الفتاح السيسي الذي يحارب الإسلاميين والإخوان، الذين تحاربهم أميركا ومعها إيران وبشار الأسد. إذاً عرفنا المحور الجديد المقاوم والممانع، لكن يقاوم من؟ ويمانع من؟
نسمع في الآونة الأخيرة أن الجمهورية الإيرانية تزيل الشعارات المعادية للولايات المتحدة الاميركية التي تعتبر “الشيطان الأكبر” بحسب مفاهيم الثورة الإسلامية لقيام هذه الدولة. في تصريحات الحكومة الإيرانية عن سبب إزالة الشعارت أنهم يريدون أن ينظفوا نظرة الشعب الإيراني وتراثه من كل ما يمكن أن يقف في طريق تقدم الدولة في مجال العلاقات الدولية وخاصة الدول الكبرى أو الفاعلة إقليمياً.
لو أننا انتهجنا عقلية محور الممانعة والمقاومة، لدافعنا عن قرارات الجمهورية الإيرانية ورددنا ذلك إلى خطة كونية جديدة تخيطها إيران لحماية القضية المركزية فلسطين، بل ولإزالة “إسرائيل، الأوهن من بيت العنكبوت عن الخارطة”. لو أننا ننتهج فكر هذا المحور لقلنا إن عدو عدوي صديقي ولرحبنا بوجود الحليف الجديد الأميركي لانضمامه الى محور المقاومة والممانعة. لكن، والحمد لله، فإن هذه العقلية لم تعد تلقى رواجاً كبيراً في الشارع العربي والإسلامي إلا من بعض المستفيدين أو بعض ضائعي الهوية، وهي عقلية ستستميت في الدفاع عن أي قرار تتخذه إيران وأدواتها في المنطقة وأكبر دليل خطاب الانتصار المزعوم في سوريا والإعلانات الشخصية عبر خطابات رنانة  على الفضائيات.
إيران أزالت الشعارات المعادية للولايات المتحدة الأميركية، لكنها وضعت تساؤلا جديدا اتضح للبعض وسيتضح في المستقبل للبقية. السؤال: من هو العدو الجديد لإيران؟ من العدو المشترك لإيران والولايات المتحدة؟ “الشيطان الأكبر”؟ حتى استطاعتا أن تتفقا؟ ومن الذي جعل الثورة الإسلامية العالمية بفروعها المنتشرة في العالم تجالس الشيطان الأكبر؟ هل أصبحت اميركا عضواً في المحور الجديد للممانعة والمقاومة؟
وكلنا نعرف خطابات قادة الثورة الإيرانية، واهمها شعار: “كل مصائبنا من أميركا وإسرائيل”، “أميركا الشيطان الأكبر”، “أمريكا لسنا نهاب، أميركا أم الإرهاب”، أكثر من ذلك ان قائد الثورة صرح بوضوح أن “اليوم الذي تكون فيه مصلحة الأمة تتوافق مع مصلحة أميركا، على الأمة أن تراجع نفسها فمن المؤكد أن هناك خلل كبير”.
نعم إنه خلل كبير، بل إنها جريمة أن تصبح أميركا، الراعي الأول لبقاء الكيان الإسرائيلي، حليفة الثورة التي قامت لمحاربة هذا الكيان. أن تصبح حليفة الجمهورية الإسلامية الإيرانية العدو الأول، وفي معظم الخطابات العدو الأوحد والأكبر، للأمة الإسلامية. إنه الخلل أن تحارب في الواجهة الكيان الإسرائيلي وترفع أسهم تأييدك الداخلية والخارجية مستعيناً بذلك، بينما أنت تتحالف مع من يحافظ على هذا الكيان، بل والذي يجعل حمايته من أولويات سياساته العالمية والمحلية. إنه الخلل حين تقول إن التعامل مع العدو جريمة وتحلل لنفسك أكثر من التعامل. بل هو الخلل حين تحارب العدو في مكان وتطبل وتزمر له في مكان آخر وبحفاوة الضيف الكريم.
باختصار لنرسم الخارطة الجديدة: إسرائيل باقية من خلال أميركا، وأميركا تتحالف مع إيران، وإيران تدعم بشار الأسد، والأسد لا يمانع إبادة الإخوان والـ”الإسلاميين”، ما يتفق مع قائد الإنقلاب في مصر الفريق عبد الفتاح  السيسي الذي يحارب الإسلاميين والإخوان، الذين تحاربهم أميركا ومعها إيران وبشار الأسد. إذاً عرفنا المحور الجديد المقاوم والممانع، لكن يقاوم من؟ ويمانع من؟
وببساطة لننظر الى من تبقى. لننظر ونسأل من يحارب إسرائيل من جهة ومن يحارب من جهة أخرى الدكتاتوريات العربية الرابضة على صدور الشعوب ومعها على صدر القضية الفلسطينية؟ ستكتشف أنه أنا وأنت ونحن وكل من يريد زوال الكيان الإسرائيلي وكل ملتزم بدينه وكل من يريد حلاً للقضية المركزية للأمتين الإسلامية والعربية وكل ثائر هم محور جديد بوجه المحور الإيراني الأميركي الإسرائيلي الأسدي. فلا تستغرب السياسة التي ينتهجونها حيث الأولوية للمصالح، وحيث الأسلوب هو الأرقام والأوراق وليس كما نعتقد أنه الأمل والحل الآتي من إيران ولا هو توازن القوى بين محور يدعي المقاومة والممانعة.
الخاسر الأكبر هو مصداقية وشعبية هذا المحور القديم، وطبعاً معه أدواته ويضاف إليهم الضائعين بهويتهم. فهم مرة يريدون أن يكونون عربا وألف مرة يطعنون بقوميتهم. أما في المركز الثاني على سلّم الخسارة فنأتي نحن وكل الشعوب الثائرة، إذا لم تعرف كيف توحّد صفها، تغير أدبياتها، تقرر مصيرها وتنتهج التخطيط ضد المحور الجديد.
السابق
خطوات على طريق اصلاح عاشوراء
التالي
ورشة تدريبية على التسامح: أكثر ما يحتاجه العرب حاليا