الشرق الأوسط: القضاء العسكري يلاحق علي عيد لدوره في تفجيري طرابلس

كتبت “الشرق الأوسط” تقول: أكد مصدر متابع لمسار التحقيقات في قضية تفجيري مسجدي السلام والتقوى، اللذين هزا مدينة طرابلس (شمال لبنان) خلال شهر أغسطس (آب) الماضي لـ”الشرق الأوسط” أمس، أن ملف النائب العلوي السابق علي عيد “بات الآن في متناول القضاء العسكري”، بعد أن أجرت “شعبة المعلومات” التابعة لـ”قوى الأمن الداخلي” التحقيقات الأولية. وقال إن “ذرائع عيد عن عدم ثقته بـ(شعبة المعلومات) قد سحبت”، وذلك على خلفية إعلان الأخير أنه لن يلبي استدعاء “شعبة المعلومات” للتحقيق معه حول دوره في تفجير المسجدين وتهريب مطلوبين للعدالة تجنبا لملاحقتهم، بذريعة أن “لا ثقة له بها، وتاريخها غير مشرف، خصوصا مع حلفاء سوريا”.
وتزامنت التطورات على الصعيد القضائي مع إشارة قناة “الجديد” اللبنانية مساء الاثنين الماضي، إلى استقدام “دبابات سورية إلى خلف ساتر ترابي في محلة حكر الضاهري الحدودية المقابلة لمنزل عيد في عكار”، في مؤشر لدعم عيد، الذي سبق أن أعلن بعد استدعائه للتحقيق من قبل “شعبة المعلومات” أنه “جندي صغير لدى الرئيس السوري بشار الأسد”. لكن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، مروان شربل، نفى لـ”الشرق الأوسط” صحة هذه الأنباء المبالغ فيها، في حين لم يصدر أي نفي أو تأكيد من قبل “الحزب العربي الديمقراطي”.
وفي سياق متصل، قال مصدر محلي ميداني في منطقة وادي خالد الحدودية لـ”الشرق الأوسط” إن “حشد الدبابات السورية قبالة الحدود اللبنانية بات مشهدا طبيعيا يتكرر منذ نحو عامين، ولا علاقة له بمعارك جبل محسن ولا بمعركة القلمون، وفق ما تروج له وسائل الإعلام”. وأشار إلى أن “القوات السورية تعمل على تشييد ساتر ترابي وعلى تسييج الحدود بأسلاك كهربائية، وتقوم بتعديات شبه يومية على الحدود اللبنانية”.
وأشار المصدر المواكب للتحقيقات، في تصريحاته لـ”الشرق الأوسط”، إلى أنه على عيد الآن أن “يمثل أمام قاضي التحقيق العسكري الأول وأن يدلي بإفادته ويدفع عن نفسه الاتهامات المسوقة إليه في حال عدم صحتها”. وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، قد تسلم من “شعبة المعلومات”، محاضر التحقيقات الأولية التي أجرتها أخيرا في ملف تفجيري مسجدي السلام والتقوى في 23 أغسطس الماضي، الذين أدا إلى مقتل 50 مصليا وإصابة أكثر من 500 آخرين. وادعى صقر بعد دراستها على عيد ومرافقه الموقوف أحمد محمد علي، بجرم إخفاء شخص مطلوب للعدالة، وهو أحد عناصر “الحزب العربي الديمقراطي” ويدعى أحمد مرعي، ومتهم بتفجير السيارة المفخخة أمام مسجد التقوى وتهريبه إلى سوريا، وذلك سندا إلى المادة 222 من قانون العقوبات التي تنص على عقوبة السجن لمدة سنتين.
ولفت المصدر ذاته إلى أن “التحقيق القضائي سيسلك طريقه القانونية المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية، بحيث إن قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، وبعد أن يستجوب الموقوف أحمد علي ويصدر مذكرة وجاهية بتوقيفه، سيحدد موعدا لاستجواب عيد ويرسل مذكرة جلب (استدعاء) سيتبلغها الأخير وفقا للأصول، وفي حال لم يمتثل ولم يحضر إلى التحقيق، يصار إلى إبلاغه لصقا ومن ثم تصدر مذكرة توقيف غيابية بحقه، وهذا الأمر ينسحب أيضا على المدعى عليهما الآخرين سكينة إسماعيل وشحادة شدود”. وعلى خلفية إعلان عيد أنه لن يتجاوب مع استدعائه للتحقيق، وإشارته إلى “مؤامرة” على الطائفة العلوية، تعهد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، أمس، بأن يكون إدلاء عيد بإفادته أمام “القضاء المختص”، داعيا إياه إلى “الحضور أمام قاضي التحقيق لسماع إفادته طالما ينفي علاقته بأحد الموقوفين المشتبه فيه بتسهيل فرار أحمد مرعي المتهم بتفجير مسجد التقوى”.
وشدد ميقاتي، في تصريحات أمام زواره أمس، على أن “الطائفة العلوية الكريمة جزء من النسيج الطرابلسي، والاتهامات ليست موجهة إليها”. وقال: “لا أرى مبررا لهذا الصخب الذي نشهده في الموضوع ما دام القضاء وضع يده على الملف”.
من جهة أخرى، أعلن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أنه لن يوافق على طلب تقدم به “الحزب العربي الديمقراطي” عبر محافظ الشمال ناصيف قالوش أمس، وطلب فيه السماح بمظاهرة ينظمها مع “المجلس الإسلامي العلوي” إلى ساحة عبد الحميد كرامي ولا بطلب إقامة صلاة الجمعة في الساحة عينها. ولاقت الأنباء عن نية “الحزب العربي الديمقراطي” تنظيم مسيرة “من أجل المصالحة” في مدينة طرابلس، خشية المسؤولين الرسميين من وقوع صدامات أو مواجهات ذات طابع مذهبي. واكتفى وزير الداخلية بالقول لـ”الشرق الأوسط”: “أسباب رفضي معروفة”، في حين حمل رفعت عيد، نجل النائب السابق علي عيد، القوى الأمنية، في تصريح أول من أمس: “مسؤولية الدماء” التي ستسقط في حال الاعتداء على المسيرة السلمية.
وفي سياق متصل، قال المسؤول الإعلامي في “الحزب العربي الديمقراطي”، عبد اللطيف صالح، لـ”الشرق الأوسط”: “لا أحد يريد حلا جذريا في طرابلس”، مؤكدا “إننا لن ننجر لأي صدام مع أحد، لكن الرسالة وصلتنا، وهم لا يريدون تحقيق المصالحة، ولا يريدون أن يقولوا: كفى دماء”. وربط صالح بين دعوة عيد إلى تنظيم مسيرة سلمية من جبل محسن إلى طرابلس وتوقيت صدور بلاغ البحث والتحري، وكرر ما سبق أن أعلنه رفعت عيد لناحية أن “الدخان الأبيض سيخرج من جبل محسن”، مؤكدا “إننا لسنا بوارد الصدام مع الدولة اللبنانية”.
وقال صالح إن “التاريخ سيسجل أن (الحزب العربي الديمقراطي) والطائفة العلوية حافظا على السلم الأهلي”. وقال إن حزبه “يمنع بكل السبل اندلاع فتنة مذهبية وحرب أهلية في لبنان، رغم محاولات جره إليها، وآخرها من خلال إصدار بلاغ البحث والتحري”.

السابق
الحياة: القضاء العسكري يدعي على علي عيد
التالي
حمدان: لرفع الظلم عن الناس بتشكيل حكومة