لبنان وجنيف 2: العرس قبل العريس

بدت الخلاصة التي خرج بها الموفد الاممي الاخضر الابرهيمي من زيارته للبنان التي استغربها كثر لاعتقاد ان لا شيء يبررها، اللهم باستثناء اللياقة البروتوكولية المتصلة بانتقاله من سوريا واليها عبر العاصمة اللبنانية، ووفق ما اعلنها بنفسه، هي رغبة المسؤولين اللبنانيين في المشاركة في مؤتمر جنيف 2 المفترض للتوصل الى حل للازمة السورية .

 

واثارت الحملة الرسمية التي استبقت الزيارة ورافقتها، مبررة الحماسة اللبنانية للمشاركة، التساؤل من زاوية ان احدا من الافرقاء اللبنانيين لم يقل بعدم مشاركة لبنان وإن كانت هناك تحفظات عن احتمال تمثيل وزير الخارجية لبنان في المؤتمر مع سوابقه في الخروج على تعليمات السلطة والحكومة في الاجتماعات العربية. وكذلك ان اعلان لبنان رغبته في تلقي الدعوة الى المؤتمر في حين كان الابرهيمي يعلن ان انعقاد المؤتمر لا يزال ينتظر موافقة المعارضة السورية على المشاركة فبدا لبنان كأنه يرغب في حضور العرس قبل موافقة العريس على ان يكون جزءا منه او طرفا فيه. والزاوية السياسية، بدا لبنان بالنسبة الى مراقبين كثر وعلى نحو لافت، مستبقا موقفا عربيا كان سيتقرر في نهاية الاسبوع، والبعض يقول استبق موقفا سعوديا او خليجيا من المشاركة في ضوء غموض ما يمكن ان تقرره المملكة السعودية في هذا الاطار، وبعد زيارة وزير الخارجية الاميركية جون كيري للرياض في محاولة لرأب الصدع في العلاقات الاميركية – السعودية. فيما بدا لمراقبين اخرين ان لبنان قد يكون يتعرض لضغوط من اجل المشاركة، باعتبار ان النظام السوري ومعه ايران يريدانه حكما الى جانبهما من ضمن المحور الذي يشكلانه، وان الكلمة التي يفترض ان يلقيها ممثل لبنان، ايا يكن، خلال سبع دقائق وفق ما افادت المعلومات التي تحدثت عن تخصيص كل وفد بكلمة لسبع دقائق، يمكن ان تخدم هذا المحور بطريقة او باخرى.

تعتبر مصادر في المعارضة ان الكلام الذي ادلى به رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي في هذا الاطار فحواه ان لبنان سينتظر الدعوة التي قد توجه اليه للمشاركة، وفي ضوء مضمونها، يؤخذ القرار بالمشاركة او عدمها هو توجه سليم ولا يمكن المزايدة عليه. اذ ان الدعوة لم توجه بعد وليس واضحا امكان انعقاد المؤتمر من عدمه وما الهدف التفصيلي منه ومن سيحضره او توجه الدعوة اليه عربيا او اقليميا، وما اذا كان سيشمل دول الجوار السوري ام لا كما حصل في مؤتمر جنيف 1، بحيث ان الهجوم على مشاركة لبنان تأييدا او رفضا مسبقا هو في غير محله. يضاف الى ذلك جملة امور من بينها في شكل اساسي استبعاد عدم رغبة المعارضة لا في مشاركة لبنان في المؤتمر، خصوصا في حال وجهت الدعوة الى كل دول الجوار المعنية بالازمة اللبنانية باعتبار ان لبنان لا يمكن الا أن يكون بين هذه الدول. وهذا منطق مبدئي سليم يناقض المنطق الذي يسوقه البعض من تبرير للمشاركة بأن لبنان معني بالمؤتمر من زاوية التداعيات التي يعانيها من الازمة السورية. فهذا المنطق ليس في محله وهو سبب خاطىء اذا كان هذا هو مبرر المشاركة في مؤتمر جنيف 2. اذ ان المؤتمر وفق ما هو معلن عنه حتى الان لا يتصل بموضوع اللاجئين او الازمات التي تصدرها سوريا لجيرانها، بل يتصل بموضوع التوصل الى حل للازمة السورية وربما كان يتعين على المسؤولين تظهير التمييز بين المشاركة في التعبير عن الرغبة في المشاركة وبين تأييد انعقاد المؤتمر من باب تأييد الحل السياسي للازمة السورية. حين يتسلم لبنان الدعوة رسميا ويحدد مضمونها يتم البت بها وعلى اي مستوى يمكن ان يشارك لبنان، نظرا الى انه يتم التمثيل عادة على مستوى ما هو مقرر لكن يمكن الا يحصل ذلك، فيمثل سفير بلاده مثلا في اجتماع وزراء خارجية او غير ذلك ويمكن ان يتفق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المستقيلة على من سيمثل لبنان ومضمون الكلمة التي سيلقيها. لكن حضور المؤتمر شيء والكلام فيه شيء آخر اذا كانت هناك مناقشات في المؤتمر.

السابق
استشهاد كمال حدرج من الغسانية
التالي
المالكي لأوباما: أنا حليفك!