الجمهورية: الإبراهيمي إستطلع إمكان مشاركة لبنان في جنيف 2

كتبت “الجمهورية ” تقول : خرقت زيارة الموفد الأممي – العربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي لبيروت رتابة المشهد السياسي الذي يدور في حلقة مفرغة تراوح بين صيغ حكومية رقمية ما زالت حبراً على ورق، وبين جولات أمنية في طرابلس، إلّا أنّ هذه الزيارة التي تندرج في سياق التحضير لـ”جنيف 2″ أثارت إشكالية جديدة بين اللبنانيين حيال جدوى مشاركة لبنان فيه ومعارضة قوى 14 آذار ترؤس وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور الوفد اللبناني إليه. ولكنّ اللافت تأكيد مصدر في الوفد المرافق للإبراهيمي لـ”الجمهورية” أنَّ “الإدارة الأميركيَّة تعتبر أن لا تسوية في سوريا من دون السعودية”، وذلك عشيّة زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري للرياض، حيث ستتصدّر العلاقات الأميركية-السعودية والملف السوري جدول المحادثات.
إستطلع الموفد الأممي الأخضر الإبراهيمي من المسؤولين اللبنانيين إمكان مشاركة لبنان في مؤتمر جنيف من غير أن يحمل معه دعوات، كون تاريخ انعقاده لم يحدّد بعد، لكنّه استشفّ منهم رغبة في المشاركة، مشيراً في هذا الإطار الى انّ المسؤولين يؤيّدون فكرة انعقاد المؤتمر ويحبّذون توجيه الدعوة لهم. لكنّ رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي أوضح أنّ “لبنان يؤيّد عقد مؤتمر “جنيف 2″ وسيتّخذ قراره بالمشاركة أو عدمها في ضوء توجيه الدعوات إليه”.
وقد أكّد الابراهيمي الذي يغادر لبنان قبل ظهر اليوم أنّ جولته التحضيرية للمؤتمر الدولي لن تشمل السعودية، لافتاً إلى أنّ “داعش” غير مهتمة بالمؤتمر، ونبّه من خطورة الأزمة السورية التي تهدّد كلّ المنطقة، مشدّداً على أنّ الحلّ العسكري في سوريا غير ممكن، والحلُّ سياسيّ.
ونفى الإبراهيمي، في دردشة مع “الجمهورية”، أن يكون بحثَ مع المسؤولين اللبنانيين في الغارات الإسرائيليّة على اللاذقية ومنطقة جبلة السوريَّة أمس الأوَّل”، والتي كانت أشارت تقارير إلى أنّها استهدَفت صواريخ في طريقها إلى النظام السوري و”حزب الله”.
وعزا مصدر في الوفد المرافق للابراهيمي عدم دعوة لبنان الى “جنيف – 2″ إلى عدم نضوج المؤتمر بعد”، مرجّحاً تأجيله، وقال لـ”الجمهورية” إنَّ “الإدارة الأميركيَّة لا تنتظر فقط إقناع المُعارضة السوريَّة بضرورة المُشاركة فيه، بل تنتظر أيضاً كسر الجليد في علاقتها مع السعودية، لأنّها تعتبر أن لا تسوية في سوريا من دون الرياض”.

برّي
وفي معلومات لـ”الجمهورية” انّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي شدّد امام الإبراهيمي على ضرورة دعوة لبنان الى “جنيف 2″. وقد أشاد الأخير بموقف النظام السوري وتسهيله كلّ ما يؤدي الى إنجاحه، وأنّه سيشارك في المؤتمر لتنفيذ كلّ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، على رغم عدم حماسته للتحاور مع المعارضة.
وفُهم من محادثات الإبراهيمي أنّه ذكر أمام المسؤولين اللبنانيين أنّ هناك فكرة لأن تشارك المعارضة في المؤتمر عبر ثلاثة وفود، إلّا انّهم نُصحوه بعدم القبول بها، بل ان تتمثّل المعارضة بوفد موحّد، لأنّ من شأن هذا الأمر أن يؤدّي الى حصول مزايدات بين هذه الوفود، يستفيد منها في النهاية المتطرّفون.
كذلك فُهم أنّ مصر والجزائر ستكونان على لائحة المدعوّين الى المؤتمر. وهنا أكّد لبنان للإبراهيمي أحقّيته بأن يُدعى إليه كونه معنيّاً أكثر من غيره بتداعيات الأزمة السورية عليه.

النظام والمعارضة
لكنّ مصادر اطّلعت على جوانب من لقاءات الإبراهيمي قالت لـ”الجمهورية” إنّه قصد لقاء المسؤولين اللبنانيين في طريق عودته من دمشق وليس قبل ان يزورها، بعدما استشعر أنّ “هناك من ينتظره على الكوع” في العاصمة السورية ليحاسبه على كلّ كلمة يقولها.
وأوضحت أنّ المسؤولين اللبنانيين لم يُفاجأوا بالعرض الذي تقدّم به الإبراهيمي في حديثه عن العوائق التي حالت دون الإحتفاظ بالموعد المبدئي للقاء “جنيف 2″، فهُم كانوا في أجواء المواقف الإقليمية والدولية الضاغطة والشروط الشروط المضادة التي عطّلت جوانب كثيرة من المبادرات التي كان يبحث عن الظروف الفضلى للوصول اليها، وهي شروط أدّت الى نسف كثير من الأفكار التي كانت مطروحة، بعدما تساوت مواقف النظام والمعارضة في تعطيلها.
وقالت المصادر إنّ الإبراهيمي عبّر عن إنزعاجه من بعض مواقف النظام والمعارضة معاً، وهي ما اعتبرها إذعاناً لحلفاء هذا الطرف أو ذاك، لكنّه لم يقطع الأمل من إمكان الوصول الى تثبيت بعض الأفكار في جدول اعمال المؤتمر، ما قد يسمح بالدعوة اليه، شرط حضور الطرفين النظام والمعارضة، ولن يكون مثل هذا المؤتمر من دون هذين العنصرين و”إلّا فمَن يحاور مَن؟!”.
وفي جانب آخر من اللقاءات، سأل الإبراهيمي عن الموقف اللبناني إذا ما وُجّهت الدعوة إليه كما إلى دول الجوار السوري المؤثّرة والمتأثّرة بما يجري في سوريا، فردّ الجانب اللبناني بشكل موحّد بأسئلة عدّة أبرزها عن مضمون جدول الأعمال، ومَن هي الدول التي ستوجّه اليها الدعوة وتلك التي ستحضر، وصولاً إلى ما هو مقترح من أوراق عمل مسبقة إن وُجدت.
وسمع الإبراهيمي ايضاً كلاماً يقول إنه ليس لدى لبنان اعتراض على المشاركة، فهو بات من ساحات المواجهة السورية بشكل من الأشكال، وتلقّى تداعياتها السلبية أمنيّاً واقتصادياً وإنسانيا واجتماعياً، وتهجيراً لما يزيد على المليون ونصف المليون مهجّر، وقد ألقى حجم النازحين بثقل تنوء تحته دول لها قدرات تفوق القدرات اللبنانية بكثير.

منصور
في هذا الوقت، اعتبر منصور أنّ من حقّ وزير الخارجية المشاركة في مؤتمر “جنيف 2″، معتبراً أنّ اعتراض 14 آذار على تمثيله لبنان نابعٌ من خلفية سياسية معيّنة، ودعاهم إلى الوثوق به لأنه اعتبر منذ البداية انّ الحلّ في سوريا لن يكون إلّا سياسيّاً. وقال: “إنّ وزارة الخارجية ليست لفئة أو جهة أو حزب، بل تمثل السياسة اللبنانية التي ترسمها الحكومة”، وأشار إلى انّ “الدولة اللبنانية لم تتدخّل منذ البداية بالشأن الداخلي السوري ولكن للأسف، الفريق الآخر لم يتبع سياسة النأي بالنفس”.

مصدر ديبلوماسي لـ”الجمهورية”
في الموازاة، قال مصدر ديبلوماسي لبناني لــ”الجمهورية”: أوّلاً، إنّ مشاركة لبنان او عدمها في مؤتمر “جنيف 2” تتوقّف على مضمون الدعوة وخلفيتها وهوية المشاركين. وقد تسرّع منصور حين انبرى معلناً انّ لبنان سيشارك، في حين قال ميقاتي إن لبنان سيتّخذ قراره في ضوء توجيه الدعوة.
ثانياً: إنّ رئيسي الجمهورية والحكومة هما من يقرّران مستوى التمثيل، وذلك ردّاً على اعلان منصور انّه هو من سيمثل لبنان في المؤتمر، وإذا كان التمثيل على مستوى وزير فبطبيعة الحال وزير الخارجية هو من يمثّل، لكن في الوقت نفسه يعود للرئيسين تقرير مستوى تمثيل لبنان، وما إذا كان مستوى عالياً أم منخفضاً، فلا شيء يقول إنه مفروض عليهما أن يتمثّل البلد بوزير الخارجية.
ثالثا: أداء الوزير منصور ـ وهذا ليس افتراءً عليه ـ دلّ بشكل ثابت عل أنّه يمثّل رأياً سياسيّا لجزء من الحكومة، ما دفع الرؤساء في محطات معيّنة إلى أن يقولوا له: “إذهب وشارك، لكن من غير ان تتحدّث”. وهذا واقع حصل في السنتين الاخيرتين، وبالتالي إنّ تخوّف البعض من ذهابه مبنيّ على تاريخه في خلال السنتين الاخيرتين، وتحديداً في اجتماعات الجامعة العربية عندما انبرى واتّخذ مواقف وكأنّ الوزير السوري من يتكلم.
وأضاف المصدر: بحسب معلوماتنا، إذا عُقد المؤتمر سيكون لكلّ وفد كلمة لا تتعدّى الدقائق السبعة على ابعد تقدير، ومن ثم يتحاور وفدا المعارضة والنظام مع بعضهما البعض، ولكن لنكن واقعيين، لا مناخات لحصول ذلك، خصوصاً بعد حديث النظام عن انتصارات وهمية وشروطه للمشاركة، والمتمثلة بوقف الاعمال العسكرية والمساعدات، ما يدفع بالمعارضة الى معارضة توقيت المؤتمر.

كيري
وعلى صعيد آخر، شدّد المصدر على اهمية زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى الرياض غداً، وقال إنّ المحادثات بين الطرفين هي بحدّ ذاتها حدث مهمّ، لا سيّما وأنّها تأتي بعد اللقاء اليتيم الذي حصل بين كيري ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل منذ بداية توتّر العلاقات بين البلدين.
وإذ أكّد المصدر انّه لا نستطيع ان نتوقع نتائج لقاء الرياض مسبقاً، أشار الى انّ لدى السعودية مآخذ عدة من مواقف الامم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا إزاء ما يحصل في سوريا، وهي ترى انّ المجتمع الدولي، مع مؤتمر جنيف او من دونه، يدفع النظام السوري الى التصرّف بهذا الشكل”.

طرابلس
على صعيد آخر، وفيما الأنظار كانت شاخصة الى طرابلس، في ضوء رفض رئيس “الحزب العربي الديموقراطي” علي عيد المثول امام فرع المعلومات للتحقيق معه في تفجيري المسجدين، نقل نوّاب طرابلس الى سليمان وميقاتي صورة الواقع الميداني في المدينة، فيما تابع برّي الوضع في طرابلس من خلال اتصالين هاتفيّين تلقّاهما من النائب سمير الجسر والمدير العام لقوى الأمن الداخلي السابق اللواء أشرف ريفي.
وطلب نواب طرابلس بأن يكون الجيش والقوى الامنية أكثر تشدّداً في ملاحقة المرتكبين والمُخلّين والمعتدين على الأملاك العامة والخاصة الى أيّ جهة أو طرف انتموا، مؤكّدين أن لا غطاء لأحد على هذا الصعيد.
وأكّد ميقاتي انّه “لا يمكن لأحد أن يعتبر نفسه أقوى من الدولة، ومهما حصل، فإنّ سلطة الدولة أقوى من الجميع، ويجب أن يكون الجميع تحت القانون”.

الدولة على المحكّ
وقالت مصادر نيابية طرابلسية لـ”الجمهورية” إنّ الدولة على المحكّ في طرابلس، لأنّ عجزها عن التحقيق مع عيد سيساهم في مزيد من ضرب صورتها وهيبتها ودورها وحضورها، والأخطر أنّه يؤدّي إلى تفلّت الأمن وتجدّد العنف، حيث سيعتبر البعض أنّ عجز الدولة عن تحصيل حقّه في توقيف المشتبه بهم في تفجيري طرابلس سيدفعه إلى تحصيل حقّه بنفسه، خصوصاً أنّ المقارنة بين المُتّهمين الخمسة في اغتيال الشهيد رفيق الحريري وعيد لا تجوز، كون الخمسة متوارين عن الأنظار، فيما عيد معلومُ مكانِ الإقامة، ويواصل تحدّي الدولة عبر مواقفه السياسية والإعلامية، كما استفزاز الطرابلسيين.

إسرائيل و”حزب الله”
وفي مجال آخر، وبعد المعلومات المسرّبة أميركيّاً عن استهداف إسرائيلي لصواريخ تابعة للنظام السوري و”حزب الله”، أعلنت اسرائيل انّها معنيّة بمنع الحزب من حيازة قدرات قد تلحق بها أضراراً فادحة جدّاً.
وقال رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد: “إنّ “حزب الله” يحاول التعاظم والتزوّد بأسلحة موجّهة ضد إسرائيل”، مشيراً إلى انّه “ليس للرئيس اللبناني أيّ علم على الإطلاق بما يدخل الأراضي اللبنانية من معدّات حربية”. ورفض التعليق على الغارة الجوّية في سوريا، والتي نسبتها وسائل الإعلام إلى إسرائيل.
وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” ذكرت “أنّ تسريب الولايات المتحدة معلومات مفادُها أنّ سلاح الجوّ الإسرائيلي هو الذي أغار على موقع في الأراضي السورية وقصفه، جعل مسؤولين كباراً في القدس يستشيطون غضباً”.
وأضافت أنّ التقديرات هي أنّ هذه الصواريخ كانت ستنقل من سوريا إلى “حزب الله” في لبنان. ونقلت الصحيفة عن مصادر في الحكومة الإسرائيلية قولها إنّ “هذه التسريبات تعبّر عن مخاوف الولايات المتحدة من إشعال حريق إقليمي” وأنّ التخوّف الأميركي هو من أنّ الرئيس السوري بشّار الأسد، “سيشعر أنّه لا يمكنه تجاهل الغارة وأنّه في هذه المرحلة أو في وقت لاحق سينضمّ إليه “حزب الله” وربّما إيران أيضا”.
وقالت الصحيفة إنّ الصواريخ التي تمّ قصفها في الأراضي السورية “تشكّل خطراً على الطيران الحربي الإسرائيلي الذي يحلّق باستمرار في الأجواء اللبنانية، وأنّها “ستشكّل خطراً على حرّية تحليق سلاح الجوّ الإسرائيلي إذا ما وصلت إلى أيدي حزب الله”.

السابق
الأخبار: لبنان بلا انترنت غداً ابحثوا عن عبد المنعم يوسف
التالي
البناء: الإبراهيمي.. لا دعوات ولا مواعيد لـجنيف ـ 2