ايفا غزال: وساطات على دم شرفها

ايفا غزال
لم تٌرَقِ الدماء حول قضية ايفا غزال. ولم يسلم الشرف الرفيع من الأذى. البيت الشعري "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى / حتى تراقُ على جوانبه الدمُ" لا يصلح هنا. وساطات ورجال دين وفعاليات تريد أن تمحو الدماء الوحيدة التي سالت، دماء شرف طفلة اغتصبت بدل دين والدها، كما في أيام الجاهلية.

انتهت قضية الطفلة إيفا غزال (13 عاما)، من بلدة جويا قضاء صور في الجنوب، وعادت الى منزل والديها بعد فترة من العلاج النفسي في مركز اجتماعي. ستعود ايفا الى حياتها الطبيعي؟ ربما لا، بعد كل ما عانته من خطف واغتصاب على يد حسين حسن مشيك من منطقة بعلبك. مرحلة ما بعد الصدمة ستعيشها إيفا بين كتبها وأقلامها ودفاتر تلوينها، وذكريات القسوة في اختطافها ونقلها الى منطقة لا تعلم عنها شيء، واجبارها على القيام بعلاقة جنسية كاملة مع جارها، على خلفية خلاف مادي مع والدها، ليبرر بعدها انه مغرم بها.

اكدت المحامية بشرى الخليل، التي توكّلت عن الطفلة، الملف ان “المفتي الجعفري نظر بعقد الزواج على فتاة غير راشدة، وبدون هوية، وبغياب وليّ أمرها وبالتالي أبطل العقد”. أما فيما يتعلق بالشيخ حسن المولى، فأشارت الخليل في مقابلة مع “جنوبية” الى ان المتهم – الشيخ “يواجه 3 دعاوى، وهي الاشتراك في جرم الخطف والمشاركة بتحليل الاغتصاب، ومخالفته الشرع والفقه وتزويج غير راشدة”. وأكملت انه “في حال ثبوت الجرمين الاولين فالعقوبة قد تصل الى الاشغال الشاقة، والتهمة الثالثة يعاقب عليها باعتبارها جنحة”.
وأكملت الخليل ان “الطبيب الشرعي الدكتور حسين شحرور كشف على ايفا وأكد حصول علاقة زوجية كاملة منذ حوالي 20 يوما أي في نفس اليوم الذي اختطفت فيه”. وأضافت: “هناك مساع تجري وتحاول عشيرة الشاب توظيف الوجهاء والمراجع الشيعية وفعاليات شيعية كبيرة في البقاع والجنوب لإصلاح الامور، وتزويج الفتاة للشاب بشكل رسمي ووفقا لشروط عائلتها إلا ان الاب لا يوافق”.
وختمت قائلة: “من الصعب على مجتمعاتنا تقبل مثل هذه الامور، ومن غير الوارد ان يتم تخطي العادات المتوارثة في الزواج، التي تحتاج الى موافقة الاهل حتى لو تخطّت الفتاة الثلاثين من عمرها، وهذه الطقوس موجودة منذ الازل”. وأضافت: “المتهمين من آل مشيك يتم ملاحقتهم من قبل القضاء، وسوف يقبض عليهم ويحاكمون”.

إيفا عادت الى منزلها في المعمورة، وهي ستعيش مأساة حقيقية كلما لامس جسدها الرقيق شراشف سريرها. هي جريمة موصوفة، لا يمكن ان تكون غير ذلك، ولا يمكن ان تحل بتزويجها من المعتدي عليها فقط لانه الرجل، على قاعدة انها الحلقة الاضعف. إيفا هي الحلقة الاقوى لان قضيتها فتحت أمام الرأي العام خطورة الفلتان الامني والاستهتار بحقوق الانسان، وبسهولة تخطي العادات والمعتقدات تحت شعار الذكورية و”الحب” والعشيرة.

من جهته أكد والد الفتاة حسين غزال ان “الخاطفين ارعبوا ايفا وهددوها إذا بترجع على بيت أهلها بيقتلوها”، وأكمل: “لن أقبل بزواجها لو شو ما صار ومين ما دخل بالصلحة لانه لي بيعمل هيك بعيدها مية مرة”. وأردف: “هذه ليست المرة الاولى التي يقوم  بهذا الفعل فمن شهرين كان مغروما بفتاة وخطفها كمان”.
وأكد الوالد انه “ماضِ بالدعوى القضائية حتى ناخذ حقنا بالقانون”.

إهكذا مرّة جديدة، بعد الأب المونسنيور منصور لبكي، يتخذ رجال دين، هذه المرة من الطائفة الشيعية، صفة الشيخ والوكيل ليسمحوا لأنفسهم ولمن شاء بمخالفة الأخلاق والقانون، قبل الدين وشرع الله والأعراف، كذلك لمخالفة شرعة حقوق الانسان والطفل. قضية إيفا ليست الاولى في مجتمع ذكوري عشائري، ولن تكون الاخيرة في ظل الهمجية الحاصلة وسيطرة قانون “كل من ايده اله”.

السابق
كيف تآمروا على الله؟!
التالي
زهرمان: ما يحصل في طرابلس تهدئة ولا معالجة جذرية حتى الان