الثورة السورية ضدّ المحور الأميركي الإيراني

الولايات المتحدة لم تساعد يوما الثوار السوريين، بل منعت تسليحهم طوال الوقت، وكانت شريكة منذ البداية في حلف غير علني لاخماد الثورة السورية. فهل ستتقدّم الولايات المتحدة خطوة وتتساوى مع ايران من خلال ارسال جيوشها لمحاربة الثوار؟

كثيرون هم الذين راهنو على تدخل الولايات المتحدة الاميركية لانهاء الصراع السوري لمصلحة المعارضة والقضاء على النظام . لكن من يقرأ التاريخ والاستراتيجية السياسية الامريكية كان سدرك منذ البداية ان الولايات المتحدة لم تتدخل لصالح المعارضة وذلك لأسباب عدّة:

أولا: المعارضة السورية اتخذت منذ البداية طابعا اسلاميا له خلفية اخوانية، والاخوان نجحوا في مصر و تونس، وتحركوا في الاردن ونجاحهم في سوريا سيجعل نفوذهم أقوى على صعيد المنطقة، وسلوكهم في مصر وتونس لم يعط انطباعا جيدا لدى الولايات المتحدة حول مدى التزامهم بحماية امن اسرائيل والحفاظ على المصالح الغربية.

ثانيا: تخلي النظام السوري عن ترسانته الكيماوية، التي كانت يمكن تشكل سلاح ردع في وجه اسرائيل،مما يعني انصياع النظام السوري التام للسياسة الامريكية، والتزامه حماية أمن اسرائيل.

ثالثا: سوريا وصلت الى مرحلة الساحة الجاذبة للقوى الاسلامية كافة، ان كانت سنية أوشيعية، للاقتتال واستنزاف بعضها البعض بحرب طويلة الامد، تعمل على انهاك الجميع وزيادة الشرخ الطائفي في جسم الامة الاسلامية.

رابعا: التلميح الايراني للولايات المتحدة بإمكانية فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الدولتين من خلال انتخاب روحاني وكلامه عن الاصلاح والانفتاح على الغرب، والتعامل بمرونة في ما يخص الملف النووي من خلال فتح مواقع تخصيب اليورانيوم أمام المفتشيين الدوليين.

هذه الاسباب أعطت الولايات المتحدة ايحاءات للعمل على تغيير استراتيجيتها في المنطقة، خصوصا أنها كانت منذ البداية متخوفة من صعود الاسلام السياسي في الدول العربية .

كانت البداية مع قطر، فقطر الممول الاساسي للاخوان المسلمين، تغير الأمير وهدد النظام.

ثم مصر: مصر العمود الفقري للعالم العربي والمحور الاخواني الجديد، انقلاب أطاح بالاخوان، وقسم المحور الداعم للثورة السورية في العالم الاسلامي ما بين مؤيد للانقلاب ورافض له، مشتت الجهود والأنظار عن المشهد السوري والهائها ببعضها في المشهد المصري.

انقلاب مصر تبين لاحقا أنه ما كان لينجح لولا الدعم والتنسيق الخارجي، خصوصا الامريكي. فذكر مسؤول اميركي أن وزير الدفاع الأمريكي هاتف وزير الدفاع المصري السيسي عشية الانقلاب ثلاث مرات.

ومن الملاحظ أن بعد انقلاب مصر، تراجع تقدم الثوار السوريين على الارض في موازاة تباطؤ الحراك السياسي والدبلوماسي للمعارضة السورية في الخارج. واليوم تعد مصر الدولة الأولى من حيث التنسيق العسكري والأمني مع النظام السوري.

فانقلاب مصر جعل من الجبهة المساندة للثورة السورية جبهة ضعيفة غير متماسكة مختلفة في ما بينها وظهر هذا جليا بين السعودية وتركيا. فالعلاقات اليوم شبه منقطعة بين البلدين، أما في المقابل جعل من الجبهة الداعمة للنظام السوري أكثر قوة وتماسك، وأعاد اليها الأمل بالانتصار وأخذ المبادرة بالتقدم على الأرض بعد أن كادت تسلم بحتمية سقوط النظام.

أما الولايات المتحدة فتريد أن تحقق مصالحها من دون أن تتكلف فلس واحد، وهي تشعر اليوم أن المحور الايراني هو اقوى على الأرض، وأنها يمكنها أن تتحالف معه، خصوصا بعد أن قدم لها أوراقا مطمئنة، ان كان في تسليم الكيماوي السوري، أو المرونة في الملف النووي الايراني، أو اخيرا في نزع الشعارات المعادية للولايات المتحدة.

فالولايات المتحدة لم تساعد يوما الثوار السوريين، بل عملت بكد على عدم تسليحهم من خلال الضغط على جهات عربية واجنبية لعدم مد الثوار بالسلاح. فهي كانت شريكة منذ البداية في حلف غير علني لاخماد الثورة السورية، وايران وحلفاؤها لم يوفروا جهدا في دعم النظام ان كان ماليا أوعبر مده بالمقاتلين والسلاح.

لذا إيران كانت متقدمة خطوة على الولايات المتحدة في الحرب على الثورة السورية، ويبقى سؤال أخير: هل الولايات المتحدة ستتقدم خطوة وتتساوى مع ايران بارسال جيوشها لمحاربة الثوار؟

السابق
باسم يوسف.. أو ما تبقّى من ربيع العرب
التالي
زهرا: قوى 14 اذار لن تستسلم لشروط حزب الله