8 و14: وبدّلوا تبديلا

8 ,14
تصوّروا معي قريبا محاضرة يلقيها النائب نهاد المشنوق يشرح فيها "تفاصيل المؤامرة الاميركية" و"خطورة مشروع الشرق الاوسط الجديد على لبنان". وفي المقابل ندوة فكرية للحاج محمد رعد يلقيها داخل قاعة (الآي. يو. بي AUB) تحت عنوان: "الديانات الابراهيمية: أصالة واحدة "، يتحدث خلالها عن اهمية التسامح في الاسلام وضرورة السعي لاحقاق السلام في المنطقة.

 كنا لنشهد ربيعا حقيقيا ولا اروع في لبنان، دون اي ضربة كف ودون حتى الحاجة الى اقرار قانون انتخابات عصري جديد.. فقط لو ان التقارب الاميركي الايراني لم يحصل على حساب، او متزامنا مع ما يشبه، التباعد الاميركي السعودي.

ربما كان سيسهل علينا ويخفّ على مسامعنا وقع مصطلحات سياسية جديدة كنا لم نتعودها، صدرت طوال سنوات عن ألسنة سياسيي فريق الممانعة. وكان يمكن ان يساهم توحيد المصطلحات، حينها، في تخفيف وقع الصدمة لدى المستمع حال خروجها من افواه هؤلاء أنفسهم، في الآتي من الأيام. أفواههم التي ستبذل مجهودا لتعتاد على “اللغة الجديدة”.

إلا ان السفن لم تجرِ كما نشتهي نحن اللبنانيون. وهذا يعني ان مرحلة من تبدل الوقائع والمواقع قد تقع أو ربما هي وقعت فعلا ولم ننتبه بعد. بالتالي فإنّ ما سنشهده خلال المرحلة الآتية، وما تحمله من تبدل في الادوار، سيحمل تبدلا في الادبيات والمفردات والمصطلحات السياسية اليومية. تبدل ستفرضه “ضرورات المرحلة”، باللغة السياسية اللبنانية.

المؤشرات تدلّ الى اننا سنجد أنفسنا امام مشهد كاريكاتوري على مستوى الخطاب السياسي، من الفريقين. تصوّر معي محاضرة يلقيها النائب نهاد المشنوق يشرح فيها “تفاصيل المؤامرة الاميركية” و”خطورة مشروع الشرق الاوسط الجديد على لبنان”! وفي المقابل ندوة فكرية للحاج محمد رعد يلقيها داخل قاعة (الآي. يو. بي AUB) تحت عنوان: “الديانات الابراهيمية: أصالة واحدة “، يتحدث خلالها عن اهمية التسامح في الاسلام وضرورة السعي لاحقاق السلام في المنطقة!! أما في معراب فيجلس سمير جعجع وحوله مجموعة كبيرة من الصحافيين (ما عدا مراسل “المنار ” لأنّه “امبريالي” طبعا) وهو يسهب في شرح تنامي “خطر المشروع الصهيوني التوسعي واطماعه في المياه والثروة النفطية اللبنانية”!

أما في الرابية، وبعد انتهاء اللقاء الاسبوعي لتكتل التغيير والاصلاح، فيطل علينا الجنرال البرتقالي ليخبرنا عن حاجة لبنان الملحة الى “وجود رئيس جمهورية جديد يؤمن بالعولمة وتكون له صلات تاريخية وثيقة بالكونغرس الاميركي”! فيما وئام وهاب يعتبر، وسط حفلة الجنون الآتية علينا، أنّ “العقال الخليجي وصرمايتي سوا”، وأنّه لم يعد يخش من العدالة الدولية “بعدما تحررت من قبضة بندر بن سلطان العالمية”، وبات هو من يريد “العدالة”.

أما في اليوم العاشر من شهر محرم فيطل علينا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بلا حاجة لا الى شاشة عملاقة ولا حتى الى زجاج واق من الرصاص، ليتناول في “خطبة عصماء”، اكثر انفعالية من خطاباته السابقة كلها، تأكيدات الى البنانيين والامة العربية والاسلامية بـ”ضرورة تحرير مقدساتنا”. وهو يقصد، بالطبع، هذه المرة، تحرير الحرمين الشريفين “من رجس اتباع يزيذ وعمر بن سعد”.

وهكذا يبقى قدرنا نحن اللبنانيون ان تشنّف آذاننا الحان النشاز الناتجة عن خلافات سياسيين لا يجيدون الا الرقص على موسيقى الخارج. ولن تحمل الينا المرحلة الآتية الا مزيدا من التشرذم و”التعصّب” للمواقف الجديدة.

والثابت الوحيد أنّ فريقي 8 و14 قد بدلوا تبديلا.

السابق
انفجار في محيط موقع مرصد جبل الشيخ الإسرائيلي
التالي
فرعون: الفراغ في موقع الرئاسة بهدف الدعوة لمؤتمر تأسيسي هو مشروع فتنة