المربّع الذهبي بدلاً من المثلث الذهبي

“نحن دولة تحترم شعبها”… العبارة للسيد حسن نصرالله. والمعنى يقصد “دولة حزب الله” التي تستعيد مخطوفيها سواء من سوريا أو من اسرائيل. أما الدولة الاخرى، “دولة جميع اللبنانيين”، فلم تكلّف نفسها عناء تحديد مرجع رسمي لحل قضية المسجونين والمفقودين لدى النظام السوري منذ أعوام طويلة، وكأن هذا النظام امتنع عن التعاون في هذا الملف لأنه لم توجد “لجنة أو جهة معينة” لبنانية لمتابعته. ماذا عن انكار النظام وتضليلاته للجان أمنية قصدت دمشق بالفعل واستُخفّ بها ولم تُعطَ اجابات ولا ايضاحات؟ وماذا عن مراجعات رؤساء ورؤساء حكومات ونواب وسياسيين، وصولاً الى العماد ميشال عون الذي لم ينتزع خيراً ولا شراً في هذا الموضوع في عز الغزل بينه وبين بشار الاسد؟

ثم ان “احترام الشعب” لا يكون فقط باسترجاع الأسرى والمخطوفين، وهذا واجب، بل يكون أيضاً في الإحجام عن غزوات كـ 7 أيار 2008، وعن الإصرار على تكرارها لا لشيء إلا لأن البعض المسلّح من الشعب يريد مصادرة ارادة البعض الآخر، بل تقزيم الدولة وتجاوز الجيش وبالتالي مصادرة ارادة البلد. وطالما أن السيد نصرالله أعلن مساء الاثنين أن الأزمة في سوريا انتهت وأنه خرج منتصراً منها موزعاً الفرص الأخيرة على الفريق الآخر في الداخل، وعلى أربع – خمس في المنطقة، فما الذي يزعجه في مراهنة الآخرين على ما يجري في سوريا.

لكلٍ رهانه، ولا شيء انحسم في سوريا لمجرد أن نصرالله يعلن ذلك. فهو يعلم جيداً أن الأزمة بلغت الآن لحظة صعبة ولا تغيير جذرياً طرأ على الوضع الميداني، إلا اذا كان نصرالله مغتبطاً بنجاح خطة النظامين السوري والايراني بزرع “داعش” في مناطق المعارضة الى حدّ تحذير طرابلس بخطة مماثلة. ولكل أوهامه، فخلال العامين الأخيرين بشّر الأمين العام لـ “حزب الله” نفسه وجمهوره بالكثير من الأوهام و”المنامات”، وداس الكثير من الحقائق من دون أن يتمكّن من تغييرها سواء في لبنان أو في سوريا.

ففي لبنان لا يزال مصرّاً على أن يأتيه “الفريق الآخر” صاغراً مستسلماً معترفاً بالهزيمة وراضخاً للسلاح غير الشرعي وشروطه لتشكيل حكومة يفترض أن تكون “توافقية”، وإذ فشل هذا الرهان فإنه يعزو الأمر الى الغضب السعودي. وفي سوريا استسهل منذ اللحظة الاولى الاستهزاء بثورة الشعب مستبدلاً العداء للسوريين بالعداء لاسرائيل فاستسهل أيضاً قتلهم والتعامي المتعمّد عن آلامهم وطموحاتهم. هذه عقلية متجبرة لا علاقة لها بروح المقاومة و”احترام الشعوب”.

في الخطاب المقبل قد يهدّد نصرالله رافضي “المثلث الذهبي” (الشعب والجيش والمقاومة) الذي لم يعد له معنى منذ زمن، بفرض “المربع الذهبي” (الاسد والمقاومة والجيش والشعب)، فاغتنموا “الفرصة” قبل أن يفعل

السابق
المرعبي: إنفجار الوضع الأمني في طرابلس يعود إلى مؤامرة أسدية – إيرانية
التالي
عودة الحرارة الى هاتف حزب الله ـ الدوحة