اسمعوه.. وعوه

قال السيد رفعت عيد، زعيم الحزب الديمقراطي في «جبل محسن»، من أعمال طرابلس، من أعمال لبنان، إنه إذا تعرضت حارته للسوء، فسوف تدفع طرابلس الثمن، فسوف يدفع لبنان، فسوف يدفع العالم العربي، بل سوف يدفع العالم بأسره.

ماذا يلفت نظرك في هذا البيان المبين؟ يلفت نظري، شخصيا، أن زعيم الحزب الديمقراطي في جبل محسن، لا يمزح.. قبله قال النظام السوري الكلام نفسه. ربما ليس حرفيا، ولكن تماما، إنه إذا تعرض للخطر فسوف يدفع السوريون، ثم الشرق الأوسط، ثم المشارق والمغارب.

هذا ما حدث.. اللاجئون السوريون يغمرون الجوار العربي والتركي وأوروبا، والعالم متسربل بسرواله، وباراك أوباما يفرك يديه طربا: لقد حصل على موزة العيد. براميل الكيماوي! منذ أن وصل فريق المفتشين والمفتشات الكيماويين إلى الربوع السورية، مات المزيد من الآلاف، وتمددت النار التقليدية غير الكيماوية إلى طرابلس، حيث مقر الحزب الديمقراطي، بزعامة الدكتور رفعت عيد.

كل تهديد صدر عن النظام ثبت مفعوله. ووفقا لنتائج الانتصار قال الدكتور بشار الأسد إنه لا يرى سببا يحول دون خوضه معركة الرئاسة عام 2014، اقتضاء للمسار الديمقراطي المفتوح للجميع. شيء يتعلمه الأطفال في المدارس: الديمقراطية أولا، والديمقراطية إلى الأبد.

الدكتور رفعت عيد ورث زعامة الحزب الديمقراطي والحزب نفسه، عن أبيه، وكان يفترض أن يرث طرابلس، التي كانت تعرف ذات مرحلة بطرابلس الشام، تمييزا لها عن طرابلس الغرب.. وكان الطرابلسيون يرون أنهم ألحقوا زورا بالجمهورية اللبنانية. الآن يقاتلون من أجل «لبنان أولا». والوزير السابق محمد شطح، أحد أركان حركة «المستقبل»، يدعو إلى «إعلان حياد لبنان».

قبل هذه المحنة الممتدة لم ترد كلمة حياد على لسان مسلم لبناني مهما كان موقعه. كان ذلك يعتبر خيانة في حق العروبة. لكن محمد شطح يشعر اليوم، على الأرجح، كما يشعر سواه، أن العروبة أصبحت مسألة ثانوية. مجرد ذكرى من الذكريات، «كالوحدة العربية» و«الوطن العربي الكبير». الآن يتفادى الجميع هذه المصطلحات البائدة، والبديل في لبنان هو «المشرقية». طبعا ملحق بها كلمة ديمقراطية، لكي لا يعتبر ذلك خروجا على فكر ومسار ونهج الدكتور رفعت عيد.

يجب أخذ تهديدات زعيم الحزب الديمقراطي على محمل الجد: طرابلس، فلبنان، فالعرب، فالعالم. ذلك أن العالم، هذا العالم، منهمك في البحث عن مدفن للنفايات النووية التي كانت تقلق أوباما وتدمع عيني بوتين: ولو، عليكم بلبنان. ماذا يهم كيماوي بالزايد.. كيماوي بالناقص. لن تكونوا أول من يكب فيه نفايات نووية، أو خلافها.

السابق
اسرائيل تطلق سراح 26 معتقلا فلسطينيا في الضفة الغربية
التالي
ما الذي عرفه الرئيس أوباما؟