السفير: حروب المحاور الخارجية تُنهك طرابلس

كتبت السفير  تقول: لم تغادر طرابلس حافة الهاوية. ظلت تتأرجح على خط التوتر العالي الإقليمي، تتجاذبها هبّة باردة تارة وأخرى ساخنة طوراً، تبعاً لمزاج القناصين ومسؤولي المجموعات المسلّحة الذين باتت المدينة رهينة أوضاعهم النفسية وارتباطاتهم بالمحاور الخارجية، حتى بلغت حصيلة اسبوع كامل من الاشتباكات وأعمال القنص 12 قتيلا وأكثر من 80 جريحاً، بينهم أربعة قتلى وأكثر من 25 جريحاً خلال الساعات الـ 24 الماضية.
ومع بدء أسبوع جديد، بدا ان طرابلس أصبحت على موعد مع “عرف يومي” يقضي بأن يهدأ الوضع نهاراً ويحتدم ليلا، حتى قيل إن السياسيين يعملون في النهار بينما يرتاح المسلحون، وفي الليل ينام السياسيون وينشط المسلحون.. وحدهم القناصون يعملون بدوام كامل.
وفيما يحاول الجيش أن يضبط الموقف بالقدر المتاح، مازجاً بين الحكمة والحزم، كان لافتاً للانتباه ان بعض الوحدات العسكرية اضطرت في العديد من نقاط المدينة الى وضع دشم وتحصينات لحماية عناصرها الذين اصبحوا عرضة للخطر والاستهداف المباشر، علماً ان قيادة الجيش نعت أمس الرقيب يوسف كمال الذي أستشهد متأثراً بجراحه في جبل محسن، بعد إصابته برصاص قناص.
والى جانب الضغط الميداني الذي يواجهه الجيش، برز “ضغط سياسي” عليه عبّر عنه الموقف الاخير للرئيس سعد الحريري الذي سأل عما إذا كان يجوز أن يتحول الجيش بقواته المجوقلة وغير المجوقلة الى شاهد زور في الحرب المعلنة ضد طرابلس، محملا الدولة بكل مواقعها الرسمية والأمنية والعسكرية، مسؤولية التخلي عن حماية المدينة وأهلها.
في هذه الأثناء، قال الرئيس نبيه بري لـ”السفير” إنه وبرغم ما يحدث في طرابلس، فهو لا يزال عند قناعته بأن هناك قراراً كبيراً متخذاً من قبل جميع اللبنانيين، بعدم الانزلاق مجدداً الى الحروب العبثية، لافتاً الانتباه الى ان التجارب علمتنا، ويجب ألا يكرر أحد منا أخطاء الماضي.
ولكن بري لفت الانتباه الى ان ذلك لا يمنع إمكانية “وقوع بعض الاحداث المتفرقة التي أرجح انها ستبقى تحت السيطرة ولن تتطور الى مواجهة واسعة، سواء كانت طائفية ام مذهبية”.
وقال مصدر بارز في “تيار المستقبل” لـ”السفير” إن “على الجيش استعادة المبادرة والإمساك بزمام الامور في طرابلس، قبل ان تفلت من أيدي الجميع ونصبح امام المجهول”. وأكد ان “المستقبل” كان ولا يزال يغطي الجيش ليؤدي واجبه في حماية أهل المدينة بشكل تام وحازم، لكن المشكلة تكمن في عجز المستويات الرسمية كافة عن اتخاذ قرار بالمعالجة الحاسمة، نافياً ان يكون “التيار” يدير أياً من المجموعات المسلحة في طرابلس.
وأبلغ وزير الداخلية مروان شربل “السفير” ان الجيش ينتشر في النقاط الساخنة والمعالجة ستتم بالتدرج، مشيراً الى انه يجب الاعتراف بأن الوضع صعب، وأن طرابلس تدفع ثمن صراع محلي وإقليمي.
ورداً على سؤال عن تعليقه على كلام الرئيس سعد الحريري بأن الجيش تحول الى شاهد زور، أجاب: الجيش يقدم الشهداء وكان آخرهم الرقيب يوسف كمال، وأنا أعتقد اننا كلنا كسياسيين أصبحنا شهود زور على واقع سياسي سيئ، حيث لا حكومة ولا مجلس نواب ولا انتخابات، الامر الذي يؤمن البيئة الحاضنة للتوترات الامنية.
ميدانياً، شهدت طرابلس ليلا اشتباكات بعد قنص نهاري أدى الى سقوط المزيد من الضحايا. وفيما أعادت أرتال آليات الجيش تمركزها في مناطق التوتر لجهة القبة والمنكوبين، علمت “السفير” أن وحدات جديدة من فوج المغاوير دخلت الى جبل محسن، فيما تستعد وحدات أخرى للدخول الى التبانة اعتباراً من فجر اليوم، وأن قراراً حاسماً اتخذ بالرد بالأسلحة الثقيلة وقذائف “الأربي جي” على كل مكان يستخدم من قبل القناصين، لا سيما أن استمرار أعمال القنص المتبادلة بين الطرفين، يعيد إشعال بعض المحاور.
وأبلغ مصدر عسكري “السفير” ان الجيش نفذ عمليات دهم في العديد من المناطق التي كانت تشهد مواجهات، واصطدم مع المسلحين ورد على مصادر إطلاق الرصاص بقوة، مستخدماً رشاشات ثقيلة وقذائف “ار.بي.جي”.
وأكد المصدر “ان الجيش تعرض مرات عديدة لإطلاق رصاص بشكل مباشر خلال تنفيذه لمهامه، وأنه ماض في ضبط الوضع الأمني ولن يتهاون مع أي مخل بالأمن”.

إبراهيم..والإبراهيمي
على خط آخر، بقيت قضية المطرانين المخطوفين موضع متابعة، وعلمت “السفير” أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، التقى خلال زيارته الأخيرة الى الدوحة الموفد الدولي الى سوريا الاخضر الابراهيمي ونائبه مختار لاماني، وتناول البحث ملف المطرانين المخطوفين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم والدور الذي يمكن أن تقوم به المنظمة الدولية للافراج عنهما.
وأبلغ ابراهيم الموفد الدولي أنه سمع من الرئيس السوري بشار الأسد تأكيداً حول استعداد النظام لتقديم كل ما يلزم من تسهيلات لتحرير المطرانين.
وتردد في هذا الاطار أن معاون الابراهيمي كان قد أبلغ بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي أن مجموعة سلفية غير تكفيرية تحتجز أحد المطرانين (يازجي) أبدت استعدادها لتسليمه “شرط التوصل الى وقف اطلاق نار في احدى المناطق في شمال مدينة حلب، وكذلك تأمين ممر آمن لايصاله الى منطقة آمنة”.
وأفادت مصادر سورية في دمشق أن القوات النظامية مستعدة لوقف إطلاق نار موضعي لتسهيل عملية الافراج عن المطرانين، وأشارت الى أن هذا الملف سيكون جزءا من محادثات الأخضر الابراهيمي مع القيادة السورية.

وكان اللواء ابراهيم قد اتصل، أمس، بالبطريرك يازجي ونقل اليه تطمينات من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد مفادها أن الدوحة ستعمل كل ما بوسعها من أجل الإفراج عن المطرانين.

السابق
جسّ نبض لدفن الكيميائي السوري بلبنان
التالي
لجنة مشتركة بين “أمل” و”التيار”: نهاية الخلاف؟