الجمهورية: الإبراهيمي يعبر بيروت إلى دمشق اليوم

كتبت “الجمهورية ” تقول : لم يتبدّل المشهد الدولي والإقليمي كثيراً في نهاية الأسبوع، فيما حافظت السخونة الداخلية، خصوصاً في طرابلس، على وتيرتها المرتفعة، ولم تنجح لا المعالجات التي جرت حتى الآن ولا تسطير مذكّرات توقيف في حقّ المُخلّين بالأمن، في انتشال المدينة من عين العاصفة، على رغم تعزيز الجيش اللبناني انتشاره الأمني على خطوط الفصل بين جبل محسن وباب التبّانة. أمّا في السياسة فتبقى المراوحة سيّدة الموقف على أن تخرقها اليوم المواقف التي سيعلنها الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصر الله والتي ستلامس المستجدّات الأخيرة.
وفي حين حصدت جولة العنف الجديدة في طرابلس ثلاث ضحايا جدد من بينهم رقيب في الجيش اللبناني، أكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنّ الأولوية لوقف الأحداث وإعادة الهدوء الى عاصمة الشمال. وقد اطّلع من قائد الجيش العماد جان قهوجي على “التدابير والإجراءات الميدانية التي يتّخذها الجيش، إضافة الى توقيف المُخلّين بالأمن وإحالتهم الى القضاء”.

برّي لـ”الجمهورية”
وفي هذا الصدد أكّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ”الجمهورية”، تعليقاً على الحوادث الأمنية في طرابلس، أن “لا نيّة عند أيّ جهة في لبنان للعودة الى الحرب، وأن لا فائدة من القتال في هذه المدينة”.

ميقاتي لـ”الجمهورية”
وبدوره ميقاتي قال لـ”الجمهورية” مساء أمس: “منذ الإجتماع في قصر بعبدا الأسبوع الماضي اتّخذنا قراراً سياسياً واضحاً وصريحاً بالتشدّد في كلّ ما يمكن القيام به لتوفير الأمن في طرابلس، وأعطيت التوجيهات الى كلّ القوى الأمنية المنتشرة في المدينة لتكون بإمرة الجيش اللبناني ولتنسيق المهمات في ما بينها وتوزيع الأدوار، بما يضمن أمن المدينة واستقرارها.
والآن نرى أنّ كلّ ما تقرّر ينّفذ، والجيش يتّخذ الإجراءات المقررة تدريجاً وقدر المستطاع، وما يقوم به الجيش لا مسايرة فيه لهذا الطرف أو ذاك، وهو يتّخذ إجراءات بلا تمييز بين منطقة وأُخرى، فجميع الطرابلسيين يريدون الأمن والإستقرار”.
وأضاف ميقاتي: “قلت إنّنا نرفض أن تكون طرابلس صندوق بريد توجّه منه الرسائل في هذا الإتجاه أو ذاك، وكلّنا كطرابلسيين ندفع الثمن. وأنا متأكّد من أنّ كل الخطوات التي سيتّخذها الجيش ستعيد الأمن والإستقرار الى المدينة، وآخر الأخبار التي وصلتني الليلة (مساء أمس) تؤكّد أنّ الوضع مستتبّ ومستقر، وإنّني أُتابعه لحظة بلحظة لتنفيذ كلّ الخطوات في أفضل الظروف التي يتمنّاها أهلنا في المدينة”.
وعلى الصعيد القضائي، قال ميقاتي: “إنّني على تواصل دائم مع مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لإستعجال الخطوات القضائية والإسراع في التحقيقات الجارية مع الموقوفين في تفجيري مسجدي “السلام” و”التقوى” لإحالتهم الى القضاء المختص ولتأخذ العملية مجراها لتوضيح الأمور.
فأهل طرابلس الذين عبّروا عن عقلانية تامّة بعد الإنفجارين وبعد الإعلان عن توقيف بعض المُتهمين بتنفيذهما عبّروا عن وعي كامل وعن رهان غير قابل للجدل على الدولة وأجهزتها، وأتمنّى ان تكون الدولة على مستوى هذا الرهان، وطلبي الى الجميع بسيط وواضح، وهو أنّه طالما أن ليس لدينا خيار سوى الدولة اللبنانية فما علينا إلّا أن نعمل لتعطيل المساعي الهادفة لجرّنا الى حيث لا نريد، فهل نحن نريد تعطيل المدارس والجامعات وإقفال الأسواق التجارية والإستمرار في نزف الأرواح البريئة؟ علينا أن نعمل لترجمة ولائنا للدولة ومؤسّساتها وقطع الطريق على الساعين الى الفتنة. فما يحصل ليس في مصلحة أحد ولا يمكن ان يوفر مصلحة لأحد على الإطلاق”.
وردّاً على سؤال حول الحصيلة الثقيلة من ضحايا وشهداء وجرحى، قال ميقاتي: “هذا أمر مؤسف جداً، وجميع هؤلاء الضحايا أبرياء كانوا يسعون الى لقمة العيش، وقد استشهدوا أو جرحوا، فمن هو المستفيد طالما إنّ الجميع متضرّرون؟ وما هو السبب والدافع الى ما يجري؟ وهل يريد البعض ان نكون دمى في يد هذا وذاك؟ إنّ جميع السياسيين وأبناء طرابلس يرفضون ذلك، فلنكن موحّدين في مواجهة ما يخطط للمدينة من جولة إلى أخرى”.
وردّاً على ما يقال من أنّ أحداث طرابلس هي انعكاس لما يجري في سوريا ومعركة القلمون تحديداً، قال ميقاتي: “ممّا لا شكّ فيه انّنا في لبنان مرآة لما يحصل في المنطقة، وربّما أنّ جزءاً ممّا يحصل اليوم هو انعكاس لما يحصل في سوريا، ولكن من المفروض ان نكون فوق مستوى هذا الأمر، وأقول لجميع الأطراف: فلنتعالَ على كلّ ما يجري في المنطقة، وحرام القبول باستنزاف قوانا”.

كرامي لـ”الجمهورية”
ورفض وزير الدولة أحمد كرامي الإتهامات التي تُساق في حقّ ميقاتي، وأكّد لـ”الجمهورية”: “أنّ هناك ظلامة كبيرة، وهم يحمّلونه اكثر من طاقته ويظلمونه، وقد وصلنا اليوم الى الجولة الرقم 17 من العنف في طرابلس، وهذه الجولات لم تبدأ في عهده، بل قبل تسلّمه زمام المسؤولية”. ولفت الى “أنّ الخطة الأمنية قد بدأ تطبيقها، وعلينا الإنتظار بضعة أيام لنرى نتائجها، وإذا لم تُحسم الأوضاع فعلى الجميع النزول الى الشارع والإعتكاف في المدينة، وأساسا هذا قرار اتّخذه الرئيس ميقاتي منذ أيام، بأنّه إذا لم يحسم الموضوع فإنه سيعتكف في مدينته”.

“حزب الله”
أمّا “حزب الله” فاعتبر بلسان النائب علي فيّاض انّ “من حقّ الرأي العام اللبناني أن يدرك من يتحمّل مسؤولية تفجير الأوضاع في طرابلس”، ورأى “أنّ السياسيين الذين يوفّرون الغطاء ويقدّمون الذرائع لتبرير الإقتتال الداخليّ في طرابلس هم أكثر إجراماً من المسلّحين الذين يطلقون الرصاص على المدنيّين وعلى المناطق الآهلة. ورأى أنّ “ما تتعرّض له طرابلس إنّما هو قتال عبثيّ لا طائلة منه، ولا يغيّر معادلة ولا يخدم قضية، إنّما يعقّد شروط البلد ويدفع الأوضاع في اتجاه مزيد من الانهيار على المستويين الأمني والسياسي”.

المصري
وقال أحد قادة المحاور في طرابلس سعد المصري لـ”الجمهورية”: إنّ “حزب الله” يحكم لبنان، ورفعت عيد والنظام السوري يريدان السيطرة على طرابلس، والدليل أنّ الذين فجّروا المسجدين هم من حزبه، وقد هدّد علناً عناصر فرع المعلومات إذا دخلوا جبل محسن مجدّداً بالقول: “فليجلبوا معهم نعوشهم”.
وعن إنتشار الجيش في التبّانة، قال المصري: “الجيش موجود في التبانة، ولديه ثكنة في “البازار”، ونحن لسنا ضد العلويّين، بل ضد عصابة الأسد والحزب العربي الديموقراطي الذين نقول لهم إنّكم ستواجهون رجالاً يحبّون الموت كما أنتم تحبون الحياة، وإذا أردتم التصعيد أكثر فافعلوا، ونحن لا نبالي، فالله مولانا ونعاهد شهداء المسجدين أنّ دماءهم لن تضيع هدراً ولا حكم بيننا وبين سفّاحي رفعت عيد إلّا أرض المعركة”.

علوكي لـ”الجمهورية”
من جهته، هاجم أحد قادة المحاور في التبانة زياد علوكي أهالي جبل محسن واصفاً إياهم بـ”المرتزقة الذين يتلقّون الأوامر وينفّذونها”. وقال لـ”الجمهورية” إنّ الرئيس بشّار الأسد “يوجّه رسائل عبر جبل محسن الى كلّ من رئيسي الجمهورية والحكومة ليقول لهما الأمر لي في طرابلس”.
مؤكّداً “أنّ يدي الأمين العام للحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد مغمّستان بتفجيري طرابلس”، مُتّهماً إيّاه “بحماية المجرمين الذين فجّروا المسجدين بأوامر مباشرة منه”. وشكّك في نجاح الخطّة الأمنية. وإذ ذكّر بالمبادرة التي طرحها سابقاً والداعية الى تسليم المسلحين أسلحتهم للدولة مقابل توظيف الشباب الذين معه، قال: “لم يجبنا أحد عليها”، مضيفاً: “لسنا من هواة حمل السلاح، بل نحن أهل سلام”.

صالح لـ”الجمهورية”
وفي المقابل نبّه المسؤول الإعلامي في الحزب العربي الديموقراطي عبد اللطيف صالح إلى أنّ “الوضع في طرابلس مخيف جدّاً جدّاً، وحتى الليلة (أمس) القذائف تنهمر علينا”. وقال: “سقط لنا أربعة شهداء ولم تحصل ردّة فعل، فالعقل والحكمة ينمّان عن رجولة، وأعصابنا في الثلاجة، ولن ننجرّ نهائياً، وما نزال ملتزمين الوعد الذي قطعناه للجيش اللبناني بأن نترك له معالجة الأمور، وقد وجّه الامين العام للحزب السيّد رفعت عيد نداء عبر اللاسلكي الى جميع مناصري الحزب بالخروج من الشوارع وترك المعالجة للجيش”.
وإذ أكّد “أنّ الخطة الأمنية نُفّذت فقط في جبل محسن”، تحدّى “من أكبر هرم في الدولة، ألا وهو رئيس الجمهورية، إلى أصغر مسؤول فيها أن تنفّذ الخطة في باب التبانة، لوجود قرار سعودي، وتحديداً من بندر بن سلطان وأدواته في طرابلس بعدم تنفيذها”.
وقال صالح: “نفكّر اليوم في استئجار قطعة ارض في منطقة أُخرى لكي ننقل سياراتنا اليها، لأنّ المكان لم يعد يكفي لركن الملالات في جبل محسن، وندعو أهلنا الشرفاء في طرابس الى أن يعوا خطورة ما يحاك للمدينة، ويجب ان نشبك ايدينا بعضها ببعض للذهاب بطرابلس الى برّ الأمان وترك موضوع التفجيرين للقضاء، وأذا ثبت تورّط أحد من ابناء جبل محسن سنكون كحزب اوّل من يطلب إعدامه”.

ميدانيّاً
وعلى الصعيد الميداني تحدّثت المعلومات عن تدابير امنية وعسكرية جديدة ومشدّدة، وقد توجّهت امس قوى إضافية من “مغاوير البحر” الى المدينة لتنضمّ الى بقية القوى العسكرية المنتشرة فيها منذ فترة، وبدأت عصر امس الإنتشار في منطقة جبل محسن، بدءاً بالنافورة مروراً بالمشارقة وصولاً الى حيّ الاميركان، وتعتبر الخطوة الاولى من الخطة المنوي تنفيذها بين جبل محسن والتبانة وفي أرجاء المدينة لإلغاء ما يسمّى خطوط التماس التقليدية بين المناطق.
وأفيدَ ليل أمس أنّ مناوشات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة دارت على محور شارع سوريا ـ ستاركو في التبانة من جهة وبين جبل محسن من جهة ثانية، وردّ الجيش على مصادرالنيران، فيما تحدّثت معلومات عن سقوط محمد البقار جريحاً برصاص القنص في باب التبانة.
وقال مرجع امنيّ معنيّ بالخطة لـ”الجمهوية” إنّ قوى الأمن الداخلي نقلت قوّات إضافية الى المدينة وأعلنت حال الإستنفار القصوى منذ الجمعة الماضي لتعزيز إجراءاتها في المدينة وعلى مداخلها.
وبالإضافة الى الحواجز الأربعة الرئيسة المقامة عند مداخل المدينة للتفتيش، فقد تولّت قوات إضافية تسيير ست دوريات مؤلّلة في شوارع المدينة وتتولّى نصب الحواجز الطيّارة بين فترة وأخرى، ما يؤدّي الى الإمساك بمفاصل المدينة الى جانب وحدات الجيش والأمن العام فيها.
ولفت المرجع الى أنّ الحصيلة النهائية للإشتباكات بلغت 14 قتيلاً من بينهم شهيد للجيش قضى امس متأثراً بجروحه هو الرقيب يوسف كمال، ونحو مئة جريح بينهم ثمانية عسكريّين جرحى.

برّي و”التكتّل”
من جهة ثانية، وفي غياب أيّ جديد على المسار الحكومي، يستقطب مجلس النواب الأضواء في ظلّ التقارب الحاصل بين برّي وتكتّل “الإصلاح والتغيير”، في ضوء اللجنة المشتركة التي انبثقت من اجتماع أمين سرّ “التكتّل” النائب ابراهيم كنعان والنوّاب: آلان عون، سيمون أبي رميا، زياد أسود مع برّي أمس الأول، لمتابعة المواضيع المطروحة للنقاش.

آلان عون
وأكّد عون لـ”الجمهورية” أنّ “اللقاء مع برّي تحدّد خلال اجتماعنا به الثلثاء الماضي، وأبلغنا اليه موافقتنا على استئناف أعمال اللجنة”، وقال: “بحثنا في القضايا الخلافية بين كتلة “التنمية والتحرير” و”التيار الوطني”، فضلاً عن عدد من الملفات تشمل كلّ الاستحقاقات في البلد. ووضعنا إطاراً لعمل اللجنة الذي ستكون طبيعته مدار بحث في خلال المرحلة المقبلة”.
وأوضح انّ اللجنة تضم عن التكتل النواب الأربعة الذين التقوا برّي السبت، “وهو سيطلعنا غداً (اليوم) على من سينوب عن كتلته في اللجنة”، آملاً في أن “ينعكس ذلك إيجاباً على عملنا في التعاطي بجدّية مع كلّ القضايا بغية إنجاح هذه المبادرة”.

الإبراهيمي في بيروت
إقليمياً، يصل الموفد الأممي ـ العربي الأخضر الإبراهيمي الحادية عشرة قبل ظهر اليوم الى بيروت آتياً من طهران، في طريقه الى دمشق محطته الجديدة، في إطار جولته الراهنة في المنطقة، على ان يعود منها بعد ايام الى لبنان حيث حُدّدت مواعيد لقاءاته فيه أواخر الاسبوع.
وشدّد الابراهيمي من طهران على ضرورة حضور إيران مؤتمر “جنيف ـ 2″، الأمر الذي سارعت المعارضة الى رفضه، في حين أكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال استقباله الإبراهيمي أنّ بلاده لن توفر أيّ مساعدة لوقف النزاع في سوريا، غير أنّه شدّد على انّ “مستقبل سوريا تحدّده اصوات السوريين عبر انتخابات حرّة تشارك فيها كافة الأطراف”.

إبراهيم شكر الإبراهيمي
وعشية زيارة الابراهيمي لبيروت كُشف أمس عن لقاء عُقد في الدوحة ما بين الابراهيمي والمدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم في قطر، وتناول البحث ملفّ مطراني حلب المخطوفين إبراهيم اليازجي ويوحنا ابراهيم، والدور الذي يُمكن أن تؤدّيه الامم المتحدة لتحريرهما.
وفي معلومات لـ”الجمهورية” أنّ ابراهيم شكر الإبراهيمي على الجهود التي بذلها في المرحلة الأولى التي انتهت بالإفراج عن اللبنانيين التسعة في إعزاز، واتّفقا على مزيد من التنسيق والتعاون للإفادة من كلّ التجارب السابقة في قضية المطرانين.
التعليقات

السابق
الشيعية السياسية: أسرارها من كبارها
التالي
البناء: مسلّحو التبّانة يُبايعون القاعدة والبغدادي