حِـكايـةُ لـيـلى و الـتّـمـساح

قصة المربي حسين الأمين


تقولُ الأُسطورةُ أنّ غابةً يشْطُرُها نهرٌ ، تُقيمُ على إحدى ضفّتَيْهِ صبيّةٌ تُدعى “ليلى” .
احترامُها ، توَارَثَهُ أهْلُ الغابةِ ؛ كبيرُهم و صغيرُهم .ذلكَ أنّ الأُسطورةَ كانت تقولُ عن جدّها لأمِّها أنّهُ كانَ نجْماً أرْسلتْهُ يوماً السّماءُ فبارَكَ الغابَةَ ؛ مَنْ فيها و ما حوْلَها !!
و يُحْكى أنّ عجوزاً مُقْعَدَةً كانت تُقيمُ في الضّفّةِ الأخرى من الغابة ، و كانت وحيدةً ليس لديها مَنْ يُعيلُها أو يعتني بها . و لأنّ ” ليلى ” كانت لقـوْمِـها سيّدتَهم فـقـد كانت خادمتَهُم !! و كانَ عليها أنْ تقطَعَ النّهـرَ في كلِّ يـومٍ رَوَاحاً و جيْـئـةً حامـلـةً الطّعامَ و الشّرابَ للعجوزِ إيّاها .

في يومٍ من الأيّام ، اقْتَحَمَ النّهْرَ تمْساحٌ ضخْمٌ حَطَّمَ الجسْرَ الخَشَبيّ المُقامَ بين ضّفَّتَيْهِ .. فما عادَ أحَدٌ يجْرؤُ على عبورِهِ !!
وَحْـدَهـا ” ليلى ” كـانـت تـعْـبُـرُهُ !! فالعجوزُ كانت تنتظرُها في كلّ يوم !

ذهبَتْ ليلى إلى ضفّةِ النّهرِ و نادتِ التّمساحَ الّذي كان يتربّصُ بالعابرين : “يا تمساحَ النّهْرِ ، هلاّ قدِمْتَ إليّ ، ثَمّةَ ما أُريدُ أنْ أُحادثَكَ به ” .
عندما حضَرَ التّمساحُ بعيْنَيْهِ البرّاقَتَيْنِ و بفكّيْهِ المُخيفَيْنِ ، قالتْ له ” ليلى ” :” يا تمساحَ النّهرِ ، لي حاجةٌ و لَكَ حاجةٌ .. إنْ تعاونّا ، و لم يغْدُرْ أحَدُنا بالآخر ، وصَلَ كلٌّ منّا إلى بُغْيَتِهِ ” .
خَـفَـتَ بريقُ عيْنَيْهِ ،ونامَتْ فتْحةُ فكّيْهِ ، عندما اسْتَمعَ التّمساحُ إلى ” ليلى ” .. وبدا عليه الإهتمام !
أرْدَفـتْ ” ليلى ” : ” عليّ أنْ أحمِلَ الطّعامَ يوميّا إلى عجوزٍ تُقيمُ في الجانبِ الآخَرِ منَ النّهرِ .. وأنتَ ، يا تمساحَ النّهرِ الطّيّبَ القلْبِ ،بحاجة إلى تناول الطّعامِ في كلّ يومٍ أيضاً .. فما رأيُكَ أيُّها التّمساحُ العطوفُ الحنون أنْ أجلُبَ الطّعامَ لكِليْكُما في كلّ يوم ، على أنْ تُساعدَني في عبور النّهر ذهاباً و إياباً ؟ ”
عندما صَفَقَ التّمساحُ الماءَ برأْسِهِ يَمْنَةً و يَسْرةً ، فهِمَتْ ” ليلى ” أنّهُ يسأَلُها : ” وكيف ذلك يا سيّدتي ليلى ؟ ” فقالتْ له ” ليلى ” : ” في كلّ يومٍ أُحْضِرُ معي صُرّتَيْنِ من الطّعام ، واحدة لك ، يا تمساحي العزيز ، أربُـطُـها فـي أعـلى هـذه الشّجرةِ عند ذهابي ، و أُعْطيكها عند عودتي .. بعدَ أنْ تقُلَّني على ظهْرِكَ لإيصالِ صّرةالطّعام الثانية للعجوز !!
وعندما لاحـظَـت “ليلى” أنّ الـعَـرْضَ قـد لاقـى قَـبـولاً عـنـد التّمساحِ ، قالت لهُ :
” لا أُريدُ أنْ أُذكّرَكَ يا تمساحي العزيز ، أنّك إذا الـتـهـمـتَـني فلَسوف تحصل على طعامك ليوم واحدٍ فقط ،في حين أنّك إذا لم تفعَلْ ، فلَسوفَ تحصلُ، منّي ، على طعامِك في كلّ يوم ” !!ّ

وهكذا كان .. راحَتْ ” ليلى ” في كلّ يومٍ تمتطي ظهْرَ التّمساحِ .. و عند عودتها تُعطي التّمساحَ طعامَهُ !! و راحَ كـلُّ مَنْ لديـهِ حاجةً مِنَ الشّطرِ الآخرِ من الغابـةِ يوكِلُ أمرَهُ إلى ” ليلى ” !!!

,, وبعدَ أنْ كانت ” حكاية ليلى والذّئب ” حديثَ النّاسِ ، صارَتْ حكايةُ ” ليلى والتّمساح ” على كلّ شَفَـةٍ و لسان

السابق
سعد المصري:الحل في طرابلس بتسليم منفذي التفجيرين
التالي
القلمون: من وقع بالكمين؟ القاعدة ام حزب الله؟