ثارت سورية… ماذا بعد؟

مرت سنتان ونصف السنة على الثورة السورية، ثم ماذا؟ هل انتصرت الثورة، هل تحققت الوعود، هل أزيح النظام، هل تحرر الشعب، هل الوضع الآن أفضل عما قبل الثورة؟
حاول أن تجيب عن هذه الاسئلة! لا شك أنك ستجد نفسك متورطا كون الاجابات لن تجد مفراً من الاقرار بفشلها جميعا. الورطة أكبر لو أنك أحد أفراد المعارضة المشاركين في الحوارات الدائرة في العواصم الاوروبية لما آلت إليه هذه المعارضة من تفكك وتدهور فضلا عن هذا الواقع المأسوي الدموي وفلتان السيطرة لحساب المجاهدين الخوارج.
فالمعارضة أخطأت منذ اليوم الاول حينما انحرفت بالثورة إلى العسكرة والشباك المسلح، وجرّت النظام ليكشر عن أنيابه ويستخدم ما أمكنته السبل. وأخطأت من جديد عندما راهنت على العالم الخارجي وظلت تضع كل بيضها في السلة الأميركية والأوروبية، وهو موضوع يستحق الاستهجان والاستنكار!
المعارضة مع شديد الأسف لم تستفد من التنازلات التي قدمتها السلطة آنذاك، وظلت تستقوي بالخارج والتدخل الاجنبي. والمراهنة على الأميركان هو بحد ذاته خطأ استراتيجي لا يمكن تبريره اطلاقاً لسببين: الأول أن الأميركان لم يكونوا يوماً معنيين بمعاناة الناس والشعوب بأكثر مما اُتفق ومصالحهم. فلا أدري إن كانت المعارضة غافلة عن أن مصالح الأميركان معلنة وليست بخافية على أحد منذ عقود من الزمن. فمنذ أن وُجدت إسرائيل وإلى أن يكتب الله في المستقبل البعيد، هذه المصالح لن تتغير وستظل كما هي. فكيف ظنّت المعارضة أن الأميركان مستعدون بالمغامرة لمجرد أنهم تحمسوا للثورة في بدايات عمرها؟! وكيف تغفل المعارضة (أو هكذا نظن) أن الأميركان أصلا ليس هدفهم (وكما كشفت عنه «النيويورك تايمز») أن تتوقف الحرب، بل هدفهم العكس تماماً واستمرار التقاتل حتى لو يسغ ذلك للمعارضة!
والثاني أن الغرب عموماً لا يمكن الوثوق به لأنهم هم بأنفسهم يخشون ولا يثقون ببعضهم، فكيف بكم أنتم؟ يكفيك للدلالة على هشاشة الثقة بالمجتمع الدولي ظهور شخصية مثل سنودن من مجلس الأمن القومي ليفضح دولته وليعرفنا كم الثقة معدومة بين من هم بالظاهر حلفاء (تنصت على ألمانيا وفرنسا والمكسيك إلخ)، فهل ترون لأنفسكم منزلة أفضل من أولاند وميركل مثلاً أم ماذا؟!
مشكلة المعارضة انها راهنت على المصالح لا المبادئ، وهي اليوم تجر وتحصد ما زرعته. لا فقط اليوم لم تحصل على ما أرادت، بل المعارضة وجدت نفسها مطالبة ومُرغمة من قِبل من وثقت بهم لتقبل بالأمر الواقع، والواقع يقول أن بشار يطمح للترشح، وجنيف 2 قادم وبلا شروط، وإيران ستحضر مع شروطها حول النووي!

السابق
من يأسر لبنان؟
التالي
زوبعة في فنجان