النسبية الآن.. وفي كلّ آن

قانون الانتخابات في لبنان عيش يا قديش لينبت الحشيش
تبقى النسبية بوابة الحل، وإذا كنا لم نعتبر من أزمة تأليف الحكومة الراهنة المستمرة فصولا، فلننظر إلى مآل الإستحقاق الدستوري الذي يمثل ما تبقى من مظاهر الديمقراطية وتداول السلطة في لبنان. عنينا رئاسة الجمهورية بعد أشهر.

“قانون انتخاب يعتمد النسبية” آخر موضة، وأكثر الشعارات ترددا ومزايدة حتى فقد بريقه واستهلك. لكن اشتداد الأزمات، أزمات الحكم وإرهاصات الأزمات الدستورية المقبلة، يعود ليؤكد ضرورة الإستمرار في المطالبة بأن يكون قانون النسبية بندا أول في أي بيان وزاري وفي أي خطاب قسم.

لا ريب ولا جدال أن الصراع المذهبي في المنطقة المحيطة بنا يتبلور في أوضح وأبشع صوره وتداعياته داخل لبنان، بلد التنوع المفترق لا التنوع الموحد. وحدة هذا الصراع آخذة في التمدد افقيا وعموديا في المجتمع اللبناني، في شكل بات خطرا على صيغة الإجتماع السياسي اللبناني، هذه الصيغة التي لا زالت على هشاشتها تشكل تحديا وجوديا  للعدو الصهيوني ولدولته القائمة على العنصرية الدينية. حدة هذا الصراع تقتضي المصلحة الوقوف في وجه انتفاخه وتمدد الكتل السياسية والحزبية ذات اللون الديني أو المذهبي الواحد. ذلك لأن توسع هذه الكتل وإمساكها بمقاليد هذا المذهب وتلك الطائفة بالشكل الآحادي الذي يفرزه النظام الأكثري، من شأنه أن يعيق أي قيام أي تكتل وطني عابر للطوائف والمذاهب.

فقيام التكتلات السياسية والنيابية الوطنية يتعارض ويتنافى مع تجاهل الفئة غير الممثلة في الندوة البرلمانية، هذه الفئة التي من شأنها أن تكون مدخلا بل ممرا لنشوء كتل صغيرة تستطيع إما عبور المذاهب والطوائف للتحاور مع مثيلاتها لإنشاء أكثرية حاكمة، وإما أن تلتئم في معارضة وطنية شاملة تنزع ثوب المذهبة والتطييف عن أي خلاف قد ينشأ. واستطرادا، فإنّ تفتيت الكتل النيابية ذات الأكثريات الطائفية من شأنه أن يقضي على بدعة حكومات تقاسم الجبنة تحت مسمى حكومة وحدة وطنية.

إذن، تبقى النسبية بوابة الحل، وإذا كنا لم نعتبر من أزمة تأليف الحكومة الراهنة المستمرة فصولا، فلننظر إلى مآل الإستحقاق الدستوري الذي يمثل ما تبقى من مظاهر الديمقراطية وتداول السلطة في لبنان. عنينا رئاسة الجمهورية بعد أشهر. تلك المظاهر التي كان لبنان يتغنى بها ويتميز بها عن سائر الجيران والإخوان. فتأمين النصاب لعقد جلسة انتخاب رئيس للبلاد امر في خانة المستحيل من دون تسوية تأتي برئيس مكبل وتعيد حالة الركود والإنقسام وتكرّس التخلف في عملية الحكم. أما الأنكى فهو مجيء رئيس من دون تسوية، فيسود الشعور بالغبن لدى فريق وشعور بالنشوة لدى آخر ونعود الى حيث كنا.

خلاصة القول: ليست النسبية في الإنتخاب غاية في ذاتها، الغاية هي عدالة التمثيل وتنوعه. فبالعدالة إياها تتغير الخارطة السياسية في البلد ككلّ، وتولّد قيادات بديلة في كل طائفة ومذهب، هذه القيادات التي إذا ما وجدت تستطيع في آن أن تمثل مذاهبها أو طوائفها، وأن تؤمن استمرارية الحكم من خلال ضمان عدم تعطيل المؤسسات الدستورية كما هو جار اليوم، مهما بلغت الحجج والمسوغات.

السابق
سأقتل أوباما
التالي
لجنة التحقيق باشرت مهامها لتحديد قاتل حجير في عين الحلوة