فضيحة التنصت الأميركية

التجسس الأميركي على أوروبا

يراقب الأوروبيون جميعا بلا استثناء وغيرهم في العالم تطورات الأزمة الديبلوماسية الحاصلة حاليا بين ألمانيا والولايات المتحدة بسبب فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من جانب «وكالة الأمن القومي الأميركية»، حيث كشف استدعاء السفير الأميركي في برلين جون امرسون من جانب وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي حول المسألة ان ألمانيا على عكس كل التوقعات لن تسكت على هذا الاعتداء الأميركي، وان المسألة لم تنته بعد، حسبما اعتقد البعض، عند المكالمة الهاتفية التي أجرتها ميركل هذا الأسبوع مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.
فالطريقة التي ستتعامل بها ألمانيا مع حليفتها الولايات المتحدة في هذه المشكلة هي موضع اهتمام شديد ليس فقط من جانب المواطنين الألمان، بل ابعد وأوسع من حدود ألمانيا وحتى القارة الأوروبية، إذ إن اجهزة الامن في الولايات المتحدة متورطة أو متهمة بالتورط في فضائح تجسس على رؤساء دول عديدة صديقة وغير صديقة، حسبما اتضح من الوثائق السرية التي سربها لصحيفة «الغار يان» ادوارد سنودون، الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية المختبئ حاليا في روسيا.
فوفقا لسنودون تنصتت الوكالة الأميركية على المكالمات الهاتفية لرئيس المكسيك فيليب كالدرون ورئيسة البرازيل ديلما روسيف التي ألغت زيارة دولة كانت مقررة لها إلى الولايات المتحدة احتجاجاً على ما اعتبرته اعتداء شخصياً عليها. فيما كظم الفرنسيون غضبهم واكتفوا حتى الآن باستدعاء سفير الولايات المتحدة إلى وزارة الخارجية الفرنسية الأسبوع الماضي وتسليمه احتجاجا رسميا من الحكومة الفرنسية بسبب فضيحة التنصت الأميركي على المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية للمواطنين الفرنسيين. فالفضيحة كبيرة ومن المنتظر ان يخرج التعامل معها من جانب إدارة الرئيس أوباما عن الإطار الهادئ الذي اتبع حتى الآن، خاصة إذا تعرضت الولايات المتحدة لهجمات شديدة وغير عادية من الأطراف المتضررة من عمليات التنصت.
غير ان الحكومة الألمانية وبالذات ميركل يفضلون على ما يبدو التروي في الرد على الاعتداء الأميركي، حيث يعتقد ان المستشارة الألمانية ستشغل فرصة قمة رؤساء الدول الأوروبية التي بدأت امس في بروكسل للتشاور مع زملائها الأوروبيين حول كيفية الرد على الاعتداء الأميركي الفظ على أمنهم القومي، خاصة وان الاعتداء لا يقتصر على الرؤساء، بل يشمل جميع مواطنيهم، إذ كان سنودون كشف ان الوكالة الأميركية تتنصت على المكالمات والرسائل إلالكترونية للمواطنين الألمان والبريطانيين أيضاً.
ومع ان الجدول المعلن للقمة الأوروبية الحالية لم يتضمن بند بحث فضيحة التنصت الأميركية، إلا ان مصادر فرنسية أكدت ان الوفد الفرنسي سيتقدم بطلب عاجل إلى القمة لإدراج الموضوع على بساط البحث. فان تمت الموافقة على أدراجه يصبح الاتحاد الأوروبي ملزما بتضمين البيان الختامي للقمة فقرة حول فضيحة التنصت، الأمر الذي يرفع الأزمة إلى مستوى أعلى ويجعلها أزمة بين الاتحاد الأوروبي ككل وليس نزاعا بين دولة وأخرى.
وكانت ميركل اتصلت بأوباما للاستفسار عن صحة المعلومات التي نشرت عن التنصت على مكالماتها الهاتفية، فأكد لها وفقا لبيان المتحدث بلسان البيت الأبيض انه لا يوجد تنصت على مكالماتها ولن يكون هناك تنصت عليها في المستقبل، لكنه لم يقل ما إذا كان هناك تنصت عليها في السابق، الأمر الذي آثار حفيظة وسائل الإعلام الألمانية، خاصة وان المسألة لا تقتصر على ميركل، بل هي تشمل سياسيين ألماناً كثيرين والملايين من المواطنين، ومن ضمنهم العاملون في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى.

السابق
قتلت ابنها بحقنة بنزين!!
التالي
ليدي غاغا تتحوّل إلى رجل