سايكس بيكو اميركي روسي

د. وليد عربي

رأى استاذ التاريخ والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية وكلية فؤاد شهاب للاركان الدكتور وليد عربيد أننا نشهد ولادة سايكس بيكو جديد برعاية اميركية روسية هذه المرة.

واعتبر في حديث لـ”جنوبية” ان البدء بالتقارب الاميركي الايراني ليس الا مجرد اشارة الى دخول المنطقة في حقبة جديدة، تطوي المرحلة التي تلت نهاية الحرب الباردة، والتي قد تؤدي الى اعادة تشكيل المنطقة.

وتابع: تميزت الحقبة المنصرمة بالقطب الاوحد عالميا ، فحاولت الولايات المتحدة الاميركية ان تفرض سيطرتها ونفوذها في مختلف انحاء العالم وحتى داخل دول المعسكر السوفياتي السابق . الا انها انتهت الى فشل ذريع، وخصوصا بعد الحروب الفاشلة التي خاضتها في المنطقة العربية والاسلامية.

واضاف: نشهد العودة الى عالم متعدد الاقطاب، حيث تفرض روسيا والصين حضورهما القوي، بالاضافة الى الانكفاء الاميركي بسبب سلسلة ازمات مالية واقتصادية اعاد ترتيب الساحة الدولية. ومن اللافت ان نشهد اليوم كيف ان علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء في اوروبا تتدهور، في الوقت الذي تنفتح فيه على احدى دول “محور الشر”، وفقا للتسمية الاميركية السابقة. واللافت أكثر ان تتجرأ ايران اليوم على اوروبا نفسها، من خلال اثارة السلاح النووي الاوروبي.

واكد عربيد ان المصالح الخاصة هي التي تملي على الاميركيين الانفتاح على ايران باعتبارها زاوية مهمة في المنطقة. فالولايات المتحدة المنهكة بحروب الادارة السابقة تسعى لاعادة ترتيب علاقاتها مع الاقليم. لكن من المبكر الحديث عن صفقة اميركية ايرانية، فالعملية لا تزال في مرحلة شد الحبال. وما تسعى الولايات المتحدة اليه هو التفاهم مع ايران على ابقاء العراق تحت السيطرة المشتركة، اذ من المعروف ان الاميركيين لم ينسحبوا تماما من العراق، بل حافظوا على قواعد عسكرية أساسية لحراسة منابع النفط. اضافة الى تسوية تنهي النزاع في افغانستان.

واكمل عربيد: اثبتت ايران قوتها كلاعب اقليمي مهم في الازمة السورية.  وهي تلتقي في مكان ما مع الولايات المتحدة على الحفاظ على امن اسرائيل، مقابل ان يكون لها النفوذ في المنطقة عبر الهلال الشيعي (العراق، سوريا، لبنان، اليمن). اما توسيع هذا الهلال ومده باتجاه السعودية نفسها، ومن الاتجاه الآخر، صوب باكستان والهند، فهذه تبقى في اطار التمنيات لا اكثر.

اضاف عربيد: ان ما أقلق السعودية أمور عدة، منها الحديث الاميركي، ولو غير الرسمي، عن تقسيم المملكة الى دويلات عدة، منها دويلة مكة المستقلة التي قد تكون رديفا اسلاميا للفاتكيان. وكذلك عودة الحديث عن تقسيم اليمن .واذا كانت السعودية راهنت منذ عقود على الدعم الاميركي ونسجت مع الولايات المتحدة اقوى العلاقات الاستراتيجية، فانها تجد نفسها عاجزة عن الذهاب الى خيارات أخرى، مثل اوروبا. وجل ما تسطيعه هو التلويح والتهديد.

وتابع: ما لم ينتبه له كثيرون ان الخلاف السعودي الاميركي لم يبدأ مع انفتاح الولايات المتحدة على ايران، وانما قبل ذلك، عندما اختلف الحليفان على مصر، حيث دعم الاميركيون الاخوان المسلمين، أو على الاقل قبلوا بهم. وفي المقابل دعمت السعودية الانقلاب ضدهم، وقدمت دعما ماليا هاما للجيش المصري. فالسعودية تبحث في مصر عن سند قوي في منافستها على المرجعية السنية التي تشكلها تركيا، والمنافسة الشيعية التي تمثلها ايران.

وقال عربيد: ايران ثابتة في استراتيجية العصا والجزرة، فتارة يصعد تيار معتدل يتزعمه خاتمي، وطورا تذهب الى التشدد مع نجاد، وحينا تعود الى المساومة والمهادنة مع روحاني، الا ان المصالح العليا والاستراتيجية لـ”الامبراطورية الفارسية ” لاتتبدل ولا تتأثر.

وتوقع عربيد ان تشهد القضايا الاقليمية حلحلة ما تمهد لمحرلة التسويات الكبرى . وثمة محاولة لاعادة تشكيل الشرق الاوسط بالشراكة مع روسيا بانتاج معادل شبيه لاتفاق سايكس بيكو جديد، اميركي روسي هذه المرة مع ادوار ايرانية ومصرية وتركية، اذا عاد العلمانيون الى السلطة، ضمن استراتجية اميركية قوامها الحفاظ على امن اسرائيل والسيطرة على منابع النفط.

السابق
حريق في أحد مدارج مطار بيروت وطوافة للجيش تعمل على إخماده
التالي
إفلاس حزب الله: حبل القوّة قصير