السفير: الجولة 17 تقطع شرايين طرابلس

كتبت “السفير ” تقول: مع بدء العد العكسي لمؤتمر “جنيف 2″، ينتظر أن تكون الأسابيع الفاصلة عن موعده المبدئي في الثالث والعشرين من تشرين الثاني المقبل، حافلة بالمعطيات السياسية، إقليمياً ودولياً، وبالتطورات الميدانية، في سوريا.. وعلى حدودها مع لبنان.. والأخطر في الداخل اللبناني.
واذا كانت المشاورات التي جرت بين رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي، قد أفضت الى اتخاذ قرار مبدئي بمشاركة لبنان في “جنيف 2″، فإن مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع في نيويورك كشفت لـ”السفير” أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومساعده السياسي جيفري فيلتمان سألا الرئيس ميقاتي خلال اجتماعه بهما في نيويورك، الأسبوع الماضي، عن إمكان مشاركة لبنان واحتمال أن ينسحب النأي بالنفس عن الأزمة السورية، على مشاركة كهذه، فكان جواب ميقاتي أن النأي بالنفس ينسحب على الاعتبار الأمني والعسكري بالدرجة الأولى، لكن عندما ينعقد مؤتمر دولي بمشاركة جميع الأطراف الإقليمية، فان لبنان صاحب مصلحة في كل ما من شأنه أن يؤدي الى وقف حمام الدم وتأكيد وحدة سوريا أرضاً وشعباً ومؤسسات.
وأضاف ميقاتي، وفق المصادر نفسها، أن لبنان يتأثر بدرجة كبيرة بالأزمة السورية بكل أبعادها، وخاصة قضية النازحين، وبالتالي سيكون عنصراً مشجعاً لأية تسوية تؤدي الى وقف النار، ووضع سوريا على سكة الحل السياسي وإطلاق ورشة المصالحة الوطنية وإعادة الإعمار وعودة النازحين الى ديارهم.
وقد كانت قضية مشاركة لبنان في “جنيف 2” في صلب المشاورات التي أعقبت الاجتماع الأمني الذي عقد، أمس، في القصر الجمهوري في بعبدا، وشدّد خلاله رئيس الجمهورية على أهمية التمسك بإعلان بعبدا وتحييد لبنان والإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة واستئناف الحوار الوطني.
وعلم أن الموفد الدولي الى سوريا الاخضر الابراهيمي سيصل الى بيروت مساء غد على الأرجح، وسيتوجه في اليوم التالي الى دمشق حيث سيمضي فيها حوالي 48 ساعة، على أن يغادرها عن طريق بيروت، بعد أن يجري فيها سلسلة لقاءات تشمل سليمان وميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، علماً أن رئيس الجمهورية سيغادر بيروت الأحد المقبل الى النمسا في زيارة تستمر حتى مساء الثلاثاء المقبل، تلبية لدعوة رسمية من نظيره النمساوي هاينز فيشر.
وفي موازاة ذلك، شكل الجرح الطرابلسي النازف، دليلاً إضافياً، على تحول هذا “الميدان الشمالي” الى “صندوق بريد” أو ما يشبه “التنفيسة” اللبنانية لتلك النيران المستعرة خلف الحدود الشرقية.
فقد حاولت الدولة، أمس، التقاط المبادرة في طرابلس، في اليوم الخامس على النزف المتجدد الذي حصد ثلاثة قتلى و45 جريحاً وتسبب بتعطيل الحياة في المدينة على مختلف المستويات. وإذا كان التحدّي الذي يمثّله الفلتان الأمني في المدينة قد نجح في فرض جولة جديدة من الاشتباكات، فإن ما حملته من دلالات، سياسية وميدانية، يشي بأن هذه الجولة حصلت بدفع خارجي حاول اللعب بورقة طرابلس في سياق الصراع الدائر في سوريا، وبالتالي فإن الإجراءات التي اتخذها الاجتماع الأمني في بعبدا أمس، تسعى لتعطيل الاستثمار السياسي الخارجي لورقة طرابلس الأمنية، وهو أمر سيكون صعباً ومعقّداً، لأن المعنيين بهذا الاستثمار لن يتنازلوا عن هذه الورقة بسهولة، خصوصاً أنه أصبح لديهم أكثر من طرف إصبع ممسك بها ويتحكّم بإدارة القرار الأمني في المدينة، ما يعني أن المواجهة ستكون مفتوحة بين الأجهزة الأمنية التي حمّلها رئيس الحكومة “مسؤولية تاريخية”، وبين الساعين إلى الاحتفاظ بأمن طرابلس.
وفي ظل هذه المواجهة، بدا أن الجولة 17 قد خرجت في طبيعتها وسياقها وأدواتها عن كل الجولات السابقة، ما أوحى بوجود عناصر محلية جديدة على “خط تماس” طرابلس الإقليمي، فشلت حتى مساء أمس في استدراج العناصر التقليدية لتأجيج المعارك، لكنها نجحت في حشر الدولة وأجهزتها الأمنية والقوى السياسية على اختلافها، وكذلك المجموعات المسلّحة المتفلّتة، في زاوية ضيّقة ووضعتها أمام خيارات صعبة لن يكون أقلّها الطلب من الجيش الصدام مع المسلّحين في جانبي خطوط التماس، على اعتبار أن المواجهة الحقيقية ستكون مع من يتولّى إدارة شأن هذه المجموعات بالتمويل والتسليح.
الى ذلك، وفيما كان مخيم عين الحلوة يشهد، أمس، توتراً أمنياً، نصبت قوة من مديرية المخابرات في الجيش اللبناني كميناً لمجموعة تكفيرية، على مسافة ساعات قليلة من انطلاقها من إحدى بلدات البقاع الشمالي باتجاه البقاع الأوسط، ولدى محاولة توقيف سيارة “الفان” التي كانوا يستقلونها، بادر الأربعة الذين كانوا بداخلها إلى إطلاق النار على الجيش، فردّ الأخير بالمثل، وكانت المحصلة مقتل مسلحين واصابة آخرين (سائق “الفان” وهو لبناني والثاني من التابعية السورية)، فيما أصيب عسكريان بجروح طفيفة.
وتبين أن أحد القتيلين كان يلفّ نفسه بحزام ناسف (غير مجهّز للتفجير) وأن السيارة كانت تنقل حوالي 300 كلغ من المتفجرات (تي. ان. تي. وبودرة ألمنيوم) وفتائل الصواعق. وقام الجيش بتفكيك الحزام الناسف ونقل المتفجرات الى أحد المراكز القريبة، على أن تبدأ التحقيقات، اليوم، مع الموقوفين في مستشفى البقاع.

السابق
«الأخبار»: داعش قد تستهدف قوات اليونيفل
التالي
الديار: ألف مقاتل من عكار الى التبانة وجبل محسن تصله الأسلحة