أميركا سعيدة بالمذبحة السورية؟

لم يكن أحد في حاجة الى تصريحات رئيس موظفي البيت الابيض دينيس ماكدنو لكي يتأكد من ان مسار الازمة السورية يشكل خريطة طريق نموذجية بالنسبة الى اميركا وكذلك بالنسبة الى روسيا، وقد تقاطعت مصالحهما منذ البداية عند المذابح التي جعلت من هذا البلد مقبرة كبيرة.
كانت المعادلة واضحة ووقحة، ومنذ عامين لم تتوقف هذه الزاوية عن استعمال شعار “الادارة الاميركية الروسية المشتركة للقتل”. وهذا تعبير لا ينطوي على أي افتئات، فقد تضافر الانحياز الروسي الفظ الى جانب النظام السوري وحمايته بالفيتو وتسليحه والاصرار الدائم على اعتبار المعارضة من الارهابيين، مع التعامي الاميركي الاشد فظاظة ومرارة عن المذابح، وكذلك عن اصرار النظام على افشال كل المساعي والحلول منذ “المبادرة العربية” التي دفنها سيرغي لافروف، الى مهمة كوفي انان ومن بعده الاخضر الابرهيمي الذي يجرجر الفشل الى درجة ان السعودية رفضت استقباله في جولته الحالية يأساً من مهمته، وقد باتت اقرب الى شهادة زور امام بلد يدمر ويذبح من الوريد الى الوريد، وبمشاركة من ايران التي يزورها الابرهيمي ليفاوضها على الحل وهي المتورطة في القتل مع أذرعها العسكرية في لبنان والعراق!
تنقل “النيويورك تايمس” عن ماكدنو تساؤلاً صريحاً: “ما هي مصلحة اميركا في وقف الحرب والعنف في سوريا؟”. ان مجرد طرح السؤال يعني ان اميركا تسهر على استمرار الحرب والعنف. اكثر من هذا يضيف: “ان الوضع في سوريا يمكنه ان يبقي ايران منشغلة لسنوات، ثم ان القتال في سوريا بين “حزب الله” و”القاعدة” قد يكون في مصلحة الولايات المتحدة”!
هكذا بالحرف، لكن هذا الكلام لا يخرج عن سياق ما سبق ان قاله الجنرال مارتن ديمبسي في اجتماع لفريق الامن القومي وبحضور باراك اوباما: “لا مصلحة اميركية لترجيح كفة اي من الفريقين المتقاتلين في سوريا”. ومن الواضح ان اهتمام اوباما بالمذبحة المتصاعدة في سوريا تراجع من مستوى تصريحات الرياء اليومية عن ان “الاسد انتهى” و”الاسد فقد شرعيته”، الى درجة الاعراب عن الضيق كلما اثيرت الازمة امامه مع افراد طاقمه، كما تؤكد “النيويورك تايمس”.
على امتداد سبعة اشهر تظاهر السوريون تحت الرصاص هاتفين “سلمية – سلمية”، لكن بوتين لم يسمع ولم يرَ، الآن يحدثنا عن المتطرفين والتكفيريين الذين جاءوا من الشيشان وغيرها لنصرة السوريين، لكن موسكو كانت ولا تزال شريكة واشنطن في إدارة هذا المسلخ الذي تنشط فيه سواطير اقليمية الى جانب القنابل البرميلية والكيميائي، وفي الحساب السياسي ان لا مصلحة لروسيا اذا خسر النظام، ولا مصلحة لاميركا اذا هزم، لكن من مصلحة الطرفين اذ اغرق الايرانيون ومعهم التكفيريون والمتطرفون في حقول الدم.

السابق
الشرق الأوسط: ترقب دفعة ثالثة من السجينات خلال أيام
التالي
وداعاً .. محمد دكروب