النهار: الأسد التقى عباس ابراهيم وروسيا معنية بمطالب الخاطفين

كتبت “النهار ” تقول: إذا كان التأجيل السابع امس للجلسة النيابية العامة منذ نشوء الازمة الحكومية قبل اكثر من ستة اشهر شكل العنوان العريض الثابت للعجز السياسي عن اختراق هذه الازمة واستعصائها على كل الجهود الداخلية، فإن الجولة القتالية الجديدة المتمادية في طرابلس لليوم الرابع شكلت الوجه الاكثر قسوة وافتضاحا للعجز السياسي والامني سواء بسواء عن وقف دورة الفلتان المسلح الذي ينهش هذه المدينة ويستنزفها ويحول القوى الامنية والعسكرية فيها شهود زور على مستبيحي الامن من قادة الشلل والميليشيات المسلحة في باب التبانة وجبل محسن.

هذه الصورة القاتمة عادت لتتقدم المشهد الداخلي امس في ظل دوران المساعي السياسية للجم دورة العنف الجديدة في طرابلس في دائرة مقفلة على رغم التعزيزات الكثيفة التي استقدمها الجيش لاحتواء الاشتباكات التي تواصلت على محاور القتال التقليدية ومنع اتساعها. واذ عد الانفجار الجديد للوضع بمثابة انهيار للخطة الامنية التي كانت القوى الامنية والعسكرية شرعت في تنفيذ المرحلة الاولى منها قبل اسابيع قليلة، اتخذت مشاهد قادة المحاور في نزولهم الى الشوارع وقيادة المعارك والاشتباكات بعداً شديد الوطأة نظرا الى المخاوف من ان تكون المدينة امام جولة طويلة على غرار الجولات السابقة. حتى ان بعض المصادر المعنية بالوضع في طرابلس اعرب لـ”النهار” عن توجسه من ان تكون دورة الاشتباكات الجديدة نذير انعكاس لاحتقانات اقليمية متصاعدة تحكم الوضع في لبنان وتشكل طرابلس الفسحة الامنية الجاهزة في اي لحظة لتنفسها. وقالت ان ثمة ما يثير الريبة في اندلاع الموجة الجديدة من العنف عقب اكتشاف مفجري المسجدين في المدينة من جهة وتكاثر الكلام عن معركة محتملة في القلمون في سوريا امتدادا الى الحدود اللبنانية من جهة اخرى.
وأبلغت المصادر “النهار” ان استحقاقا جديدا يواجه لبنان الرسمي قد يكون من شأنه زيادة الاستقطاب السياسي وحدته ويتعلق بموضوع مشاركة لبنان أو عدم مشاركته في مؤتمر “جنيف – 2” للنظر في حل مرحلي للازمة السورية.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية في هذا السياق ان لبنان الرسمي سيبلّغ الممثل الدولي والعربي في سوريا الاخضر الابرهيمي، الذي سيزور بيروت السبت المقبل، انه لن يلبي الدعوة الى مؤتمر “جنيف – 2” انطلاقا من سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها، كما أكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان في موقفه اول من امس، في رد غير مباشر على الرئيس السوري بشار الاسد الذي اتهم لبنان بأنه متورط في الصراع في سوريا. وأضافت ان الانقسام اللبناني حيال المؤتمر ظاهر قبل انعقاده. ففي حين يرى الفريق المؤيد للنظام السوري ان مشاركة لبنان في المؤتمر من خلال وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عدنان منصور من شأنها تقديم دعم لهذا النظام في المؤتمر، يرى خصوم النظام ان لبنان في ظل حكومة مستقيلة ومع وزير خارجية يصرّف الاعمال وداعم للنظام السوري لا يمكنه المشاركة في مؤتمر كهذا ، لذا فان الكلمة الفصل ستكون للرئيس سليمان الذي يلقى تأييدا من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وسيبلغ الابرهيمي امتناع لبنان عن تلبية الدعوة الى المؤتمر.

محاولات اقتحام؟
أما على صعيد الوضع الميداني في طرابلس، فقد أدت الاشتباكات في يومها الثالث امس الى رفع حصيلة العنف الى قتيلين وزهاء 33 جريحاً، فيما شلت الحركة في المدينة واقفلت المدارس ابوابها وسجلت حركة نزوح من المناطق الساخنة. واسترعى الانتباه في هذا السياق ما كشفه مصدر امني من ان مسلحين من كل من الجانبين حاولوا مهاجمة الجانب الآخر وان الجيش المتمركز بين المنطقتين رد على مصادر النار. وحض مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار عقب لقائه امس الرئيس ميقاتي على حسم الوضع في المدينة، وقال: “إن الحسم من جانب الجيش وقوى الامن ايا تكن نتائجه افضل الحلول واقلها خسارة لان المواطنين لم يعودوا قادرين على الاحتمال اكثر”. وعلمت “النهار” ان الرئيس سليمان سيرأس اليوم اجتماعا لقادة الاجهزة الامنية للبحث في الوضع في طرابلس.

ملف المطرانين
في سياق آخر، برزت امس موجة جهود جديدة لاطلاق المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابرهيم المخطوفين في حلب في سوريا، من غير ان تتضح طبيعة المفاوضات والشروط التي تكتنف هذا الملف الذي يُعد تكملة لملف اطلاق مخطوفي اعزاز. ولوحظ في هذا السياق ان الرئيس السوري استقبل امس المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم وقت افادت معلومات ان النظام السوري اطلق 14 سجينة سورية كدفعة اولى من السجينات اللواتي كان “لواء عاصفة الشمال” الذي خطف اللبنانيين في اعزاز يطالب باطلاقهن. وذكر ان الاسد بحث مع ابرهيم في ملف المطرانين المخطوفين. وعلمت “النهار” ان لقاء الاسد وابرهيم كان “جيدا” وتخللته اشارة ودية من الاسد عندما قال لمدير الأمن العام: “لماذا غادرت سوريا الى لبنان ثم عدت الينا؟ نتمنى لو بت الليلة في دمشق”. وتبين ان موضوع المطرانين محاط بسرية تامة توصلا الى اتفاق مع الجهة الخاطفة وهي شيشانية يتزعمها محمود اغاروف ولها مطالب تتخطى الحدود السورية.
وعلى صعيد متصل ابدى الجانب السوري امتعاضه مما وصفه “بالمزايدة اللبنانية في قضية المطرانين اللذين هما سوريان، مما يعني ان قضيتهما قضية وطنية سورية بامتياز”. وبما ان الجهة الخاطفة شيشانية، فان روسيا معنية بالقضية انطلاقا من علاقة الكنيسة الارثوذكسية الروسية بها وكذلك انطلاقا من امكان تحقيق السلطات الروسية مطالب للخاطفين في بلادها. وعلم ان دولا عدة معنية بالموضوع بينها دولة غربية واحدة على الاقل. ولن يكون من مطالب الجهة الخاطفة امر متعلق بمسجونين اسلاميين في لبنان. اما بالنسبة الى قطر، فسيكون لها دور في الوقت المناسب.
وكان موضوع المطرانين من ابرز المواضيع التي طرحت في لقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وامير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة امس. ونقل الراعي عن امير قطر وعده بالقيام بكل جهده في هذا الشأن وانه سيأخذ على عاتقه قضية البحث عنهما ومعرفة مصيرهما واطلاقهما.
ويشار اخيرا الى ان الولايات المتحدة وفرنسا أحيتا امس الذكرى الثلاثين لتفجيري مقري المارينز والمظليين الفرنسيين في بيروت عام 1983 واللذين اوديا بـ240 رجلاً من المارينز و58 مظلياً فرنسيا. كما اقيم احتفال رمزي في مكان التفجير في بيروت.

السابق
رصاص قنص يخرق الهدوء الحذر في طرابلس
التالي
السفير: خط التماس الإقليمي يعبث بطرابلس