السفير: تحرّك على خط المطرانين.. وطرابلس تنزف

كتبت “السفير ” تقول: لم تنجح الجلسة العامة التي عُقدت أمس لانتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية في تمهيد المناخ أمام التئام الجلسة التشريعية المقررة اليوم، وبالتالي التأسيس لانفراج سياسي، يعيد وصل ما قطعه الاحتقان السياسي والمذهبي، والصراع على الصلاحيات والأدوار.
وتعبيراً عن حالة “الاختناق الداخلي”، استمرّ النزف في طرابلس التي عادت المواجهات الى الاحتدام على محاورها، علماً أن كل جولة عنف، سواء كانت محدودة او واسعة، تؤدي الى سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء الذين تحوّلوا الى مجرد أرقام في فاتورة الخسائر العبثية، من دون أن تنفع الخطة الامنية في تحقيق تهدئة ثابتة، لغياب القرار السياسي الحقيقي، سواء لدى الجهات الراعية للمسلحين او لدى الدولة المعنية بلجمهم.
وحدها، صفقة الإفراج عن مخطوفي أعزاز شكلت شمعة في هذه العتمة، مع الاشارة الى ان الزخم المترتب على قوة الدفع التي صنعت هذه الصفقة قد يقود الى إنجازات أخرى في ملفات لا تزال مفتوحة، وفي طليعتها ملف خطف المطرانين. وعلمت “السفير” ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم زار أمس مجدداً دمشق، لمتابعة قضية المطرانين، وسيبقى الباب مفتوحاً على زيارات متلاحقة في المدى القريب.
وفي المعلومات، أن قضية تحرير المطرانين أصبحت مطروحة بقوة على جدول أعمال القيادة السورية، إضافة الى كونها موضع متابعة حثيثة من مرجعيات رسمية وأمنية داخلية، ومن جهات إقليمية ودولية.

مجلس النواب
أما “تحرير” الجلسة التشريعية لمجلس النواب، فلا يزال ينتظر نضوج الظروف الملائمة التي يبدو أنها لم تختمر بعد. وإذا كان مقرّ المجلس قد جمع لبعض الوقت نواب ” 8 و14 آذار” لأسباب اضطرارية، إلا أنه سرعان ما تلاشت مفاعيل الصورة الجامعة التي تكاد تصبح “صورة تذكارية” في ظل الانقسامات العميقة والصراعات الحادة.
وما كاد النواب ينجزون “الفرض المدرسي” ويُنهون التجديد للقديم في هيئة المكتب واللجان، حتى استعادت الاصطفافات السياسية حدّتها وعاد كل طرف الى خندقه، وسط انشطار عميق في الموقف من الجلسة التشريعية التي يُصرّ “تيار المستقبل” وحلفاؤه على عدم دستورية انعقادها في ظل وجود حكومة تصريف الأعمال متسلحاً بدراسة، بينما يتمسك الرئيس نبيه بري وفريق “8 آذار” بدستوريتها المبنية على استقلالية السلطة التشريعية وخلاصات التجارب السابقة.. والحصيلة استمرار الشلل في عمل المجلس النيابي، معطوفاً على الفراغ الحكومي وتعطيل طاولة الحوار.
ولعل أسوأ ما في حالة الشلل التي يعاني منها البرلمان أنها أفرغت خيار التمديد لمجلس النواب من أي محتوى أو معنى، وهو الأمر الذي دفع بري الى الطلب من لجنة الادارة والعدل تكثيف اجتماعاتها في المرحلة المقبلة لدرس مشاريع واقتراحات القوانين الانتخابية المحالة اليها. وقال بري لـ”السفير” انه في حال توصلت اللجنة الى التوافق على مشروع انتخابي موحد، فأنا سأقترح حينها تقصير مدة الولاية الممددة لمجلس النواب، وإجراء الانتخابات النيابية في اسرع وقت ممكن.
وكان بري قد دخل إلى القاعة العامة حاملاً مخرجين للحل، فإما المشاركة في الجلسة التشريعية بعد التفاهم على البنود التي ستناقش وتأجيل البنود غير التوافقية، وإما الاتفاق مسبقاً على عقد اجتماع لمكتب المجلس الجديد يُصار خلاله إلى تحضير جدول أعمال جديد، الأمر الذي يستوجب أن يعمد أحد أعضاء المكتب إلى الاستقالة حتى يصار إلى استبداله، وبالتالي إعطاء مبرر للدعوة إلى انعقاد هيئة المكتب، للنظر في جدول أعمال سبق وأقرّ، لكن تبين أن الاقتراحين لم يحظيا بموافقة “المستقبل”.
كما أخفق الاجتماع الذي عقد بين الرئيسين بري وفؤاد السنيورة في التوصل الى أي تفاهم، وبقي كل منهما على طرحه، في حين كان اللقاء بين بري وأعضاء الأمانة العامة لـ”تكتل التغيير والاصلاح” أكثر إيجابية، خرج بعده النائب ابراهيم كنعان ليؤكد أن التشريع في ظل حكومة مستقيلة ممكن دستورياً.

بري
وقال بري لـ”السفير” أنه يتوقع من حيث المبدأ أن يتأمن النصاب القانوني لجلسة اليوم، لكنه لفت الانتباه إلى أنه لن يدعو الى التئامها ما لم يتأمن نصابها الميثاقي، “لأنني حريص على أن تكون كل المكونات اللبنانية حاضرة في أي جلسة تشريعية”.
وكشف بري عن أنه أبلغ الرئيسين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة صراحة أن ما يجري هو عبارة عن “دكتاتورية مقنعة” تضرب جوهر النظام الديموقراطي وآلية انتظام عمله، “وهذا أمر مرفوض بشدة من قبلي ولا يمكن أن يمر معي”. وتابع: لقد قلت لهما بوضوح أنه لا يجوز أن تؤدي استقالة رئيس الحكومة الى تعطيل مجلس الوزراء ومجلس النواب وتكبيل رئيس الجمهورية.. إن هذا الامر الواقع غير مقبول، سواء كان رئيس الحكومة المستقيل هو فؤاد السينورة او نجيب ميقاتي او والدي.
وأوضح أنه اقترح على الرئيس السنيورة مخرجاً يقضي بأن تعقد الجلسة على اساس جدول الأعمال المعلن، “مع الأخذ بعين الاعتبار أنه يمكنني كرئيس لها إرجاء التصويت على المشاريع والاقتراحات التي يكون “تيار المستقبل” قد ابلغني مسبقاً بأنه يرفضها او لا يتحمس لها، وأحيلها الى اللجان المشتركة، ولكن الرد على هذه المخرج جاء سلبياً للأسف”.
وتوجه بري الى المعاندين والمكابرين بالقول: أنتم اختبرتم مرونتي، لكنكم تناسيتم على ما يبدو صلابتي.

طرابلس
في هذه الأثناء، احتدم التوتر في طرابلس النازفة التي ما أن تهدأ أحوالها حتى تهتز من جديد، تحت وطأة الإشكالات والأحداث المتكررة، في وقت لا تزال الخطة الأمنية حبراً على ورق.
وقد شهدت المحاور التقليدية في المدينة أمس اشتباكات، كانت تعنف حيناً وتتراجع حيناً آخر، ما أدى الى سقوط قتيلين و15 جريحاً، بينهم ثلاثة عسكريين، فيما استقدم الجيش تعزيزات إضافية وسيّر دوريات مؤللة ورد برشاشاته الثقيلة على المسلحين.
وشهدت محاور التبانة والقبة وجبل محسن ليلاً اشتباكات عنيفة تركزت على محاور البقار، الريفا، الشعراني، البرانية وبعل الدراويش، حيث استخدمت الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية والقذائف الصاروخية التي تردد دوي انفجارها في أرجاء المدينة، فيما شهدت المحاور الأخرى مناوشات خفيفة وأعمال قنص متفرقة.
وطرح التدهور الأمني في طرابلس مزيداً من علامات الاستفهام حول ما إذا كان هناك قرار بإبقاء المدينة ساخنة تمهيداً لمواجهة أكبر ربطاً باحتمال انطلاق معركة جبال القلمون.

السابق
النهار: لا جلسة اليوم وجنبلاط ينتقد موقف السنيورة
التالي
مضطرون للتهاون مع الأسد