اللبنانيون مرعوبون: الحلّ بأدوية الأعصاب؟

لبنانيون
اللبنانيون مرعوبون، لأسباب كثيرة، لكنّ علاج الخوف لا يكون بالمبالغة في اجراءات الحماية والحذر، ولا بالعقاقير والأدوية المهدّئة، بل بالعودة الى العقل، مع قليل من الحذر لا أكثر.

في السنوات الأخيرة، يمكن القول إن اللبنانيين شعب من الخائفين المرعوبين. كلّ يوم هناك خوف جديد، مالي وأمني واقتصادي واجتماعي وعائلي….

وبدأ اللبنانيون في ممارسة سلوكيات جديدة لم يعهدوها من قبل: قواطع حديد أمام المحال التجارية، لافطات تمنع الوقوف، أهال يخافون من إرسال أبنائهم الى المدارس، خوف من التجوال في الأسواق والمجمعات التجارية، وأفعال كثيرة نقلها الأهل الى أطفالهم دون وعي لمخاطر المسألة.

المتخصصة في برمجة وتعديل السلوك والإرشاد والعلاج التربوي والأسري، رباح عبد الكريم همداني: “الخوف هنا هو القلق من اشياء غير موجودة، بل مخزّنة في العقل الباطن الذي يتحرك عمله، ويزداد تفاعله في اجواء معينة مشحونة كالأوضاع الحالية”.

وتعتبر همداني أن “حالات الخوف عدوی متناقلة، ينقلها الكبير الی الصغير، والاب الى ولده دون شعور، ودون وعي، خصوصا عندما يمنعه من سلوك طريق معين او المرور بشارع معين او الوجود ببيئة معينة بسبب الهاجس من امكنية حدوث أي طارئ”.

وتؤكد همداني أنّ “سلوك الخوف الذي يطبقه الأهالي والراشدون في مختلف مفاصل حياتهم، يحمل أذى نفسياً وتربوياً، يترتب عليه آثار سلبية كبيرة على الأطفال، خصوصاً الذين لا يدركون ما يحصل، والتبرير الوحيد الذي يقدّمه الأهل لتصرفتهم هو أنهم يبحثون عن الأمن والطمأنينة لهم ولأولادهم  في مدارس جديدة، مثلا، تقع في مناطق أكثر أمناً”.

همداني استقبلت في عيادتها لحالات ذات هواجس مختلفة، منهم من يتخوّف من وقوع حروب جديدة، وبعضهم يحمل بين طيات كلامه خوفا شديدا من آلام الحرب ومعاناتها. وبعضهم تحدّث عن خوفه من الجوع والعطش، والبعض الآخر من الموت تحت الدمار او التعرّض للتشوه، وفقدان الأهل والأحبة. وتعتبر همداني أن “من شأن هذا الخوف أن يوصل الفرد الى فقدان ثقته بنفسه، وبمن حوله”.

وتجزم همداني أنّ “معالجة الخوف لا تكون بالعقاقير، بل بخطوات عديدة، هي: تحديد طبيعة  البيئة المحيطة بالفرد، وهل هي بيئة مسببة للخوف؟، وتحديد العنصر الاساسي الذي سبّب الخوف لهذا الفرد، وهنا يأتي علاج السبب والمُسبّب”.

وتشير همداني الى أنه “من المهم جداً إقامة ورش عمل ودورات تهيئ الأفراد للتعامل مع أي ظرف طارئ، من خلال التنسيق مع بعض الجهات من مؤسسات تربوية ومنظمات مجتمع مدني، وبعض النوادي والمؤسسات الصحية والإجتماعية التي تُعنی بالارشاد والتوجيه”.

وحول إذا ما أصبحنا في لبنان مجتمعا حربيا كمجتمع العدو الإسرائيلي، الذي يعيش هاجس الحرب في كل لحظاته، تشير همداني الى أنه “رغم وجود عدو على حدودنا، ورغم الظروف التي تنذر بوضع أمني قلق، فإن المواطنين الذين يعيشون الخوف اليوم، سيكونون أقوى الأقوياء يوم تقع الحرب إن حصلت، لسبب هو أن هذا المجتمع ترّبى على فكرة رفض الإحتلال بأي شكل أتى، وعلى فكرة وجود مقاومة تحميّ الوطن”.

وتختم همداني بـ” دعوة الأفراد الى التوكل على الله، والى اتخاذ إجرءات الأمن والحماية، ولكن مع عدم المبالغة فيها”.

السابق
سرقة محل لبيع الألبسة في فرن الشباك
التالي
أميركا وإيران حليفتان… بعد عقدٍ!