الشورت جنحة يعاقب عليها القانون اللبناني

الشورت القصير
الى متى ستبقى لجنة تحديث القوانين في البرلمان غير فاعلة؟ وهل من الصواب ان نعيش في لبنان أسرى قوانين غير صالحة في القرن الواحد والعشرين؟ منها قانون منع ارتداء الشورت القصير في الشارع!

انقضى الصيف، وبدأ الخريف بهوائه وبرده. كلّ شي يتغيّر، والزمن يمشي بانتظام، إلا في ما خصّ القانون اللبناني الواقف مكانه منذ الانتداب الفرنسي العام 1943. قانون يعلوه غبار 70 عاما. ومن ثغراته التي لا تحصى ولا تعدّ بند في قانون العقوبات يحذر الفتاة من لبس “الشورت” القصير. وذلك في المادة 44/ل، استنادا الى مرسوم فرنسي صادر في العام 1920.

هذا القانون “الغريب” غير مفعّل، وعدد كبير من المحامين لا يعلمون بوجوده أصلا، كذلك بالنسبة للمواطنين، فمن خلال استقصاء بسيط قامت به “جنوبية” لمعرفة رأي الناس ومدى علمهم بهكذا قانون، تبيّن ان ما يقارب الـ 75 % منهم لا يعلمون بوجوده اصلا، وعدد قليل سمع به من خلال برامج التلفزة التي تناولت الموضوع بسخرية وباستخفاف. ومن أصل 25 امرأة في شارع الحمرا، 5 فقط أجبن بـ”نعم” على سؤال حول ما إذا سمعن بالقانون، والباقيات اكتفين بالدهشة والضحك والاستهزاء من الدولة وقوانينها.

في هذا القانون مواد أربع، أولى تمنع النساء من ارتداء السروال القصير في الدول الخاضعة للإنتداب الفرنسي، أي في لبنان وسوريا، وثانية تقضي بأن يستر اللباس مجمل الصدر، من النحر حتى الساقين، وثالثة تمنع ارتداء لباس السباحة المثير ذي القطعتين، ورابعة تحدد 250 ليرة لبنانية غرامة مالية لكلّ مخالفة. وفي نهاية القانون لا يزال توقيع المفوّض السامي هنري فيرناند دانتز، الذي أدار الأمور الفرنسية في لبنان بين العامي 1940 و1942.

الاكيد ان الانتداب الفرنسي انتهى، وحصل لبنان على استقلاله منذ أكثر من ستين عاما. إلا ان قوانينه لا تزال بالية، ولجنة تحديث القوانين في البرلمان اللبناني لم تلحظ هذا القانون لالغائه او تفعيله. وعلى هذا الاساس، يصبح من واجب الضابطة القضائية والعدلية أن تجول في شوارع بيروت ونظيراتها الساحليات، فتنظم محاضر ضبط بكل أنثى مشت على الموضة الاوروبية والتركية، فلبست “شورت” ومشت في الشارع، أو نزلت بمايو من قطعتين على البحر.

وكان قد أشار وزير العدل اللبناني شكيب قرطباوي،الى أن القانون لم يلغ “لأنّ هذه الأمور بحاجة إلى جردة عامة للقوانين المماثلة، ولبنان لم يشهد أيّ جردة قانونيّة منذ إنشائه”. وأضاف: “في حال وُضعت بين أيدي القاضي أي دعوى من هذا القبيل، يتوجّب عليه تدارك الموقف وردّ الدعوى، على اعتبار أنّ هذه النصوص غير قابلة للتطبيق”.

هذا القانون “الغريب” يطبق فعليا في بعض مؤسسات الدولة الرسمية، التي تمنع الموظفات والمواطنين من الدخول الى قصر العدل، أو الأمن العام، أو مباني الوزارات إن لم تكن تحافظن على حدّ أدنى من الحشمة. وهذا الامر ينطبق أيضا على الرجال، إذ يمنع عليهم إذا ما أرادوا متابعة معاملاتهم الرسمية كجواز السفر مثلا، الدخول بالشورت، أو بدون حذاء. وقد حدث أن أعيد كثيرون من أمام أبواب إدارات رسمية لأنّهم يرتدون “شحّاطة” مثلا، على الموضة، بدل حذاء مقفل.

في المبدأ إذا لم ينجح البرلمان في إقرار قانون للانتخابات النيابية يؤمن تداول السلطات الأولى والثانية والثالثة ويحمي البلد من الفراغ، فكيف له ان ينجح في تطبيق قانون يتعلق بتقصير الشورت؟ ومؤسسات لم يتنجح في “منع التدخين بالأماكن العامة” هل ستقدر على “الشوت” وعلى “كيدهنّ العظيم”؟

السابق
المرصد: مقتل 21 على الاقل في انفجار جنوب سوريا
التالي
مجلس الشيوخ الأميركي يتوصل الى اتفاق لرفع سقف الدين