هكذا تعاقبون وليد جنبلاط

وليد بك جنبلاط

قيل في وقت من الاوقات قبيل الانتخابات النيابية التي أجهضت الصيف الماضي، أن كل من فريقي ٨ و ١٤ يبحثان في الطريقة التي يحجّمان فيها نفوذ النائب وليد جنبلاط. فالزعيم الدرزي دوخ الجهتين بما يسمى “تقلباته السياسية”.

“الدوخة” أمر طبيعي لفريقين يراهنان على الحدث الخارجي ليرسما سياستيهما في الداخل. هذا اذا لم نقل أنهما يعملان بالاملاء والامر. فالتطورات الاقليمية لا تسير على خط ثابت. وانما تخضع لموازين قوى دولية، قد تتبدل في لحظة ما، فتتبعها تغييرات تكتيكية، تحضيرا لتسوية ما. ويضاف الى ذلك أن الازمة السورية، وهي التي تخصنا بالتحديد، كونها دوخت طبقتنا السياسية، شهدت هبوطا وصعودا، بسبب التذبذب الاميركي، خصوصا، والميوعة الاوروبية عموما، في مواجهة براغماتية روسية خبيثة .

هذا لم يفهمه جهابذة ٨ و ١٤ عندنا. فححدوا الموعد تلو الموعد، سواء لسقوط النظام السوري، أوالعكس، لحسمه المعركة عسكريا. وحده جنبلاط فهم اللعبة وقرأ كل تعرجاتها. ليس لان مراكز القرار تمده بالمعلومات فقط، فللجميع مصادرهم. بل لانه “يفهم” في السياسة، ويعرف كيف يحافظ على موقعه ودوره. والآخرون لا يفهمون هكذت بكل بساطة. صحيح أن تصريحاته ضد نظام الاسد كانت تعلو أحيانا وتخبو أحيانا أخرى. الا ان عذره في ذلك انه واكب بواقعية تعرجات تلك الازمة الذي لايعرف أحد كيف ستنتهي.

فخر لجنبلاط أنه تعرض للمديح والتجريح تباعا من فريقي النزاع السياسي في لبنان. فاذا أتتك مذمتي من فاشل فهي الشهادة لي بأني ناجح. وسلوك الطرفين ازاء الرجل مفهوم سياسيا. ولكن ما ليس مفهوما ولا مقبولا ان ينبري من هم “في الصف الثاني” لنقد زعيم بحجم جنبلاط، وبأسلوب مخابراتي تافه. فاذا كان لتيار المستقبل وزعيمه مثلا، أي حساب لتصفيته معه: فلماذا لا تحترم المقامات، ويأتي الرد على مستواه؟

عقاب جنبلاط لا يكون بالكلام النابي، بل بالتحالفات والانتخابات، اذا استطاع أحد الى ذلك سبيلا.

السابق
الدولة اللبنانيّة غير معنيّة بحادث «مقتل الأطرشّ»
التالي
رامي علّيق: فشلنا.. لكن الانبياء تعرضوا للسخرية