أحمد الاسعد – رامي علّيق.. والأنا القاتلة

رامي عليق و احمد الاسعد
ظنّ أحمد الاسعد أنّ تشابه الاسماء بينه وبين جدّه كفيل بإعادة الزعامة نفسها. كذلك ظنّ رامي علّيق أن ابتكار مكتب اعلامي سيجعله زعيما. وأصرّ الاثنان على أنّ "القائد" يقود التغيير بلا مساعدة من أحد، فأضرّا بقوى الاعتراض الشيعية كلّها.

لست في وارد الكلام عن فشل تجربتَي احمد الاسعد ورامي عليق انطلاقا من خلفية تشفّي كما عمل البعض. او لمجرد التقييم، خصوصا انه لا تربطني بكليهما الا علاقة احترام. ما يعنيني بالامر هو الانعكاسات القاتلة التي يمكن ان يسببها فشل هذين “القائدين “، او فشل اي خطوة مماثلة يمكن ان تأتي في المستقبل خلال لحظة حماسة شخصية لا علاقة لها من قريب او بعيد بالعمل السياسي الحقيقي ولا بقراءة رزينة للظروف الموضوعية التي تتحكم بحياة او موت اي عمل نهضوي تغييري. هذا لأنّ الفشل عندئذ لا يُختصر باصحابه المباشرين فقط بل يطال في تداعياته، بما يسبب من احباط ويأس، العاملين في الشأن العام كلّهم، والمعترضين على واقع الحال. وإن لم يكن لهم اي علاقة عضوية من قريب او بعيد. فشظاياه لا بد ستصيبهم، ان داخل الدائرة الشيعية الضيقة او ضمن الدائرة الوطنية الكبرى.

فالمآسي التي نعيشها، التي تتحمل مسؤوليتها قوى الامر الواقع، وتتغذّى بشكل اساسي على فرضية تعمل ليلا ونهارا هذه القوى على تأكيدها، واقناع الجماهير بلها، هي عدم وجود بدائل افضل منها. وبالتالي فإن الرئة الوحيدة التي يتنفس منها المسببون لهذا الواقع الاسود هي من خلال قتل اي خيارات جدية اخرى. وابشع ما في هاتين التجربتين ان اعدامهما لم يكلف خصومهما اي عناء يذكر. فكان يكفي بأحمد الاسعد ان يعيش حلمه الوردي الموهوم باسترجاع امجاد بكواتية لم يستطع التخلي عنها كما كان قد وعد كل من حاول ان يساهم في ايجاد حالة اعتراضية حقيقية. ولم يستطع احمد الاسعد، او قل لم يُرِد، ان ينزع من رأسه هذا الوهم. على العكس من ذلك صار يكبر الوهم معه يوما بعد يوم، الى درجة انه صار اسير فكرة متخلفة يعتقد من خلالها ان “الدم الاسعدي” الذي يجري في عروقه وحده كفيل باحياء الزعامة وهي رميم، وان التاريخ يجب ان يعيد نفسه فقط لمجرد التشابه بالاسماء. فصار يتعاطى مع الاقربين والابعدين على انه “البيك المخلص” الذي لا يحتاج الى مشورة او نصيحة، وبأن “الجلفنة” والاستعلاء الرخيص وتصعير الخدّ هي من ضروريات البكواتية التي تجعل من كانوا الى جانبه مجرد محتاجين اليه ولا يستطيعون حتى العيش من دونه. ليتحوّل بعد ذلك الى رجل مريض يعيش على رأس جبل من وهم: “فظاً غليظ القلب”، فانفضّ من حوله كلّ من حاول اقناع نفسه بأن احمد الاسعد يعوّل عليه. ليعود بعد ذلك وحيدا كما بدأ.صحيح انه ربح بذلك القليل من المال الذي احتفظ به لنفسه، الا انه خسر الكثير من الاحترام. وحرم نفسه من اي مستقبل سياسي. وخسّر البيئة الشيعية اي امكانية نهضوية صادقة يمكن ان تساهم في ايجاد حالة من التنوع المفقود، على الاقل في المدى المنظور.

هذه تعتبر اهم خدمة يمكن ان يقدمها احد هذين الاثنين، رامي علّيق واحمد الاسعد، الى الثنائية الشيعية، وبالمجان.فالدكتور رامي عليق، حماسته الزائدة وايمانه المفرط بنفسه باعتباره “قائدا تاريخيا”، جعلته يعتقد ان الجائعين للحرية والعطاشى الى التغيير لا ينقصهم الا ان يعلن حضرته توقيت بدء “الثورة”. وظن الشاب ان هذا كافٍ ليلتحوقوا تحت قيادته الشريفة لانه هو ايضا يشكل باعتقاده “رامي المنتظر”. وبالتالي، كما ظنّ صاحبنا، لا تحتاج النهضة المباركة لا الى فعاليات عاملة ولا الى شخصيات مؤثرة.. وطبعا لا تحتاج الى رؤية برنامجية لان هذا كله يمكن اختصاره بوجود “حضرة القائد الملهم” المتمثل بذاته الشريفة. ما حوّلَه ايضا الى رجل يعيش وهما مرضيا جعله قادرا، نفسيا وعقليا، ان يلقي خطابا ناريا في عدد كبير من الكراسي، امام ساحة خالية.

ولا ننسى قول الاسعد ان “تنسيق المعارضة الشيعية ليس ملحا الآن”، على صفحات “جنوبية” هنا قبل أيام. لأن الاثنين، احمد ورامي، لا يؤمنان بأنّ ما نحتاج اليه حقا كمستقلين ومعترضين هو اطار جامع قائم اساسا على فكرة العمل الجماعي وليس الى مجرد قائد يختصر التاريخ والحاضر والمستقبل في الـ”انا” القاتلة. لان هذه هي مشكلتنا التي نعاني منها وليست ولن تكون هي الحل. حمانا الله من القادة والقياديين لأن” يلّي فينا بكفينا”.

السابق
أوباما يهنّىء سليمان بعيد الأضحى
التالي
اللقاء الاسلامي في طرابلس: لحل الحزب العربي الديمقراطي وطرد سفير سوريا