ماذا يعني التفاوض على النووي لا على الدور الإيراني؟

أكّد سفير دولة كبرى أن المفاوضات مع طهران تنحصِر في الملف النووي من دون الدور الإقليمي، فيما المشكلة مع إيران متأتية من دورها المرشّح أن يتّسِع في حال امتلاكها النووي أو توصّلها إلى تسوية تؤدي إلى ترييحها اقتصادياً وسياسياً.

نجح الرئيس الإيراني، بديبلوماسيته وابتسامته التي لا تفارق وجهه، في إنهاء القطيعة مع الولايات المتحدة الأميركية التي أدّت إلى كَسر المحظور الغربي بالتواصل مع إيران، فأعلن وزير الخارجية البريطانية وليم هيغ أن لندن وطهران “ستعيّنان دبلوماسيين غير مقيمين تكون مهمتهم بناء العلاقات بين الدولتين”. ويرجّح أن تنسحب الخطوة البريطانية على دول أوروبية أخرى قريباً.

وفي موازاة الانفتاح الغربي على إيران، بَرز انفتاح مماثِل على “حزب الله” تمَثّل بدعوة أحد ممثليه للمشاركة في ندوة في إيطاليا، كما دعوة زميل له إلى ندوة تُقام في فرنسا على رغم وَضع الجناح العسكري للحزب على لائحة المنظمات الإرهابية، .

وفي السياق نفسه، ترددت معلومات عن استعدادات غربية لفتح قنوات حوار رسمية مع “حزب الله” تأتي استكمالاً للمناخ التفاوضي الذي انطلق مع الاتفاق الأميركي-الروسي، فيما التواصل الإيراني-السعودي ما زال في أدنى مستوياته.

لكنّ هذا لم يمنع وزير الخارجية سعود الفيصل من قطع الطريق على الكلام عن استياء سعودي جرّاء الانفتاح الأميركي على إيران، بالتأكيد أنّ الأمور تُقاس بمؤدياتها ونتائجها، إلّا أن الترحيب السعودي لا يخفي وجود مخاوف جدّية من الانفتاح المستجِد على طهران، خصوصاً إذا كان التفاوض يتمّ على النووي لا على الدور الإيراني، وهذه المخاوف تتمثّل بالآتي:

أولاً، التوصّل إلى تفاهم دولي مع إيران في الموضوع النووي يؤدي إلى ترييحها اقتصادياً وسياسياً. وبالتالي، إذا كانت قد نجحت في تحقيق كل هذه الاختراقات في العالم العربي على رغم الحصار السياسي والاقتصادي المفروض عليها، فكيف سيكون الحال بعد فَك هذين الحصارين؟

ثانياً، تجاهل الدور الإقليمي لإيران يُوحي وكأنّ هناك مقايضة غير مرئية قوامها أن تتنازل نووياً مقابل إطلاق يدها سياسياً. لأنه لا مبرر لهذا التجاهل، خصوصاً في ظل دورها المَشكو منه لبنانياً وسورياً وعربياً لاحتجازه حرية اللبنانيين والسوريين.

ثالثاً، إقتصار التسوية الدولية، في حال حصولها، على النووي يعني احتفاظ طهران بأوراقها ونفوذها في العراق وسوريا ولبنان، ما يعني الآتي:

أ- استمرار النزاع في الشرق الأوسط حتى إشعار آخر.

ب- استمرار العنف في سوريا لغاية التوَصّل الى تسوية لمصلحة إيران.

ج- استمرار عدم الاستقرار في لبنان والتعطيل والفراغ إلى حين التسليم بسلاح “حزب الله”.

د- استمرار المواجهة السنية – الشيعية وارتفاع منسوبها نتيجة تعاظُم الدور الإيراني.

رابعاً، إذا ثبت أن تركيز الإدارة الأميركية ينحصر في النووي، فهذا يعني أنّ أولويتها إزالة الخطر الذي يتهدّدها من النووي، وليس وَضع حد لخَطر الدور الإيراني على الشرق الأوسط برمّته، أي مواصلة سياسة الإهمال وترك هذه المنطقة لمصيرها.

وفي حال امتلاك إيران السلاح النووي، على رغم استبعاد هذه الفرضية لارتباطها بإسرائيل أكثر من الولايات المتحدة الأميركية، فإنّ هذا يعني تحوّل طهران إلى قوة بمعايير دولية لا إقليمية. وفي الحالتين، أي في حال تسليم إيران سلاحها النووي مقابل التسليم بدورها الإقليمي وفي حال دخولها نادي الدول النووية، ستكون المنطقة أمام احتمالين: استمرار النزاع إلى ما شاء الله، أو الخضوع للهَيمنة الإيرانية، خصوصاً في ظل ميزان قوى “طابِش” لمصلحة طهران.

وحيال ذلك، على اللبنانيين والعرب، وتحديداً السعوديين، البحث الجاد في كيفية خَوض مواجهة متكافئة تُبعِد الحرب ولا تسمح لإيران بالهَيمنة على القضايا العربية وتحدّ من سياستها التوسعية.

السابق
تبييض صفحة النظام عمل متأخر جداً
التالي
سليمان يضع 4 ملفات على طاولة رئاسته