الجمهورية: المحكمة الدوليّة تضمّ متهماً خامساً وبري يلتقي السنيورة قبل سليمان

كتبت “الجمهورية ” تقول: في خضمّ الجمود السياسي السائد وتعثّر محاولات التأليف الحكومي، بعد سقوط الصيغ المطروحة الواحدة تلوَ الأخرى، وتكبيل الرئيس المكلّف تمّام سلام بالشروط الداخلية والخارجية، خرق المشهدَ السياسي العام إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مذكّرة توقيف في حقّ مُتّهم خامس في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو حسن حبيب مرعي.
دخلت البلاد في سبات عميق الى ما بعد عيد الأضحى، وهي أصلاً لم تشهد أيّ تطوّر خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، لا على صعيد احتمال عقد جلسة لمجلس الوزراء تخصّص للملف النفطي، وهو أمر بات مستحيلاً، ولا على صعيد تأليف الحكومة.
وقد أبلغت مصادر مطلعة الى “الجمهورية” أنّ حركة اللقاءات والاتصالات الخجولة التي تحصل لا تحمل اكثر من “جوجلات ومجاملات وجَسّ نبض”.
وتوقّعت ان تستأنف هذه اللقاءات بعد عطلة عيد الاضحى المبارك، بحيث تنطلق مشاورات بحثاً عن صيغ جديدة لتشكيلات وزارية من بينها 9+9 + 6 من دون ان يعني ذلك انّ الضوء الأخضر الاقليمي لتأليف الحكومة قد أعطي، لأنّ كلّ المؤشرات المحلية والإقليمية لم تدل بعد على معالم قرار يتيح ولادة حكومة في لبنان.
وعلمت “الجمهورية” أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي عاد أمس الى بيروت آتياً من جنيف، سيجتمع قريباً مع رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة في لقاء كانا قد اتّفقا عليه في خلال لقائهما الأخير قبل نحو أسبوعين، تناولا فيه مبادرة رئيس مجلس النواب الحوارية وموقف “المستقبل” منها، على ان يليه زيارة بري لقصر بعبدا والاجتماع مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ووضعه في أجواء اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي التي انعقدت في جنيف قبل ايام، وكذلك إطلاعه على حصيلة اجتماعات اللجنة النيابية الثلاثية التي كان برّي كلّفها شرح مبادرته الحوارية لمختلف القوى السياسية المشاركة في طاولة الحوار واستطلاع الآراء حيالها وحيال أيّ إمكان لإستئناف اعمال الحوار.

سليمان و4 ملفّات
وعلمت”الجمهورية” انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يجهد في المرحلة المتبقية من عهده لمعالجة اربعة ملفات هي:
أوّلاً: تأليف الحكومة الجديدة لكي تحضّر لاستحقاق الانتخابات الرئاسية.
ثانياً: معالجة موضوع النفط لكي يطلق في عهده الثروة النفطية. ثالثاً: ضبط النزوح السوري في لبنان.
رابعاً: تأمين الظروف الملائمة لانتخاب رئيس جمهورية جديد.
وكانت الاتصالات واللقاءات التي أجراها فريق عمل رئيس الجمهورية أخيراً مع أطراف سياسية بحثاً عن صيغة تفاوض جديدة حرّكت الجمود السياسي السائد، وقد التقى سليمان أمس السنيورة، فوزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل. وحضرَ الشأن الحكومي في اللقاءين من زاوية المشاورات الجارية بين الأفرقاء، بهدف تأليف حكومة جديدة.
وفي المعلومات أنّ لقاءات بعبدا تصبّ في إطار المحاولات لإنجاح صيغة حكومة 9+9+6 كخيار أخير بعد سقوط صيغة 8+8+8 نهائياً واستبعاد الحكومة الحيادية. وتواجه هذه الصيغة عقبتان، الأولى تتمثل بإصرار قوى 14 آذار على رفض إعطاء “الثلث المعطل” لفريق 8 آذار وحلفائه، والثانية تتمثّل بتمسّك فريق 8 آذار بترسيخ معادلة “الشعب والجيش والمقاومة” في البيان الوزاري للحكومة.

موقف السنيورة
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” إنّ زيارة السنيورة لبعبدا لم تحمل ايّ مفاجآت أو بوّابات للخروج من الأزمة الحكومية ومصير طاولة الحوار وسلاح “حزب الله”.
فاللقاء الذي استمرّ ساعة وربع الساعة بينه وبين سليمان شهد جوجلة واسعة للمواقف من الملف الحكومي والظروف التي حكمت التطوّرات منذ تكليف الرئيس تمّام سلام الى اليوم، وصيغ التشكيلات الوزارية التي انهارت واحدة بعد أخرى وسط استمرار التصلّب في المواقف من التشكيلة الحكومية الجديدة.
وأضافت المصادر أنّ السنيورة بمن يمثّل ما زال متمسّكاً بصيغة “الحكومة الحيادية” التي لا تشارك فيها القوى السياسية المنضوية تحت لواءَي 8 و 14 آذار مباشرة، بل بفريق تقنيّ حيادي يمارس السلطة بخلفيات إدارية ومن باب الرعاية الإجتماعية والأمنية التي تحتاجها البلاد في هذه المرحلة الحرجة.
كذلك بحث سليمان والسنيورة في ملف طاولة الحوار، فجدّد رئيس كتلة “المستقبل” تمسّكه بالبحث في مصير سلاح “حزب الله” ودوره في سوريا وضرورة إنسحابه العسكري منها في أسرع وقت تجنّباً لمزيد من التوتّر المذهبي في سوريا ولبنان والمنطقة.
كذلك أجريا جولة أفق شاملة في التطوّرات التي يشهدها لبنان والمنطقة وحصيلة اجتماعات نيويورك، وما آلت اليه المساعي لمواجهة أزمة النازحين السوريين الى الاراضي اللبنانية، والمساعدات الدولية الموعودة للبنان، وما يجري الحديث عنه من شروط تضعها الدول المانحة في هذا الصدد.
ولفت وزير المال في حكومة تصريف الاعمال محمد الصفدي، الذي يرأس وفد لبنان الى الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في نيويورك، الى انّ لبنان قد لا يحصل على “الدعم المالي المطلوب لمواجهة انعكاسات تدفّق النازحين السوريين”. وقد جاء كلام الصفدي هذا عقب اجتماعه بمساعدة وزيرة الخزانة الاميركية لشؤون الاسواق الدولية ماريزا لاغو.
في موازاة ذلك، اعتبر الوزير مروان خير الدين أنّ “استعداد الدول المشاركة في اجتماعات واشنطن لدعم لبنان، يبدو واضحاً، خاصة الدول الاوروبية، ولكنّ المبالغ زهيدة جداً وأقلّ بكثير من الحاجة”. وقال لـ”الجمهورية”: “القول في شأن انعدام الثقة بالجهة التي ستتلقّى الاموال وتديرها، ذريعة… هناك قرار بعدم تأمين الدعم بمقدار كبير، من خلال التذرّع بعدم الثقة بالادارة اللبنانية، وبالتالي التنصّل من المسؤوليات”.

سلام في بعبدا
ويُنتظر أن يزور سلام رئيس الجمهورية اليوم لإجراء تقويم جديد لما آل اليه ملف تأليف الحكومة. وعُلم أنّ سلام لن يحمل معه جديداً، فالأمور لا تزال على حالها، ولم تسجّل حركة الإتصالات الجارية على أكثر من مستوى أيّ خرق في مساعي التأليف.
وكان سلام التقى امس السفير الأميركي ديفيد هيل وبحث معه في العلاقات الثنائية بين البلدين والتطوّرات الجارية في لبنان والمنطقة. وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” إنّ هيل بدا خلال اللقاء الذي امتدّ 45 دقيقة مستمعاً أكثر منه متكلماً.
وقد طرح عشرات الأسئلة حول الوضع في لبنان والمنطقة مستفسراً عن رؤية سلام وتوقّعاته للمرحلة المقبلة، بالإضافة الى انعكاسات الأزمة السورية على مهمته تأليف الحكومة الجديدة. وأكّدت أنّ اللقاء كان صريحاً وتناول مختلف التطوّرات المحلية والإقليمية من كلّ جوانبها. وشرح سلام رؤيته للوضع وما يعوق مهمته والظروف التي رافقت كلّ المراحل منذ تكليفه تأليفَ الحكومة قبل أكثر من ستة أشهر تقريبا.

عبّود: موفدٌ أم لا ؟
وتجدر الإشارة الى أنّ سلام التقى أمس وزير تكتّل “التغيير والإصلاح” فادي عبود وعرض معه لآخر التطوّرات المتصلة بالملف الحكومي. وتوقّفت المصادر عند قول عبود بعد اللقاء إنّه

يتمنّى عودة موضوع تأليف الحكومة الى الاهتمام الذي يستحقّ، ليتحرّك الوضع الاقتصادي والحياتي، لأنّ الحكومة الجديدة قد تأتي بأمل في النهوض بالوضع الاقتصادي” .
وعلى الرغم من إجماع أوساط سلام وعبود على نفي ان يكون وزير السياحة موفداً عونيّاً الى الرئيس المكلف، مشيرةً الى علاقة متينة تربط عبود بآل سلام. فقد عُلم أنّ عبود شرح بعض الملابسات التي تركتها تصريحات رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الأخيرة عن سلام ودعوته الى “تأليف الحكومة مع “جبهة النصرة”.

مُتّهم جديد
من جهة ثانية طرأ تطوّر جديد في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إذ صدّق قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانيال فرانسين قرار اتّهام في حقّ عنصر جديد من حزب الله هو حسن حبيب مرعي بتورّطه في اغتيال الحريري و21 شخصاً آخرين في 14 شباط 2005.
وأوضحت مصادر خاصة في المحكمة لـ”الجمهورية” أنّ قرار الإتهام في حقّ مرعي هو بمثابة ملحق للقرار الأساسي، وهو بالتالي لم يحمل أيّ عناصر جديدة من شأنها إطالة أمد المحاكمة أو إرجاء الموعد الموقّت للبدء بها والمقرّر في 13 كانون الثاني المقبل. ولفتت الى أنّ مسؤولاً رفيعاً في المحكمة رأى أنّ عناصر المحاكمة قد اكتملت وأنّ لا شيء يمنع جعل الموعد الموقّت لبدء المحاكمة نهائياً.
وأكّدت الى أنّ الخطوة التالية هي إبلاغ وكلاء الدفاع مضبطة الإتهام لتعيين محاميَين للمتهم، ثم إصدار السلطات اللبنانية إستنابة قضائية في حقّه، وإبلاغ الإنتربول قرار الإتهام لإصدار “بطاقات حمر” لتوقيفه، على غرار ما حصل بالنسبة الى المتهمين الأربعة السابقين.
وأفادت المحكمة أنّها كانت أرسلت إلى السلطات اللبنانية قرار الاتّهام المصدّق ومذكّرة توقيف بصفة سرّية في 6 آب الماضي، لتتمكّن هذه السلطات من البحث عن المتّهم وتوقيفه، ونقله إلى عهدة المحكمة. وأمهلت السلطات اللبنانية 30 يوماً تقويمياً لتنفيذ هذا الالتزام والإبلاغ عن جهودها في موعد أقصاه 5 أيلول الماضي.
وفي 6 أيلول، قدّم النائب العام لدى محكمة التمييز اللبنانية تقريره السرّي إلى رئيس المحكمة القاضي سير ديفيد باراغوانث، وذكر فيه أنّه لم يُعثر على المتّهم حتّى تاريخه، ثمّ طلب رئيس المحكمة إلى السلطات اللبنانية اتّخاذ تدابير إضافية.
من جهته، رحّب المدّعي العام نورمان فاريل بإعلان قرار الاتّهام الصادر في حق مرعي. وكان قاضي الإجراءات التمهيدية صدّق في 31 تموز 2013 قرار الاتهام الذي أودعه المدّعي العام في حق المتهم مرعي، وذلك بناءً على طلب قدّمه المدّعي العام في 5 حزيران 2013.

حمادة
وفي هذا الإطار، قال النائب مروان حمادة لـ”الجمهورية”: “مرّة أخرى يتأكّد من خلال قرارات الاتّهامات الدولية مدى تورّط “حزب الله” في الجرائم التي أغرقت لبنان بالدماء، وعلى رأسها جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري”. وتساءل: “كيف يطالب حزب مُتّهم باغتيالات سافرة وبالتغطية على المتهمين ومنع تسليمهم أو حتى الاستماع اليهم، بتأليف حكومة جامعة؟ وجامعة مع مَن؟ مع القاتل في لبنان وسوريا؟”.
واعتبر “أنّ مسايرة هذا المسار هي التي أوصلت لبنان الى الحضيض في كلّ المجالات؟ وأضاف: “عندما نستمع الى خطابات المسؤولين في هذا الحزب يهدّدون ويضعون الشروط، نتساءل كيف لا يخجلون من التعاطي مع المجتمع اللبناني ومكوّناته السياسية وكأنّهم جميعاً أضاحي لمشروعهم”؟

جديد شبكة التفجيرات
أمنياً، وعلى صعيد شبكة التفجيرات والاغتيالات التي أوقفها الأمن العام، قالت مصادر التحقيق لـ”الجمهورية” إنّ العبوات المكتشفة أُعِدّت في الأراضي السورية، ونُقلت الى لبنان عبر وسائل وطرق خاصة بعيداً من المعابر الشرعية بين البلدين.
وما حيّر المحقّقين هو أن تكون هذه العبوات قد خُصِّص قسمٌ منها، بحسب اعترافات المجموعة الثلاثية، للاستخدام في اغتيال شخصيات ورجال دين محسوبين على النظام السوري، كما بالنسبة الى استهداف قيادات من 14 آذار.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” أنّ التحقيقات التي جرت مع موقوف فلسطيني خطير أوقِف قبل ايّام ستعلن غداً السبت، علماً أنّه أمضى فترة سابقة في سجن رومية قبل أن يُطلَق ليعود الى ممارسة أعمال يتقنها بدقّة. وقد كشفت التحقيقات معه جوانب عدّة من شراكته مع عدد من المجموعات الإرهابية، وهو من جهّز لهذه المجموعات عبوات ناسفة في مناطق عدة، ومنها ما استُخدم ومنها ما زال قيد التحضير وسيعلن عنها غداً.

السابق
الأخبار: المحكمة ترفع السرية عن قرار علني متهم خامس باغتيال الحريري
التالي
البناء: محاولة جديدة لإعادة تسويق حكومة أمر واقع