2013 عام السيارات المفخّخة بإمتياز

سيارة مفخخة
إذا كان العام 2013 عام السيارات المفخّخة في لبنان، وإذا كنا نعيش في حالة من الحرب الباردة او الحرب الاهلية المؤجلة خوفا من عدم توازن القوى بين الاطراف المتنازعة، فالاكيد ان حرب السيارات المفخخة لن تهدأ طالما الاصطفافات السياسية مستمرة والخلافات العقائدية قائمة، والاتهامات التكفيرية حاضرة.

أظهرت احصائية أطلقتها “الدولية للمعلومات” ان لبنان يعيش العام الاكثر دموية بالقتل في السيارات المفخخة، منذ العام 1985، وفقا لعدد القتلى ومدة التفجيرات وعددها.

لقد برزت في الاونة الاخيرة التفجيرات التي تصيب عددا كبيرا من الناس، وليس المسؤولين كما جرت العادة، كوسيلة فعالة لتصفية الحسابات بين اصحاب المواقف المتعارضة، وقد نشطت هذه الاغتيالات بعد الازمة السورية الراهنة والتدخلات المسلحة الحاصلة من الاطراف اللبنانية كافة، ولو بنسب متفاونة.

فقد شهد لبنان الكثير من الاغتيالات والتفجيرات منذ العام 1982، الذي اعتبر عام التفجيرات، إذ لم يمرّ شهر واحد دون تفجير، مع 34 سيارة مفخّخة بمعدل 3 سيارات شهريا تقريبا. والعام 1985 كان عام القتل، إذ بلغ عدد القتلى من اللبنانيين نحو 317 شخصاً وعدد الجرحى أكثر 1198 على الأقل.

هذه الإحصاءات جاءت في العدد الأخير من مجلة “الشهرية” التابعة لـ“الدولية للمعلومات”، في تعليق مدير المؤسسة جواد عدرا. وهي أعلنت العام 1985 الأوّل من حيث عدد القتلى بسبب سيارات مفخخة، يليه العام 1981، ثم العام 1983، وبعده العام 1982. لتتوقف تلك العمليات فترة من الزمن بعد إتفاق الطائف وعودة الحياة الى الهدوء، إلا في بعض الحالات النادرة من خلال التفجيرات التي شنها العدو الاسرائيلي بسيارات ضد قادة المقاومة، فمن اغتيال الشيخ راغب حرب عام 1984 الى السيد عباس الموسوي عام 1992، مرورا بالقائد غالب عوالي عام 2004. لتعود أزمة الاغتيالات الى سابق عهدها في العام 2005، ومن ثم حرب تمور 2006. ثم عادت البلاد الى هدوء نسبي وسط حالة من الانقسام السياسي الذي لم يشهد له مثيل بين قوى 8 آذار و14 آذار، وما تلاها من تشرذم وتشتت، ما أعاد اللبنانيين الى المحاور والمتاريس وحمل السلاح، وصولا الى الموت على الطرق تارة برصاصة طائشة وتارة أخرى بانفجار سيارة كما حصل في الاشهر الماضية بين الضاحية الجنوبية لبيروت وطرابلس.

وقد أشار الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين الى انه “في السابق كانت فترة حرب وممكن ان تفهم فيها وجود السيارات المفخخة ولكننا نعيش الآن في فترة سلام وهي في الظاهر فقط وليس في الواقع، فنحن نعيش في حرب باردة وغير معلنة”.

وأضاف شمس الدين في حديث لـ”جنوبية” ان “4 سيارات مفخخة في فترة قصيرة اودت بحياة عدد كبير من الشهداء وهذا يدل على حدة الاصطفافات السياسية التي يعيشها لبنان هذه السنة، وإذا ما قارناها بالسنوات السابقة فالتدخلات الداخلية لها دور في تفاقم هذا الصراع الداخلي”.

هكذا شهد العام الحالي، استشهاد أكثر من 74 شخصاً وجرح أكثر من 680 آخرين في أربعة انفجارات حتى الآن، ليحتلّ هذا العام المرتبة الخامسة منذ بداية الحرب الأهلية في العام 1975، والمرتبة الأولى منذ العام 1985. وبحسب “الدولية للمعلومات” قتل خلال هذا العام أكثر من نصف الذين قتلوا بسيارات مفخخة منذ 1990.

من الواضح اننا نعيش عام القتل بإمتياز، فبعدما كانت الهجمات بالرصاص وقذائف الـ”ار بي جي” لقتل المستهدف مباشرة، تطورت الامور في مسار التطور العالمي، وبات الموت شبه أكيد في أي لحظة وفي أي مكان يقرر القاتل ركن سيارته المفخخة بعشرات الكيلوغرامات من المواد المنفجرة والمشتعلة التي تقتل وتصيب كل المارين، سيئي الحظّ، ذاك الشارع المجهول.

السابق
الاستماع للشاهد الثاني بقضية الطيارين التركيين
التالي
مخطوفو أعزاز الى الحرية قبل عيد الأضحى