شروق و غروب – أزمة التشكيل ليست داخلية

يخطىء الذين يعقدون المقارنة بين المدة التي أمضاها الرئيس الشهيد رشيد كرامي قبل أن يشكل الحكومة في عهد الرئيس سليمان فرنجية والتي إمتدت على ستة أشهر ونيف وبين المدة التي إنقضت، حتى الآن، على تكليف الرئيس تمام سلام. فلا مجال للمقارنة بين الحالتين.

أوّلاً – كان الرئيس كرامي على خلاف مع رئيس الجمهورية رحمهما الله. بينما اليوم العلاقات ممتازة بين الرئيس العماد ميشال سليمان والرئيس سلام.

ثانياً – كانت البلاد في حقبة السبعينات تعيش حرباً ضروساً. أمّا الوضع اليوم فلا حرب بين الأطراف الداخلية.

ثالثاً – كان الدستور يضع الصلاحيات كاملة في يد رئيس الجمهورية الذي يعين الوزراء ويختار منهم رئيساً لهم. واليوم يوكل الدستور مهمة التأليف الى الرئيس المكلّف «بالتعاون» مع رئيس  الجمهورية.

رابعاً – كان الوجود الفلسطيني المسلّح منتشراً في مناطق عديدة من العاصمة والمناطق. وكانت أطراف كثيرة مسلّحة، والميليشيات فارضة نفوذها في المناطق كلّها. وفي هذه الأيام السلاح الفاعل والمؤثر موجود حصرياً في يد فريق واحد هو حزب الله.

خامساً – لم يكن ثمة خلاف بين الأفرقاء على الحقائب وأسماء الوزراء. وفي هذه الأيام الخلاف قوي على أمور عديدة من بينها أسماء الوزراء والحقائب التي يطالب بها كل طرف لجماعته كما بات معروفاً.

سادساً – في تلك المرحلة كانت سوريا تشهد استقراراً قلّ نظيره في أي بلد عربي آخر. واليوم سوريا غارقة في أزماتها وحروبها ومشكلاتها مع أطراف عديدة عربية وإقليمية ودولية.

سابعاً – لم تكن «قضيّة» الغاز والنفط مطروحة (أو حتى معروفة) كما هي اليوم إذ يدور صراع شديد على من يتولى حقيبة الطاقة تحديداً، إضافة الى حقيبة الإتصالات التي كانت مجرّد حقيبة خاملة إسمها وزارة البريد والبرق والهاتف.

ثامناً – في تلك الحقبة كان التمنّع من قبل الرئيس المكلّف. أمّا اليوم فالرئيس تمام سلام (وطبعاً الرئيس سليمان) يصرّان على التأليف إلاّ أن ضغط الأزمة السورية على لبنان أكبر من قدرة الحكم اللبناني على أن يتحمله.
لذلك لسنا نرى مبرّراً لهذه المقارنة القائمة، وباستمرار على ألسنة وأقلام الكثيرين. والواقع أنّ التشكيل يصطدم بالشروط المعروفة، بما فيها شرط المعادلة الثلاثية من جهة (الشعب والجيش والمقاومة) التي يقول بها الحزب وحلفاؤه في 8 آذار، وإعلان بعبدا من جهة ثانية الذي يقول به سليمان وسلام وفريق 14 آذار.
من هنا لا تزال الأزمة تراوح مكانها منذ اليوم الأول للتكليف، وهي مرشّحة إلى ان تبقى وتستمر وتتمدّد الى ما لا أفق منظوراً له… ولقد يخطىء الذين يقولون إن عملية التشكيل رهن بمرسوم يصدره رئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق نرى أن الدكتور سمير جعجع بسّطها كثيراً عندما قال بالتأليف وليكن ما يكون، والوزراء الذين لا يسلّمون مراكزهم تخرجهم القوى الأمنية بالقوة… وإن رئيس القوات يعرف أن في هذا الكلام تبسيطاً مبالغاً فيه لأزمة مربوطة بمصير الرئيس السوري بشار الأسد.

السابق
الإعلام اللبناني والشعب الفلسطيني
التالي
باولو كويلو: وجه البرازيل المشرق