الشرق الأوسط: بوتين يرغب باستمرار تعاون نظام الأسد في نزع الكيماوي

كتبت “الشرق الأوسط ” تقول: بعد إقرار الأمم المتحدة بأن سوريا تتعاون مع المفتشين الدوليين في عملية تدمير ترسانة أسلحتها الكيماوية، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، بـ”تعاون” نظام الرئيس السوري بشار الأسد في عملية تفكيك الأسلحة الكيماوية السورية، وعبر عن قناعته بأن تدمير الأسلحة الكيماوية السورية ممكن تحقيقه خلال عام. وبوتين دعا دولا مثل إندونيسيا إلى المشاركة في مؤتمر “جنيف 2” للسلام في سوريا.
وجاء ذلك بينما أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إرسال فريق ثان من المفتشين إلى سوريا، غداة توصية من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بزيادة عدد أفراد البعثة المكلفة الإشراف على عملية تدمير الترسانة السورية إلى مائة. وأمام منظمة حظر نشر الأسلحة الكيماوية والحكومة السورية مهمة لرسم جدول زمني وخطة مفصلة لتفكيك ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يستوجب زيادة عدد المفتشين، بالإضافة إلى بحث سبل تمويل عملية التفكيك.
وقال بوتين، على هامش قمة آسيا – المحيط الهادئ في بالي، أمس، إن “القيادة السورية تعمل بشكل ناشط وبصورة شفافة جدا وتساعد الهيئات الدولية”، معربا عن أمله “أن يستمر هذا العمل بالوتيرة نفسها وبالطريقة ذاتها”.
وكانت موسكو، حليفة الأسد، وراء اقتراح تفكيك الترسانة الكيماوية السورية في سبتمبر (أيلول)، مما أبعد في اللحظة الأخيرة تهديد توجيه الغربيين ضربات عسكرية إلى سوريا بعد مجزرة وقعت في ريف دمشق استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية.
وقال بوتين بعد لقائه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إن روسيا والولايات المتحدة متفقتان بشأن كيفية إزالة الأسلحة الكيماوية في سوريا. وأضاف بوتين: “لدينا تفاهم مشترك بشأن ما يلزم اتخاذه وكيفية القيام بذلك. أنا سعيد للغاية لأن الرئيس (باراك) أوباما يتخذ مثل هذا الموقف” (فيما يتعلق بالأسلحة الكيماوية).
وعبر عن قناعته بأن خبراء الأسلحة الكيماوية الذين وصلوا إلى سوريا في وقت سابق الشهر الحالي سيتمكنون من تحقيق هدفهم في تجريد سوريا من أسلحتها الكيماوية خلال عام. وأضاف: “نحن والأميركيون والمجتمع الدولي كله نثق بهم. إذا قالوا إن هذا (تجريد سوريا من أسلحتها) ممكن في عام فهذا ما سيحدث”، حسبما أوردته وكالة “رويترز”.
واقترح بوتين أيضا دعوة بلدان غالبية سكانها من المسلمين، مثل إندونيسيا، إلى مؤتمر “جنيف 2″ للسلام. وقال بوتين كما أوردت وكالة إيتار – تاس”: “الأولوية اليوم ليست فقط لتدمير الأسلحة الكيماوية، بل أيضا لعودة عملية السلام بين كافة الأطراف المتنازعة في جنيف”. وأضاف: “نعتبر أنه من الممكن توسيع عدد المشاركين ليشمل دولا إسلامية كبرى مثل إندونيسيا”. ويذكر أن هناك تحركا لعقد مؤتمر “جنيف 2” بحلول منتصف نوفمبر المقبل، إلا أنه حتى الآن لم يجر الاتفاق على هذا الموعد. كما أن الأمم المتحدة هي المسؤولة عن الدعوات الرسمية للمؤتمر.
وبحسب وكالة “إنترفاكس”، قال بوتين إن الخلافات مع الولايات المتحدة حول طريقة تسوية الأزمة السورية لم تكن سوى “تكتيكية”. وأضاف: “لا تريد الولايات المتحدة أن يصل تنظيم القاعدة إلى الحكم في سوريا أليس كذلك؟ ولا نريد ذلك أيضا. لدينا أهداف مشتركة”.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت مساء أول من أمس أنها ستكون أكثر استعدادا لمشاركة إيران في مؤتمر “جنيف 2” إذا أيدت طهران علانية “بيان جنيف 1” الذي يطالب بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا. وهذا هو الموقف الغربي كما هو موقف الأمم المتحدة فيما يخص إمكانية دعوة إيران إلى مؤتمر “جنيف 2″؛ أي التركيز على أن أي مشاركين يجب أن يكونوا ملتزمين بـ”بيان جنيف 1” الصادر في 30 يونيو (حزيران) 2012 الذي سعى إلى رسم طريق للتوصل إلى حل دبلوماسي للصراع.
ووافقت قوى كبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا ودول الخليج والعراق، على “بيان جنيف 1″، ولكن لم توافق عليه إيران لعدم دعوتها لحضور المحادثات. وأشارت مصادر دبلوماسية غربية لـ”الشرق الأوسط” إلى أن قرار دعوة إيران لم يحسم بعد بسبب “الضبابية” في موقفها تجاه “بيان جنيف” وعدم التزامها بتطبيقه. ويعتبر هذا شرط أساسي في دعوة إيران أو أي دولة أخرى للمؤتمر المزمع.
واتفقت روسيا والولايات المتحدة في مايو (أيار) على محاولة عقد مؤتمر “جنيف 2” لتنفيذ الاتفاق الذي يطالب بسلطة حاكمة انتقالية تتولى مهام الحكم في سوريا، لكنهما لم تتطرقا إلى مسألة بقاء أو رحيل الأسد عن السلطة.
وجاء في الاتفاق أن مثل هذه الحكومة الانتقالية يجب أن تختارها حكومة دمشق والمعارضة بالتراضي فيما بينهما وهو ما يستبعد فعليا – كما تقول الولايات المتحدة – بقاء الأسد في السلطة.
وقالت ماري هارف، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، أول من أمس، إن الولايات المتحدة قد تكون أكثر ميلا إزاء مشاركة إيران في مؤتمر “جنيف 2” إذا أيدت طهران بيان مؤتمر “جنيف 1″، وقالت: “كنا واضحين في مرات كثيرة بشأن دور إيران الهدام في الأزمة السورية وننتظر من أي طرف يود إدراجه في مؤتمر (جنيف 2) أن يقبل ويؤيد علانية بيان جنيف”.
ومن جهة أخرى، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تتخذ من لاهاي مقرا أمس، أن “فريقا ثانيا سيكمل فريق الاستطلاع المؤلف من خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والموجود في سوريا منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) لأنشطة التحقق والتدمير”. وقال أحمد أوزموجو، مدير المنظمة، في بيان حصلت “الشرق الأوسط” على نسخة منه، إن “هذه التطورات تمثل بداية بناءة، ومع ذلك ستكون العملية طويلة وصعبة”.
وأضاف أنه سيوقع قريبا على اتفاق تكميلي بين المنظمة والأمم المتحدة لتسهيل توفير الأمن والدعم اللوجيستي من قبل الأمم المتحدة لفريق التفتيش المشترك. وشكر العروض السخية من جانب الدول الأعضاء في المنظمة لتسهيل مهمتها في سوريا، وخص بالشكر ألمانيا وإيطاليا لتوفير وسائل النقل لفريق التفتيش الدولي.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أوصى في تقرير رفعه أول من أمس إلى مجلس الأمن الدولي بإنشاء بعثة مشتركة هي الأولى من نوعها بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لتتابع الإشراف على عملية تفكيك تلك الأسلحة. وستكون قاعدة البعثة العملانية في دمشق وقاعدتها الخلفية في قبرص، بقيادة منسق مدني خاص.
وسيكون هدفها “تنفيذ أول مهمة من هذا النوع في تاريخ المنظمتين”، كما قال بان كي مون من دون أن يخفي المخاطر التي تنتظر أعضاء البعثة، مشيرا إلى أن “البعثة ستضطر لعبور خطوط جبهة وفي بعض الحالات الأراضي التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة رافضة لهذه البعثة المشتركة”.
كما أوصى بأن تتألف البعثة من مائة خبير في الشؤون اللوجيستية والعلمية والأمنية. وقال إن عمليات التخلص من الأسلحة الكيماوية السورية ستجري على ثلاث مراحل؛ بدأت الأولى منها، وستتضمن المرحلة الثانية تدمير الأسلحة الكيماوية ومعدات الخلط، أما المرحلة الثالثة سيجري فيها التحقق من التخلص الكامل من البرنامج السوري ومراقبة ذلك.
ويذكر أنه منذ هجوم 21 أغسطس (آب) الماضي على الغوطة الشرقية، لم تسجل أي حالات جديدة لدى المنظمة الدولية باستخدام الكيماوي في سوريا. وهناك حرص من منظمة حظر السلاح الكيماوي على رصد جميع الأسلحة الكيماوية في سوريا خلال الأسابيع المقبلة من أجل التأكد من عدم استخدامها.
وهناك جدول زمني محدد لعملية تدمير الأسلحة الكيماوية السورية، أبرزها موعد 1 نوفمبر المقبل للانتهاء من تدمير أجهزة تعبئة وخلط وإنتاج الأسلحة الكيماوية السورية. وتعتبر هذه العملية سهلة نسبيا، إذ لا تستوجب العمل مع مواد كيماوية تحديدا، بل العمل على تدمير المعدات المستخدمة للبرنامج الكيماوي. ولكن العملية التي لم تتضح بعد هي كيفية تدمير المواد الكيماوية وإذا كانت العملية ستجري كلها داخل سوريا، أم تنقل بعض المواد خارج البلاد لتأمينها بسبب الصراع المسلح.
كما أن بحلول 15 نوفمبر سيكون على فريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة تقديم خطة متفق عليها مع الحكومة السورية لتدمير الترسانة الكيماوية كليا بحلول 30 يونيو 2014. وهذه الخطة يجب أن تشمل رصدا للمواقع التي توجد فيها منشآت سورية فيها أسلحة كيماوية، بالإضافة إلى الترسانة السورية بأكملها. وخلال هذه الفترة، سيكون على المفتشين الدوليين تقديم تقارير شهرية لمجلس الأمن الدولي حول التقدم في هذه العملية، ومحاسبة الحكومة السورية في حال تأخرت في هذا المسعى. ويذكر أن البرنامج السوري الكيماوي يعتبر من الأكبر في العالم، وتشير التقديرات إلى وجود ألف طن من المواد الكيماوية في سوريا.

السابق
«النجف»: لا ولاية ثالثة للمالكي ولا قتال دعماً للأسد
التالي
الجماعة الاسلامية بحثت مع وفد حماس تفعيل التواصل اللبناني الفلسطيني