جنبلاط: الجيش السوري يأتمر بشخص يعاني انفصاما في الشخصية

أدلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” الالكترونية، وقال: “بعد مرور أربعين عاما على حرب تشرين التي كانت مفصلا مهما في مسار الصراع العربي-الاسرائيلي، يتأمل المرء التطورات غير المسبوقة التي يشهدها العالم العربي والمآسي المحزنة التي يعيشها في هذه اللحظة السياسية حيث تتفاقم حالات الفوضى والنزاعات المسلحة، والشعوب تدفع وحدها الأثمان الباهظة جراء مطالبتها بأدنى حقوقها الانسانية والسياسية المشروعة.

وعندما يتأمل المرء أين أصبح الجيش العربي السوري الذي سجل بطولات في حرب تشرين ووصل إلى مشارف بحيرة طبريا واحتل رادارات جبل الشيخ وقاتل في سعسع وسواها وقام بأسر جنود إسرائيليين، تراه اليوم يأتمر بشخص يعاني انفصاما في الشخصية ويصر منذ اللحظة الأولى على أنه يقاتل الارهابيين بدل تلبية المطالب المشروعة للشعب السوري في الحرية والكرامة والتحرر من النظام المخابراتي، فأصر على الاستفحال في الحل الأمني. وها هي بعض أبواق النظام بدأت تبشرنا بأنه سيترشح للانتخابات الرئاسية في العام المقبل فوق أشلاء الشعب السوري وعلى أنقاض المدن والقرى المدمرة وعلى حساب الملايين من المهجرين داخل وخارج سوريا ومئات الآلاف من المعتقلين والمفقودين”.

وأضاف: “لقد استطاع في غضون سنوات قليلة أن يحول سوريا من موقع وازن في المعادلة الاقليمية والدولية إلى ساحة إحتراب وتجاذب بين القوى الاقليمية والدولية محطما كل مقدرات سوريا وتراثها وإمكانياتها الاقتصادية والاجتماعية والبشرية! وها هو الشعب السوري يقع اليوم بين مطرقة النظام وسندان المجموعات الارهابية التي أتت من كل حدب وصوب نتيجة تآمر وتخاذل بعض المجتمع العربي والدولي”.

وتابع: “أما في مصر، فمن الواضح أن بعض القوى تنفذ سياسة تخريب منهجية للأمن القومي المصري بما يتعدى مجرد الاعتراض على واقع سياسي مستجد من خلال ممارسة الارهاب والتدمير وإستخدام السلاح وهي تصر على إلهاء الجيش المصري في معارك جانبية في محاولة مكشوفة للاقتصاص منه على موقفه التاريخي المؤيد للثورة الثانية للشعب المصري ولاجهاض المفاعيل الايجابية لثورة الثلاثين من يونيو.
وواضح أيضا أن هذه الجماعة مرتبطة بالارهاب المتكرر في سيناء وغير سيناء التي كانت ساحة نصر كبرى للجيش المصري في العملية العسكرية الاستثنائية وواقعة العبور التاريخية، وكأن المطلوب تفريغ ذاك الانتصار من مضمونه السياسي وجعل سيناء بؤرة إرهاب لضرب الاستقرار المصري الذي لن يُصان إلا من خلال التطبيق الحرفي لخارطة الطريق التي أقرت بتوافق سياسي عريض وتتيح أوسع مشاركة سياسية من مختلف القوى والتيارات”.

وقال: “ها هو العراق بدروه يقع تحت ضربات الارهاب الذي لا يميز بين منطقة ومذهب وطائفة، بل يصيب العراقيين جميعا دون استثناء ويطيح بالسلم الداخلي ويعرقل أي إمكانية أيضا لأن يستعيد العراق دوره الطليعي في الساحة العربية وهو الذي لطالما تميز بغنى موارده البشرية كما الطبيعية من المياه والنفط والمزروعات وسواها وتمتع بثقل سياسي وازن على الساحة العربية قبل أن تنهكه الحروب العبثية المتتالية التي خاضها دون طائل والتي توجت في نهاية المطاف بالاحتلال الأميركي الذي خلف وراءه فوضى غير مسبوقة. ومع التفريخ المتلاحق للتنظيمات الارهابية وآخرها تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام، إنتقلت العدوى بدورها إلى سوريا إمعانا في تدميرها وللاطاحة بالحقوق المشروعة للشعب السوري”.

وختم: “غريب ومريب هذا التبدل السلبي في المشهد العربي والاسلامي بين مرحلة النهضة العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، الذي شهد زخما فكريا وثقافيا إستثنائيا عبر أعلام متميزين تركوا بصماتهم في الفلسفة والاجتماع والحداثة والاقتصاد والعلوم ومجالات أخرى وبين المشاهد التي نراها اليوم في باكستان ونيجيريا وكينيا وسواها حيث يستفحل الفكر التكفيري قتلا وذبحا للمسيحيين والمسلمين أو مشوها المفاهيم السامية للاسلام بهدف إلباسه أثوابا لا تتفق مع تراثه في التسامح والغفران والتعايش.
كم صدق الأمير شكيب أرسلان في كتابه المهم: “لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم”، حيث أشار إلى أن أسباب إنحطاط المسلمين هي الجهل والعلم الناقص وفساد الأخلاق والجبن وتخليهم عن ثقافتهم وديانتهم، معتبرا أن العزيمة والارادة كفيلتان بإحراز أي تقدم. أليس هذا هو الواقع المؤلم؟”

السابق
صالح: التهديد بحكومة امر واقع لا يجدي نفعا ومبادرة بري قائمة
التالي
نعمة طعمة: السعودية لا تفتش عن دور بل هي دولة لها مكانتها