النهار: لبنان معطَّل وتتحكم فيه عصابات الموت لا تمويل للمحكمة ولا جلسة للنفط قريباً

كتبت “النهار ” تقول : “عصابات الموت تتحكم فينا وفي حياتنا”، عبارة قالها أمس لبناني عائد عبر بوابة المطار تختصر الواقع المأسوي لعشرات بل مئات اللبنانيين الذين صاروا رهينة عصابات تحدد مسارهم في مختلف مجالات الحياة، من دون امكان القبض عليها بسبب العجز او التواطؤ من رسميين وسياسيين.
يقول حسين خضر: “جمعت جثث عائلتي المكونة من تسعة اشخاص واحدة تلو الاخرى “. وحسين واحد من الـ 18 الذين عادوا امس الى لبنان، يتهم ما يسميه “عصابات الموت”، فيما يروي اسعد علي اسعد الذي فقد زوجته وثلاثة من ابنائه انه غادر لبنان على أمل ألا يعود، فقد باع سيارته ومنزله وهو بات وحيدا لا زوجة ولا اولاد “عائلتي سحبتها الى الشاطىء ما عدا ابني الذي بقي في المياه وقد ابلغوني لاحقا انهم قد تمكنوا من انتشال جثته”.
وقد استقبلت قبعيت وقرى عكارية ابناءها العائدين في انتظار انهاء معاملات رسمية لشحن جثامين الذين قضوا في حادثة غرق العبارة الاندونيسية قبل عشرة ايام.
واذا كان هذا الملف واجه حركة بطيئة من حكومة تصريف الاعمال، فان ثمة ملفات عالقة كثيرة تنتظر مبادرات لعل ابرزها ملف النفط، كما تمويل المحكمة الخاصة بلبنان.

ملف النفط
وفي اطار الملف الاول لا يعارض الرئيس نبيه بري من جنيف (“النهار”) انعقاد جلسة لمجلس الوزراء حتى لو كان يصرف الأعمال “لان موضوع النفط أصبح من الأولويات التي على لبنان ان يستفيد منه وخصوصا في ظل التهديدات الاسرائيلية المتواصلة لهذه الثروة التي تدخل البلد في نادي دول المنطقة المصدرة للبترول والغاز اذا أحسن استغلالها”. وقال رئيس المجلس في جلسة جمعته وعدداً من السفراء اللبنانيين وشخصيات من الجالية في سويسرا: “إن الله منح اللبنانيين هذه النعمة النفطية، ويبدو ان البعض يريد التفريط بها وعدم استثمارها”.
ويؤكد رئيس المجلس انه مع تلزيم البلوكات الـ 10 بغية قطع الطريق على اسرائيل ومنعها من التعدي على حقوق لبنان في هذا الحقل وخصوصا انه في حاجة الى الموارد المالية لمواجهة أعباء الدين. ويرد في شكل غير مباشر على المعارضين لتلزيم كل هذه البلوكات بأن “اجراء التلزيم التدريجي يتناقض مع تطبيق الشفافية المطلوبة”.
وصرح وزير العمل سليم جريصاتي لـ”النهار” بان المطالبة بالدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف الاعمال كي ينظر المجلس في مشروعي مرسومي النفط “أمر واجب دستوراً ومتاح في ضوء توافر عناصر الضرورة والعجلة وسقوط المهل العامة والخاصة بمرور الزمن وصدقية لبنان على الصعيد الدولي، أي بعبارة اخرى ومقتضبة، المصلحة اللبنانية العليا”.
لكن مصادر حكومية ترى ان التشجيع الذي قوبل به طلب وزير الطاقة جبران باسيل عقد جلسة استثنائية لا يعدو كونه تشجيعا في الشكل فقط وهو لا يعكس الرغبات المضمرة في هذا الشأن. وهو تالياً لن يثمر عقد جلسة باعتبار ان الملاحظات لدى كل من رئيس المجلس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط على مسألة تلزيم البلوكات البحرية وغيرها لا تزال شروطا تعجيزية لن تسهل اطلاق يد باسيل وحده في هذا الملف الحيوي بالنسبة الى كل الافرقاء. اما ضغط “حزب الله” في اتجاه عقد الجلسة فيصب في اطار دعم حليفه المسيحي والوقوف الى جانبه، خصوصا ان موقف الحزب يرحب بتعويم الحكومة وتفعيل عملها.
إلا ان المصادر تجزم بإستحالة عقد جلسة استثنائية للحكومة المستقيلة، لا للبحث في مرسومي النفط ولا لبت مسألة تمويل المحكمة الدولية التي عادت الامم المتحدة لتطرق باب الحكومة مذكرة اياها بوجوب دفع حصة لبنان.

لا تمويل للمحكمة
أما في الملف الثاني، فتؤكد مصادر رئيس الوزراء المستقيل انه ليس في وارد تمويل المحكمة، علما ان هذا الموضوع لم يطرح خلال لقاء الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون والرئيس نجيب ميقاتي في نيويورك، ولا يشكل بندا ملحا بالنسبة الى الامم المتحدة التي تعي الظرف الحكومي الراهن.
وعلمت “النهار” ان لموضوع دفع لبنان المستحقات المتوجبة للمحكمة الخاصة بلبنان لسنة 2013، والتي لا تزال عالقة، خلفية تفاقمت الاسبوع الماضي مع وجود مجموعة محققين مكلفين من رئيس المحكمة الخاصة بلبنان ديفيد باراغوانث التحقيق في قضية نشر اسماء الشهود عبر وسائل اعلام لبنانية مما اعتبر تهديدا لهؤلاء الشهود. وتساءلت اوساط سياسية ما اذا كان هجوم الوزير في حكومة تصريف الاعمال نقولا فتوش الاخير على وزير المال محمد الصفدي يرتبط بطلب الاخير في كتاب من رئيس حكومة تصريف الاعمال بت تمويل حصة لبنان في نفقات المحكمة، علما ان المعلن في هذا الهجوم موضوع قديم لا صلة له بالاحداث الراهنة.

حكومة
وفي ملف تأليف الحكومة، توقعت مصادر مواكبة لهذا الملف ان يتحرك البحث على صعيده ببطء هذا الاسبوع، وقد ابلغ الرئيس المكلف تمّام سلام “النهار” ان لا صحة لما تردد من انباء عن تحرك من فريقي 8 و14 آذار في اتجاهه قريبا. ونقل المقربون من الرئيس سلام رضاه عن تحمله العبء الكبير الذي وضعه اطراف البلد على منكبيه، وخصوصا الناس الذين تأملوا خيرا فيه وفي انفراج الامور على يديه، ولكن لا شيء مطمئن، ولا يبدو ان الافرقاء المعنيين يريدون فعلا تسهيل الامور. وتردد اوساطه ان ما طرحه لا يدرج في خانة الشروط بل لتصويب بعض الامور والممارسات وحفظ الحقوق والصلاحيات، وانه يقبل بما تقبل به القوى السياسية وتتوافق عليه، من غير ان ينفي تأثير مجريات الوضع الاقليمي المتشنج ايضا، والذي يزيد الامور تعقيداً.

14 آذار
وفي سياق تصاعد اللهجة الإنتقادية لموقف رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في موضوع تشكيل الحكومة، قال مصدر من تحالف 14 آذار لـ “النهار” إن انقسام القوى السياسية في لبنان تبعاً لانقسامات إقليمية لا يعفيها من مسؤولياتها. ولا يستطيع انتظار توافق إقليمي أو دولي لتشكيل حكومة تدير شؤون المواطنين الحياتية. ومن غير المنطقي أن ترمي المسؤولية مرة على “حزب الله” ومرة على قوى 14 آذار “فليتحمل الفريقان مسؤولياتهما وإلا فسيتحملان المسؤولية عن خراب البلد. عندما يتلكآن ويتراجعان طبيعي أن يحاول الحزب المذكور أو غيره فرض شروطه”.
وعلمت “النهار” ان هذا التصريح قد يكون مؤشرا لحملة ضغط تطلقها قوى 14 اذار في الايام المقبلة، وربما كان حديث رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مساء اليوم مؤشراً لها.

عشاء
وعلمت “النهار” ان عشاء ضم الجمعة الماضي الرئيسين سليمان وسلام ورئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي في منزل النائب هادي حبيش. وحضر أيضاً النائبان احمد فتفت ونهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم. وجرى تشاور في التطورات وخصوصاً في ما يتعلق بموضوع تشكيل الحكومة. وكان اللقاء فرصة للتشاور بين سلام والبطريرك الراعي اللذين تبادلا الرأي في ما يتصل بالعراقيل التي تعترض تأليف الحكومة. ووصف احد المشاركين في المأدبة المناسبة بأنها اجتماعية لا تحتمل تأويلا اضافيا، علما ان الرئيس السنيورة حضر اليها مباشرة من المطار آتيا من باريس.

السابق
مقتل عباس عواضة في بلدة صير الغربية
التالي
السفير: ناجون من عبّارة الموت سنكرّر الانتحار!