لمن تقرع أجراس الرئاسة؟

من أسف وخوف حيال الانتهاكات الجذرية للنظام الديموقراطي في لبنان ان تقترب ساعة الاستحقاق الرئاسي وسط انعدام معركة انتخابية تنافسية جادة. في تشرين الاول اي قبل ستة اشهر من بداية المهلة الدستورية لا يعرف اللبنانيون ما اذا كانت الانتخابات ستجرى ولا ايضا ما اذا كان المرشحون الجادون مثل العماد ميشال عون سيكتفون بالعزوف العلني عن الترشح وترك الراغبين فيهم ينتخبونهم من دون ترشح.

موقف الجنرال يكتسب دلالة دراماتيكية لا تحتمل تفسيرات الشماتة او الاستهانة او التلاعب الدعائي. فهو على الارجح يدرك تماما ان توازن القوى الجامح بقوة الآن مع تمتعه وحلفائه بالقبض على الحكومة المستقيلة حتى ما بعد ٢٥ ايار لن يفتح له ابواب قصر بعبدا لان اكثرية المجلس الممدد له قادرة على الحؤول دون تحقيق حلمه. ما ينطبق على الجنرال قد ينسحب بميزان القوى السلبي نفسه على المرشحين البارزين في ١٤ آذار وتحديدا الدكتور سمير جعجع والنائب بطرس حرب بدرجة اخف لان فيتو “حزب الله” قادر نظريا على منعهما ايضا من بلوغ بعبدا وحتى ربما على سد منافذ التمديد للرئيس سليمان اذا صح ما يقوله عون من عمل فريق الرئاسة للتمديد. حتى حظوظ “الوسطيين” او “المستقلين” الجدد تتبدد في معادلة كهذه لان الظروف التي حملت الوسطي الجنرال سليمان الى الرئاسة عام ٢٠٠٨ انقلبت انقلابا جذريا الآن ويصعب استيلادها تكرارا.

مع أزمة سورية مفتوحة على جحيم شرق اوسطي ومع تدفق ما يناهز المليون و٢٠٠ الف سوري الى لبنان في ظل الحكومة الحالية يهتز النظام اللبناني ويتراقص على مشارف الهاوية. ولن يكون اليتم الذي يسود الاستحقاق الرئاسي سوى التتويج المفجع لمصير هذا النظام. ولكان افضل بكثير لو سمع اللبنانيون برنامج العماد عون لحكمه المفترض. ولكان افضل لو تندلع معركة كسر عظم ديموقراطية بين المرشحين في عرس تنافسي على غرار السابقة الرائعة التي ارساها مرشح نخبوي راحل هو نسيب لحود وزميله النائب بطرس حرب في اعلان الترشيح على اساس برامج تحترم الرأي العام وتتوجه اليه مباشرة ولو ان الدستور اللبناني لا يفرض آلية محددة للترشح.

لعله أسوأ ما ألمّ بهذا النظام المصادر بقوة ميزان القوى السلبي والقسري ان يخطف درة النظام ويحرم لبنان من اهم فرصه، اي فرصة اشتعال استحقاق رئاسي ديموقراطي امام اعين العالم فيما يجتاح الشرق الاوسط جحيم التخبط بالصراعات الجاهلية. ولن نقول انها الفرصة الضائعة مسيحيا حصرا ولو انها كذلك لان الامر سيقود الى شعاب مساءلة اشد إيلاما للقوى المسيحية عن مسؤوليتها في انقاذ النظام وانقاذ دور ريادي لا ندري ما اذا كان لا يزال ممكنا الحلم به والتأسيس عليه بعد.

السابق
عراجي: لقاء بري السنيورة خلال أيام
التالي
«القاعدة» يغلب القوى الأمنية والسياسية.. في «رومية»