الجمهورية: سلام يعتبر الإعتذار خطوة في المجهول وتضاؤل فُرَص الإختراق الإقليمي

كتبت الجمهورية:  فيما يبقى الترقّب سِمة المرحلة الراهنة دوليّاً وإقليميّاً، بدأت الأنظار تتّجه إلى مدينة بالي الأندونيسية التي ستشهد الاثنين المقبل قمّة بين الرئيسين الأميركي والروسي باراك اوباما وفلاديمير بوتين، على هامش قمّة آسيا المحيط الهادئ (ابيك). وأعلن المستشار الدبلوماسي للكرملن يوري اوشاكوف أنّ بوتين وأوباما قد يجريان نقاشاً حول الوضع في سوريا، وأكّد أنّ «الطرفين يعملان في الوقت الحالي على عقد هذا اللقاء، ونعتقد أنّ اللقاء سيُعقد، موضحاً أنّ الاقتراح روسيّ. لكنّ الشكوك ما زالت قائمة حول حضور الرئيس الأميركي قمّة «أبيك بسبب الشلل الذي يعتري الموازنة الأميركية.

وفي غياب الإتفاق حتى الآن على مشروع الموازنة في الكونغرس، ظلّ الكباش بين أوباما والجمهوريين في دائرة الضوء، وقد دعاهم أمس الى الذهاب “للتصويت على مشروع القانون، ووقفِ هذه المهزلة ووضع حدّ للشلل”، وسط تحذير وزارة الخزانة الأميركية من أزمة ماليّة أسوأ من 2008، في حال إخفاق الكونغرس في رفع سقف الدين الفيدرالي، وبالتالي عجز البلاد عن سداد التزاماتها المالية.

مقتل امرأة أمام الكونغرس
وقد أصيب شرطيّ أميركي أمس بجروح بعد إطلاق نار خارج مبنى ملحق بالكونغرس، كما قال معاون في مجلس الشيوخ إنّ المبنى أغلق بعد إطلاق أعيرة نارية خارجه أدّت إلى إصابة عدد من الأشخاص، بينهم ضابط شرطة.
وأفادت معلومات أنّ سيارات الشرطة طاردت سيارة سوداء ذات زجاج داكن، ثمّ أطلق عناصر الشرطة النار على مَن في داخلها من دون معرفة عدد الذين كانوا فيها. كما أفادت أيضاً أنّ مطلق النار كان امرأة تقود السيارة ومعها طفلان. وقد أكّدت “رويترز” مقتل المرأة.
ولاحقاً أعلنت الشرطة الأميركية أن لا دلائل على ارتباط هذا الحادث بأيّ دوافع إرهابية. ووصف الضابط كيم دين من شرطة الكونغرس الحادث بأنّه “فردي”، وقال إنّ امرأة كانت تقود سيارتها بنحو مثير للشبهات قرب البيت الابيض متجهة نحو مبنى الكونغرس عندما صدمت شرطيّاً، ما استدعى نقله إلى المستشفى. وأضاف أنّ سيارات الشرطة طاردت السيارة المشتبه فيها ثمّ أطلق عناصر الشرطة النار على سائقتها.
ورفض دين تحديد مصير المرأة. وقال إنّ الشرطة تحقّق في وجود طفل في السيارة. وقد رفعت حال الإنذار التي فرضتها السلطات الأمنية الأميركية حول مبنى الكونغرس.
في غضون ذلك، يراقب الجميع مسار التقارب الأميركي ـ الإيراني المستجد، فيما حذّرت إسرائيل أمس من قدرة إيران على صنع صواريخ عابرة للقارات يمكنها ضرب الولايات المتحدة يوماً ما. كذلك يراقبون مسار التقارب الإيراني ـ السعودي على رغم إلغاء الرئيس حسن روحاني زيارة الحجّ الى المملكة، فضلاً عن انتظار نتائج المساعي الديبلوماسية لحلّ قضية “الكيماوي السوري” على قاعدة الإتفاق الأميركي ـ الروسي.

نزع «الكيماوي»
وإلى ذلك، بدأ مفتشو الأمم المتحدة المكلّفون نزع الاسلحة الكيماوية “تأمين سلامة” المواقع التي سيعملون فيها، ودرس الأخطار “الصحّية” التي قد تواجههم في مهمتهم. فيما تستمرّ التحضيرات لإحدى المهمات العاجلة والقاضية بتفكيك مواقع تصنيع الأسلحة الكيماوية والتي يفترض أن تبدأ قريبا”.
ويبحث المفتشون مع المسؤولين السوريين في “حجم المخزون السوري من الأسلحة الكيماوية والخطط البعيدة المدى لضمان التزام المهل المفروضة في المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الاسلحة الكيماوية ومجلس الأمن”.
ووسط هذه التطوّرات أعلن مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أنّ تقرير الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون حول سير تنفيذ قرار مجلس الأمن في شأن سوريا سيقدّم الأحد المقبل.

الوضع الداخلي
داخليّاً ظلّ المشهد اللبناني ضبابيّاً نتيجة الجمود السائد في البلاد والشلل المستفحل على كلّ المستويات، وتجميد عملية تأليف الحكومة العتيدة، الذي يبدو أنّه سيستمر حتى نهاية السنة على الأقلّ، في وقت بكّر البعض في فتح ملف الاستحقاق الرئاسي قبل نحو 8 أشهر من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في 28 أيار المقبل.
في وقت فشلت الإتصالات بين المعنيين في الإتفاق على عقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث في الملف النفطي والتحضير لردّ قانوني على الشكوى التي تنوي إسرائيل تقديمها ضد لبنان في الأمم المتحدة.

مصادر «8 آذار»
في غضون ذلك، رسمت مصادر قيادية بارزة في قوى 8 آذار صورة تشاؤمية للوضع الداخلي، وخشيت من الشلل القائم في البلاد والمُرجَّح أن يتفاقم ويطول. وقالت لـ«الجمهورية
إنّ الحياة السياسية بلغت أسفل الدرك، وكلّ المؤسسات مشلولة، ولا أحد يتواصل مع أحد، ودورة التواصل متوقفة سياسياً واقتصاديّاً وخدماتيّاً، ما يُنذر بانفجار الوضع الحياتيّ والمطلبيّ.
وتخوّفت من أن يطلّ الأمن برأسه مجدّداً من بوابة التفجيرات التي لم تنتفِ عواملها بعد. كذلك، تخوّفت من تداعيات الحرب النفطيّة المستجدّة بين لبنان وإسرائيل، خصوصاً أنّ تلّ أبيب ليست مسرورة لنتائج التقارب الأميركي ـ الإيراني وهي تتحيّن الفرص للإجهاز عليه.

منصور مع المواجهة النفطية المرتقبة بين لبنان وإسرائيل، أكّد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور لـ«الجمهورية»
«أنّنا نتابع موضوع النفط منذ اللحظة الأولى، وهو حقّنا وسنحافظ عليه، مضيفاً: «سنُثبت حقّنا فيه بالطرق القانونية الدولية. وأشار إلى أنّ «الإسرائيليين يأخذون من حصّتنا في المياه البحرية، وهذا ما سنثبته للعالم عبر القنوات الديبلوماسية والدولية القانونية، ولن نتخلّى عن حقوقنا، مشدّداً على أنّ «التهديدات الإسرائيلية لن تُجدي نفعاً.

هاشم لـ«الجمهورية»
من جهته، قال عضو «كتلة التحرير والتنمية النائب قاسم هاشم لـ«الجمهورية: «إنّ إسرائيل تحاول وضع يدها على الثروة النفطية في حقول معيّنة داخل المنطقة الاقتصادية اللبنانية. أمّا في الداخل، فالخلاف هو على صلاحية الحكومة في عقد جلسة لمجلس الوزراء، ورأي رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في هذا الموضوع واضح، حيث أعلن مراراً أنّه يؤيّد عقدها، لأنّ هناك مصلحة للبنان في ظلّ الهجمة والحملة الإسرائيلية الإعلامية السياسية المبرمجة خلال الأيام الأخيرة، وصولاً إلى تقديم شكوى ضد لبنان.
لكننا سنربح هذه المعركة أيّاً يكُن عنوانها لأننا أصحاب حقّ، وقد أبلغنا إلى الامم المتحدة بذلك بكلّ الوسائل، وبرّي يُعتبر «ابو قانون النفط، لأنّه من أوائل الداعين الى التمسك بحق لبنان في ثروته النفطية. لكن يبقى على اللبنانيين التنبّه الى الأخطار والالتفاف حول بعضهم للمحافظة على حقوقهم، والمسارعة الى تثبيت حقهم النفطي عبر الأطر القانونية والداخلية، والإسراع في إطلاق عملية التلزيم
واستعجل قاسم عقد الجلسة، معتبراً «أنّنا لا نستطيع التفريط في حقوقنا النفطية، لأنّها تشكّل المخرج الوحيد من الأزمة الإقتصادية المالية الخانقة، وبالتالي فإنّ التفريط في حقوقنا مُضرّ، والمصلحة الوطنية تعلو فوق كلّ الدساتير والقوانين لأنّهما لخدمة مصالح الشعوب، واليوم مصلحة الشعب اللبناني هي في هذه الثروة النفطية الواعدة.
وأكّد قاسم أنّ «كتلة التحرير والتنمية تؤيّد عقد الجلسة، لكنّ المشكلة تكمُن في وجود من يقول بضرورة احترام القوانين والدساتير ويريد التزام حدود معينة، ولكنْ لو كان هناك رجال دولة حقيقيّون لبادروا، كلٌّ من موقعه، إلى الإسراع في عقد هذه الجلسة.

«الوفاء للمقاومة»
بدورها، نبّهت «كتلة الوفاء للمقاومةالى أنّ «مرفق النفط والغاز بات مهدّداً جدّياً بالقرصنة الاسرائيلية عبر محاولات العدوّ فرضَ وقائع وإجراءات لدى دوائر القرار الدولي والمؤسّسات القانونية الدولية، ما يعوق قدرة لبنان على الاستثمار في هذا المرفق إذا ما تغافل أو تباطأ في اتخاذ الإجراءات والآليات الضرورية التي تكرّس سيادته وحقّه في إقرار التلزيمات في هذا المرفق الحيوي الأهم للبلاد وشدّدت على أنّ «مصلحة البلاد العليا الوطنية تقتضي عقد جلسة خاصة لحكومة تصريف الأعمال لإقرار ما يلزم.

سلام
وعلى رغم التغيّرات الإقليمية والدولية، لم يُسجّل جديد على خط التأليف. ونقل زوّار الرئيس المكلف تمّام سلام عنه انزعاجه من العرقلة التي تعوقه، وإدراكه بأنّ الإنتظار أكثر يصرف من رصيد المهمة التي كُلّف بها، ويراكم عليه شخصيّاً عبء الانتظار المزعج والضاغط منذ اليوم الأوّل للتكليف، والذي هو خسارة يدفع ثمنها البلد واقتصاده واستقراره، وسلامَة عملِ مؤسّساته.
وأضاف زوّار سلام: «في مواجهة الخيار الصعب بين المشاعر الذاتية والمصلحة الوطنية، يذهب الرئيس المكلف إلى اختيار الثانية، على رغم إدراكه أنّ الناس يرفضون الانتظار، بل يريدون تأليف الحكومة سريعاً
. وتابعوا: «سلام يدرك أنّ الإعتذار عن تأليف الحكومة الآن قد يكون خطوة في المجهول، لذا هو مستمرّ في مهمته، ويدعو جميع الأطراف إلى تعزيزها وتفعيلها بوضوح، ولا سيّما في ظلّ تضاؤل احتمال حصول اختراق إقليمي، يساعد في ولادة الحكومة.
أمّا عن الصيغ المتداولة لتأليف الحكومة، وعن تمسّكه بالمعايير التي وضعها للتأليف، فينقل زوّار سلام عنه تأكيده أنّه لم يكن منذ البداية أسيراً للصيغ الحكومية، سواءٌ بالنسبة لصيغة 8-8-8 أو غيرها، وأنّه كان ولا يزال يهدف لحكومة متجانسة، تنتج فريق عمل قادراً على التعامل مع الأزمة الاقتصادية، والأزمات الأمنية التي يعانيها اللبنانيون.

أندرسون
توازياً، واصلت نائب رئيس البنك الدولي ومديرة الشرق الاوسط وأفريقيا وغرب آسيا في البنك الدولي انغر اندرسون جولتها على المسؤولين اللبنانيين وأبلغت الى سليمان وسلام ووزيري المال محمد الصفدي والإقتصاد نقولا نحّاس، إرادة البنك في مساعدة لبنان، وعرضت معهم للأوضاع والتطورات التي واكبت التقرير النهائي المرفوع الى مؤتمر«المجموعة الدولية من أجل لبنان الذي انعقد أخيراً في نيويورك.
وقالت مصادر واكبت الجولة إنّ اندرسون كانت واضحة وصريحة، فقدّمت «خريطة طريق
للآلية التي يمكن اعتمادها لترجمة مقرّرات المؤتمر واستجلاب الدعم الدولي، لافتةً إلى حجم الإستعدادات الدولية التي يمكن الإفادة منها سريعاً لدعم لبنان في مواجهة الكلفة الباهظة لخدمة النازحين السوريّين وتقدير حجم التعويضات نظراً إلى التأثيرات الكبيرة على الإقتصاد اللبناني.
وأوضحت المصادر لـ«الجمهوريةأنّ اندرسون عرضت مشروعاً سيسعى البنك الدولي الى ترجمته بالخروج من منطق الدول الخمسة الراعية للمؤتمر وتوسيع نطاقه ليشمل، بالإضافة الى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، الدولَ الصناعية الكبرى والدولَ المانحة، لتوفير الدعم.
وذكرت أنّ تفاهماً تمّ على توجّه الوفد الوزاري اللبناني الإثنين المقبل الى واشنطن للمشاركة في إجتماعات البنك الدولي والذي سيضمّ الصفدي ونحّاس وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعدما تغيّب نائب رئيس الحكومة سمير مقبل الذي سافر ليل أمس الى المانيا في زيارة خاصة. وأبدت مصادر وزارية ارتياحها إلى تحرّك اندرسون التي عبّرت عن اهتمام استثنائي بلبنان.

السابق
مسؤول أميركي: حادث إطلاق النار خارج الكونغرس لا صلة له بالإرهاب
التالي
السفير: فتح الإسلام تخطّط لفرار كبير على غرار العراق