إغلاق الحكومة وانهيار الحزب الجمهوري

أولا، حاول مجلس النواب تمرير مشروع قانون دائم يلغي تمويل برنامج أوباما للرعاية الصحية. ثم، حاول تأجيل تنفيذ برنامج أوباما للرعاية الصحية لمدة عام وإلغاء الضريبة على الأجهزة الطبية. بعدها، عرض على مجلس الشيوخ تأجيل تنفيذ برنامج أوباما لإصلاح الرعاية الصحية لمدة عام وإلغاء منحة البرنامج لأعضاء الكونغرس وطاقم عملهم.
وعلى نحو مفاجئ بالنسبة لبعض المراقبين المتعقلين، رفض مجلس الشيوخ كل طلب مقدم له بتصويت الجمهوريين. وفي النهاية، بدلا من أن يعرضه في مؤتمره، ويضغط من أجل مشروع قانون دائم واضح المعالم والاعتماد على أصوات الديمقراطيين في التعويض عن المنشقين المتشددين في مؤتمره، راهن رئيس مجلس النواب، جون بوينر، بالأساس، ليحصل على تصويت بناء على طلب من لجنة مؤتمر مجلس الشيوخ.
وأوضح زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ، هاري ريد، عن ولاية نيفادا، أن مجلس الشيوخ لن يوافق على عقد مؤتمر ما لم يجر الاتفاق على مشروع قانون دائم واضح أولا. ومن ثم، جرى إغلاق الحكومة، باستثناء الجيش والخدمات الأساسية.
هناك سوء فهم أساسي حتى بين الأعضاء الجمهوريين الأقل تشددا في مجلس النواب باعتقاد أنه سيجري التصويت على برنامج أوباما لإصلاح الرعاية الصحية وأن ضريبة الأجهزة الطبية و/ أو دعم الكونغرس سيكونان بالغي الصعوبة إلى حد أن الديمقراطيين بالولايات الحمراء سوف يختلفون مع قيادتهم. كان ذلك اعتقادا خاطئا، مثلما توقعنا. ويرغب الديمقراطيون في الدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات الضارية التي ستأتي من خصومهم في عام 2014. وحتى مع أن هذا بدا واضحا عندما رفض مجلس الشيوخ مشروع القانون الدائم لأول مرة ظهيرة الاثنين، استمر مجلس النواب في تكرار الجهود الرامية لتقسيم الديمقراطيين. كان الجمهوريون في مجلس النواب في حلقة مفرغة، عاجزين عن الخروج منها أو التحول لخطة أخرى.
وهذا يأتي بنا لبوينر، وهو من ولاية أوهايو، الذي يبدو دائما أنه قادر على الابتعاد عن حافة الهاوية في هذه الأنواع من المواجهات. لكن في هذه المرة، رغم أنه بدا أن هناك نحو 30 متشددا فقط في مؤتمره، فإنه لم يواجههم (على سبيل المثال، بفرض تصويت على مشروع قانون واضح والحصول على ما يمكنه الحصول عليه وحمل الديمقراطيين على صنع التغيير).
هل يحقق إجبار المتشددين على التعايش مع عنادهم (إغلاق الحكومة) غاية أكبر؟ هل اعتقد أنهم سيستسلمون بعد 24 أو 48 سنة، بتوجيهه ضربة لهم وحفاظه على وحدة مؤتمره؟ لم يكن هذا واضحا. ولكن من خلال ترك الجمهوريين يقفون عند حافة الهاوية، أثبت بوينر إلى أي مدى فقدت الإدارة سيطرتها، إن وجدت، على المؤتمر. ومع ذلك، كان أكثر التطورات تنويرا هو الانهيار الفكري الكامل للكثيرين ممن تسببوا في المعركة. فقد أعلن السيناتور تيد كروز (الجمهوري عن تكساس)، الذي كان قد أصر على سحب التمويل، عن استعداده لتمرير أي مشروع قانون يطرحه مجلس النواب. كما دعم نادي النمو التأجيل، بل إن رئيس مدونة «ريد ستيت» الذي كان مدافعا قويا عن علامة كروز جيم ديمينت، حث مجلس النواب على التصويت على مشروع قانون دائم واضح والاعتماد عليه. لم تكن هناك «لعبة نهائية» ولا أساس منطقي لمعركة هددت مصداقية الجمهوريين في مجلس النواب ومزقت الحزب إربا إربا ومنحت الرئيس تحولا لازما عن طرح برنامج الرعاية الصحية. باختصار، لقد أحدثوا حالة من الفوضى من دون سبب مقنع.
علاوة على ذلك، فإن هؤلاء المنتقدين المحافظين الذين شجعوا المخاطرة الكاملة – مؤكدين أن مجلس النواب في وضع مثالي أو أن هذا سيكون بمثابة استعراض عظيم للقوة – أضحوا في حالة من الإحراج، إن لم يكن العجز. ويشترك هؤلاء في فكرة أن «عدم غض الطرف» (أسلوب كروز المقترح) ليس باستراتيجية. وهؤلاء الذين أدركوا الأمر على نحو أفضل وعدوا كروز محافظا بارعا، ربما يرغبون في اتخاذ إجراء معبر عن هذا الرأي.
جرت تحية الجمهوريين باستطلاع رأي آخر، من إعداد مركز «بيو»، يظهر أن نسبة كاسحة من الأميركيين تعارض إغلاق الحكومة. وسيؤكد الجمهوريون أن هذا خطأ الرئيس ومجلس الشيوخ، وأن هاري ريد لم يعمل يوم الأحد، وأن الجمهوريين قدموا بدائل وأن الدولة تكره برنامج أوباما للرعاية الصحية. كل هذا صحيح، ولكنه لا يحل مشكلتهم.
إذن، ما الأخبار السارة؟ ليس ثمة حاكم جمهوري وحيد في الدولة سمح بإغلاق الحكومة تحت إشرافه.
سيقف واحد أو أكثر ضد الإغلاق ويقدم حجة جيدة مفادها أنه لا أحد من داخل الشوارع الرئيسة حول المدن يمكن أن توكل إليه مهمة الرئاسة.
السابق
الخليج يحارب بمحطة إذاعية!
التالي
هل تتدخل إيران لإنقاذ البشير؟