هاشم السلمان: نبا سيف العدالة

هاشم السلمان مضرجا بدمائه

لم أكن يوما من مناصري أو محازبي حزب الإنتماء اللبناني الذي كان ينتمي إليه الشاب المغدور هاشم السلمان. لكن هاشم، الذي جمعتني به وبعائلته الكريمة صداقة ومودة لم يفسدها الإختلاف في الرأي، كان صديقا مشاكسا تشفع طيبة قلبه عن كل انفعالاته وثورانه العفوي الصادق حتى في خطئه. وهذه المقالة ليست للرثاء ولا لتقديم العزاء، بل أردتها كلمة حق، ليس السكوت عنها من شيم الآدميين، بل من شيم الشياطين الخرس.

لقد نبا سيف العدالة في قضية هاشم السلمان، فلا تحقيق ولا أدلة .في حين تمسك الأجهزة الأمنية بخاطفي الطيار التركي بسرعة قياسية، وتظهر تباعا أدله مهمة عن التفجيرات  الارهابيه التي طالت الضاحية وطرابلس. يتبارى فرع المعلومات ومديرية المخابرات في كشف الشبكات الإرهابية، حتى تلك المرتبطة بالعدو الإسرائيلي.

هاشم السلمان قتل في وضح النهار ضمن سياق هجمة شرسة أرادها البعض عفوية. تلك العفوية القاتلة المارقة أزهقت حياة هاشم وأذلت سيف العدل ووزارته وكل ما يتصل بها  ومن يتصل من أجهزة وقيمين وقيم. جريمة قتل هاشم لا تحتاج الى داتا اتصالات، ولا إلى أقمار صناعية تكشف ملابساتها، إنها جريمة وقحة عارية كان أفجر من مرتكبها الساكت عنها والمتساهل في تقديم الجناة المعروفين الى حيث يأمر الله والقانون والدولة والمنطق أن يقدموا.

ربما لأن  هاشم السلمان ينتمي إلى دولة فقيرة ضعيفة لا تستطيع حماية رعاياها وتأمين حياتهم، والأحرى لأن هاشم السلمان لا ينتمي إلى طائفة ذات سطوة وحجم ونفوذ.. هذا لأنه خرج على إجماع الطائفة التي ولد ليجد نفسه فيها، في حين كان ربما يبحث عن إجماع أوسع. وربما لأن الحزب الذي كان المغدور ينتمي اليه ليس لديه من القوة الشعبية أو العسكرية ما يجعله يهدد الأمن الذاتي أو أمن الدولة العام. فحجة الضعيف ضعيفة ودمه رخيص ودموع أهله ليست ذات قيمة، في حين تتهافت القيادات الرسمية على تنوعها لمفاوضة قاطع طريق، سارق، خاطف ومارق، يؤمنون له الفدية ويشربون القهوة المرة حيث يحلو لهم الذل بصفاتهم الشخصية والسياسية والرسمية.

نعم لقد نبا سيف العدالة ، العدالة التي من دونها ليس لله أن يكون إلها، فكيف للدولة أن تكون دولة؟

أيام نافت عن المئة ولا خبر عن استدعاء مشتبه به واحد للتحقيق معه.. بصراحة أتفهم موقف الأجهزة الأمنية والعدلية، فمن ذا الذي يجروء على مساءلة مواطن قتل متظاهرا على بعد مئتي متر من السفارة الإيرانية المدججة بالحرس. السفارة الوحيدة التي يحرسها من الخارج وأمام عيون الجميع حراسا من غير أجهزة الدولة وفي أكثر المناطق امنا في لبنان حيث تجمع سفارات ومقرات.

لست ضد حماية السفارة الإيرانية قبل سواها. لكن منذ زمن قد خلعت ثوب الإنتماء الشيعي، وأبقيت التشيع اعتقادا راسخا في نفسي ويقينا ناصعا في ديني. فالتشيع هو رفض الذل ومحاربة الظلم وهو قيمة لا يحدها مذهب ولا تختصرها جماعة مهما كثر عديدها. ومن منطلق شيعيتي وإسلامي الإبراهيمي أذكِر بقول الله تعالى: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) المائدة 32.

أما بالعودة الى عنوان مقالي فهو مستوحى من قول الشاعر:

لا تلم كفي إذا السيف نبا .. صح مني العزم والدهر أبا

وأختم لأقول: لا… لا بد من اللوم والعتب والصراخ والتقريع حيث لم يكن ثمة عزم أبدا. ومن يملكون أزمَة الدهر لا يقيمون لنفس ولا لعدل قيمة في ميزان مصالحهم.

السابق
حزب الله سيتشدد بعد انفتاح الغرب
التالي
اسرائيل: لا نعارض حلا دبلوماسيا لأزمة المشروع النووي الايراني