الشرق الاوسط: تحقيقات لبنانية للكشف عن شبكات تهريب بعد فاجعة العبارة

كتبت “الشرق الاوسط” تقول، بدأت السلطات اللبنانية تتحرك عمليا باتجاه إندونيسيا، حيث ضحايا “عبارة الموت”، من جثث وناجين ينتظرون منذ الجمعة الماضي، بينما اعتصمت العائلات المفجوعة في عكار شمال لبنان، وقطعت الطرق ونصبت الخيام احتجاجا على تقصير المسؤولين.
وفي حين تستمر التحقيقات في قضية غرق اللبنانيين، وسط أنباء عن توقيف القوى الأمنية لمتهم بالقضية، أمس، بعد الاستماع لإفادات أربعة أشخاص من مكاتب السفر، قال مصدر مسؤول مطلع لـ”الشرق الأوسط”، فضل عدم الكشف عن اسمه لحساسية القضية، إن المتهم الذي ألقي القبض عليه هو “مختار بلدة قبعيت، التي فقدت عددا من أبنائها على متن العبارة، لتورطه بالتعامل مع شبكات الهجرة غير الشرعية، وسبق له أن أمن وصول 86 شخصا من الشمال إلى ماليزيا، بينما لا يزال رئيس بلدية قبعيت السابق متواريا عن الأنظار منذ الإعلان عن غرق العبارة الاندونيسية”.
وأشار المصدر إلى أن “هناك عددا من الأشخاص من شمال لبنان، كانوا يعملون كوسطاء بين طالبي الهجرة والمافيات في بلدات شمالية عدة، مقابل مبالغ من المال”.
وبعد صرخة الاستغاثة التي أطلقها عبر “الشرق الأوسط”، أمس، ستة لبنانيين هاربين من “مافيا” الهجرة غير الشرعية، سجلت أمس تحركات رسمية لافتة على أكثر من مستوى، بعدما كان الاستنكار سيد الموقف، والتحركات مقتصرة على جهود سفير لبنان لدى ماليزيا علي ضاهر، والقائمة بأعمال السفارة اللبنانية لدى السلطات الإندونيسية جوانا قزي، والموفد من قبل التجمع الشعبي العكاري أحمد حمزة.
وأكد عبد الله جديد، أحد الهاربين الستة في اتصال مع “الشرق الأوسط” أمس أن الوفد اللبناني، تمكن أمس ظهرا من التواصل معهم، ومن ثم إنقاذهم ونقلهم إلى مكان آمن”، فيما أكد مصدر آخر لـ”الشرق الأوسط” أن عملية انتقالهم جرت بالتنسيق مع إحدى “المافيات” مقابل دفع مبلغ خمسة آلاف دولار أميركي.
في المقابل، أوضح رئيس بلدية قبعيت علي حمزة لـ”الشرق الأوسط” أن “الجهود تبذل الآن على خط تحرير 17 شخصا آخرين، كانت الشرطة الإندونيسية أوقفتهم قبل أيام قليلة، بسبب انتهاء مدة إقامتهم داخل البلاد، وكان من المفترض أن يكونوا على متن المركب”.
وهذا ما كان قد لفت إليه إمام مسجد بلدة قبعيت الشيخ علي خضر قبل يومين، مشيرا إلى أن “تخوف أهالي المحتجزين لدى البوليس الإندونيسي من (تآمر) الأخيرة مع المافيات الخاطفة (لتصفيتهم)”.
من جهتها، أعلنت رئاسة الحكومة اللبنانية أمس أنها تكثف اتصالاتها مع السلطات الإندونيسية، من أجل إنهاء قضية الضحايا والناجين من غرق مركب في إندونيسيا، مشيرة إلى أن “الملف يتطلب إجراءات معينة يجري العمل على تسريعها، من دون إغفال تشدد السلطات الإندونيسية فيه، الذي يشكل جزءا من برنامج مكافحة الهجرة”.
وذكرت، في بيان صادر عنها أمس، أن “السفارة اللبنانية لدى إندونيسيا نقلت الناجين من الغرق، وعددهم 18 شخصا إلى فندق في جاكرتا، وأمنت لهم كل المستلزمات الحياتية على نفقة الحكومة، وطلبنا من السلطات الإندونيسية تأمين الحماية لهم”، مضيفة: “يجري حاليا إنجاز الأوراق الشخصية لهم في بيروت من أجل إرسالها بالفاكس إلى جاكرتا، والتعجيل في نقلهم إلى لبنان”.
أما فيما يتعلق بجثث اللبنانيين، فأشار بيان الحكومة إلى “بدء عمليات إجراء فحوصات الحمض النووي لأهالي الضحايا في لبنان لمطابقتها مع الفحوصات المماثلة التي تجري على الجثث في جاكرتا”.
وقررت وزارة الخارجية اللبنانية، أمس، إرسال وفد إلى إندونيسيا برئاسة الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة العميد إبراهيم بشير وعضوية ستة أشخاص، بينهم مختصون في الحمض النووي ودبلوماسي من الخارجية وممثل عن الأمن العام.
وقال مدير عام وزارة الخارجية اللبنانية هيثم جمعة لـ”الشرق الأوسط” إن “عملية نقل الجثث إلى لبنان قد تستغرق 10 أيام”. وأثنى على عمل كل من ضاهر والقزي، رافضا الاتهامات التي تطلق باتجاه الدولة اللبنانية لجهة تقصيرها في تعاملها مع القضية.
وأعلن أمين عام وزارة الخارجية السفير وفيق رحيمي أن “الوفد سيؤمن عودة الناجين قريبا بعد تأمين الأوراق اللازمة لهم وإصدار جوازات مرور”، مشيرا إلى أنه “جرى التعرف على 15 ناجيا كانوا على متن العبارة، إضافة إلى ثلاثة يتلقون العلاج في المستشفى”.
وأكد رحيمي أن “اللبنانيين الناجين موجودون في فندق بمأمن من (مافيا) التهريب لأنهم تحت حراسة السلطات الإندونيسية، وإشراف ورعاية منظمة الهجرة الدولية”، لافتا إلى أن “لبنان طلب زيادة الحراسة عليهم”.
كما أوضح أن “عدد اللبنانيين الذين كانوا على متن العبارة غير واضح، بحكم وجود أشخاص من جنسيات عدة، كذلك فإنه لا يمكن تحديد الجثامين إلا بعد ظهور نتائج الحمض النووي، لأنها في وضع يصعب التعرف عليها”، مشيرا إلى “انتشال 33 جثة من كل الجنسيات”.
وأشارت وزارة الخارجية إلى أنها “تبلغت من الشرطة الإندونيسية أن الظروف المناخية قد تؤخر أعمال الإنقاذ، متوقعين استمرارها لمدة أقلها 10 أيام بهدف متابعة البحث عن المفقودين.

السابق
الحياة: المصارف حذرة في قبول ودائع السوريين
التالي
قنبلة يدوية قرب مخفر الميناء في طرابلس