الديار: هل دفع سليمان ثمن اجتهاد شخصي كلفه الغاء لجولته الخليجية؟

كتبت “الديار” تقول، هل رأيتم محاولة السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة الأميركية لتأليف “نكات مناسبة للصف الخامس الابتدائي”؟. كلام قالته مدونة أميركية – يهودية تعمل في صحيفة “ديلي بيست الاميركية” تعليقا على قيام السفارة الاسرائيلية في واشنطن بتزوير السيرة الذاتية للرئيس الايراني حسن روحاني، وتوزيع “البروفايل” المزور على وسائل الإعلام العالمية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. هذا الكلام يختصر ما قاله العديد من الأشخاص المهمين الداعمين لاسرائيل في الولايات المتحدة الذين علقوا على النشر المزور بالقول إنه لا يتعدى كونه عملاً “صبيانيًا”. هذا الفعل “الصبياني” تكرر خلال الساعات القليلة الماضية ولكن “بنسخة” عربية تقول مصادر سياسية عندما تعمدت السعودية والامارات توجيه “رسالة” علنية الى الرئيس ميشال سليمان، وهو ليس مدرجا على لائحة “الخصوم”، ردا على “اجتهاد” شخصي من قبله اعتبرته غير مناسب في الشكل او في المضمون. لكن هل ستتوقف “حالة انعدام الوزن” لدى حلفاء واشنطن في المنطقة عند هذا الحد من “الاخطاء” التكتيكية التي تبقى نتائجها محصورة في سياق فقدان “ماء الوجه” الذي يمكن تعويضه لاحقا؟ ام ان هذا “الهلع” من التقارب الايراني الاميركي سيدفع تلك القوى الى “التهور”؟ بالنسبة لما حصل مع الرئيس سليمان بعد الالغاء لجولته العربية، لم يكن خارج السياق المعتاد لتعامل هذه الدول مع “الاصدقاء” وبحسب مصدر ديبلوماسي عربي فان المعادلة “الخليجية”يمكن اختصارها بالفكرة التالية” اذا كنا لا نملك ما نقوله للرئيس اللبناني فلا داعٍ للزيارة لانه لا يملك اصلا ما يخبرنا به”. وبحسب المصادر، فان ثمة دوائر في المملكة شعرت بالاستياء اثر اعلان الرئيس اللبناني قبل الزيارة المقررة عن مواعيد حاسمة لتشكيل الحكومة اللبنانية خلال ايام، موحيا بذلك ان الرياض تقف وراء تلك الفكرة، على الرغم من ان اي من المسؤولين السعوديين لم يقارب هذا الملف من قريب او بعيد، وقد فهم البعض في الرياض ان ثمة “قطبة مخفية” في مكان ما لمحاولة احراج المملكة في التوقيت الخاطىء، فجاءت رسالة الاستياء الاولى من خلال مسارعة النائب وليد جنبلاط لاجهاض مقترح رئيس الجمهورية ميشال سليمان بتشكيل حكومة جديدة قبل نهاية الشهر الجاري، بعد اتصال مع السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري الذي ابلغه ان المملكة ليست في هذه الاجواء ولم تبلغ الرئيس سليمان اي موقف جديد، وقد اوحى له ايضا ان ثمة شكوك حاليا في حصول الزيارة في موعدها. لكن الرئاسة الاولى تضيف المصادر لم تفهم حينها ان ما صدر عن جنبلاط هو رسالة سعودية لنفي “تورطها” بهذا المقترح، وكان الاعتقاد بان موقف جنبلاط هو نتيجة شعوره “بالخيانة” بعد صدور موقف الرئيس عبر صحيفة “لو فيغارو” دون اي تنسيق مسبق معه. لكن تأجيل الزيارة بالطريقة التي حصلت بها اكد “هواجس ” الرئاسة الاولى بوجود “امتعاض” سعودي من “الخروج” عن “النص” في وقت شديد الحراجة للمملكة التي لا تريد في هذا التوقيت ان ترسل اي رسائل خاطئة لأي من القوى الاقليمية أو الدولية، فهي اذا ارادت ان “تبيع ” او “تشتري” في “السوق” اللبنانية، تريد ان تقبض الثمن من ايران، وحتى الان يبدو ان “اسعار” طهران مرتفعة جدا، ولا تجد المملكة مصلحة في اجراء مقايضة الان بانتظار مؤشرات “السوق” الايرانية – الاميركية. وبرأي اوساط سياسية رفيعة المستوى، ثمة مخاوف جدية من ان يدفع لبنان ثمن “هيستريا” حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة في هذه الفترة الفاصلة بعد ان توصلوا الى قناعة راسخة بضرورة البحث عن ساحات جديدة لتغيير موازين القوى بعد الخسائر المتتالية على الساحة السورية، حيث استُنفدت كافة الوسائل لتحقيق التوازن المطلوب دون أي جدوى. ووفقا للاعراف المرتبطة بالتسويات السياسية تكون الفترة الزمنية التي تسبق أو تتزامن مع المفاوضات من اشد الايام صعوبة ودموية، فكافة الاطراف تسعى في ربع الساعة الاخير لتجميع اوراق القوة، لتحصيل النتائج على “الطاولة”، فكيف اذا كانت تلك الاطراف تشعر الآن ان ثمة شيء ما يجري من “تحت الطاولة” وقد تخرج هي من “المولد بلا حمص”. هذه الوضعية تكون عادة اكثر خطورة وشراسة، هذا ما يجري تطبيقه بشكل عملي على الساحة العراقية حيث ازدادت وتيرة العنف بشكل “جنوني” في رسالة واضحة، بان أي تجاهل لحلفاء واشنطن في التسوية سيؤدي الى تخريبها حتى لو كان الثمن حربا مذهبية في المنطقة. أما معاقبة الاكراد من خلال التفجيرات الانتحارية في اربيل، فتشكل دلالة واضحة على ان من يدير المجموعات المسلحة على الارض السورية ليس بوارد ان يغفر لأحد ممن وقفوا حاجزا منيعا امام تحقيق مشروعه في المنطقة. وهذا العبث بأمن كردستان شبيه “بالعبث” السابق الذي طال الضاحية الجنوبية، ردا على دور حزب الله في تغيير المعادلة السورية. ولذلك تخشى تلك الاوساط، بألا تكتفي تلك الدول بالمستوى الراهن من العنف في لبنان، فما يجري من تطورات واحداث في السودان، المعروف بأنه يشكل “الحديقة الخلفية” لايران في منطقة شمال افريقيا، ليس بعيدا عن هذا “التصعيد النوعي”، خصوصا ان لاسرائيل والسعودية القدرة على “التخريب” في هذا البلد الافريقي المرشح لدخول “نادي” الفوضى، بهدف اضعاف النفوذ الايراني. وهذا يعني ان ما من ضوابط لهذا الصراع في الوقت الراهن، وما حصل في بعلبك ليس بعيدا عن هذا السياق، حزب الله قرأ الرسالة جيدا، خصوصا بعد المؤتمر الصحافي “غير البريء” للنائبين محمد كبارة وخالد الضاهر ومؤسس الدعوة السلفية في لبنان داعي الاسلام الشهال، وما حصل خلال الساعات القليلة الماضية في طرابلس يزيد المخاوف من النوايا المبيتة للتصعيد. هذا الامر يقلق الاجهزة الامنية اللبنانية الخائفة من تداعيات موجة تفجيرات جديدة، وهذا ما يفسر “الرغبة الجامحة” لدى حزب الله الى تسليم اجهزة الدولة مسؤولية الامن على الارض، وذلك في اطار سحب “الذرائع”، وهو اليوم يتعامل مع الاوضاع بمزيد من “الحذر” والجهوزية في ظل استراتيجية تقوم على ثابتتين اساسيتين هما، عدم الانجرار الى الفتنة الداخلية، واستمرار المشاركة في القتال في سوريا حيث تدعو الحاجة لتغيير موازين القوى على الارض. فاذا حصلت التسوية فمكانه محجوز على الطاولة بصفته احد اكثر الاطراف فعالية، واذا لم تحصل فاستراتيجيته اثبتت حتى الان فعاليتها، وأي تطور داخلي سيتم التعامل معه بحسب “الظروف”، وكما قال السيد حسن نصرالله في احدى اطلالاته، فان حزب الله وضع في حساباته كل الاحتمالات.

السابق
السفير: محادثات نتنياهو مع بايدن في شأن الغاز أهم من لقائه مع أوباما إسرائيل
التالي
المستقبل: الهيئات الاقتصادية تدعو الى حركة إنقاذية تُبعد لبنان عن الهاوية