الجربا يصرخ في «برية» الأمم المتحدة.. وكيري يتجاهله

احمد الجربا

أظهرت الجلسات العربية المغلقة التي عقدت على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة في دورتها الثامنة والستين في نيويورك، لبنانيا، استمرار الحرص الدولي والعربي على تثبيت مظلة الاستقرار اللبناني، برغم كل ما نشهده من احتدام على أرض سوريا وتداعيات ذلك على الواقع اللبناني، خاصة بالنسبة الى ملف النازحين بكل أبعاده الانسانية والاجتماعية والأمنية.

ولعل النقطة الثانية التي أثارت الانتباه هي تذمر المعارضة السورية من تراجع الاهتمام الدولي بملف تغيير النظام السوري، حتى أن أحد المعارضين تحدث صراحة أمام بعض الصحافيين عن تولي أكثر من جهة أمنية عربية وغربية مهمة توفير الحماية لعدد من الشخصيات المعارضة التي قررت في الآونة الأخيرة فتح خطوط مع النظام بعدما استشعرت ان سقوطه صار بعيد المنال.

هذا الاحباط الذي يتسلل يوما بعد يوم الى صفوف المعارضة والمحور المناهض عبرت عنه المناقشات التي شهدها الاجتماع المغلق لوزراء الخارجية العرب، على هامش اعمال الجمعية العمومية. في هذا الاجتماع، كان رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أحمد الجربا نجما بلا منازع «بالمعنى السلبي للكلمة وليس الايجابي» على حد تعبير أحد المشاركين، «اذ أحدثت كلمته مفاجأة لا تسرّ لا صديقا ولا خصما، اذ باح بمكنونات سخطه على الولايات المتحدة والغرب نتيجة الإحجام عن العدوان على سوريا».

ويضيف الديبلوماسي العربي ان الجربا «طلب في كلمته ألا يشمل قرار مجلس الامن الدولي فقط موضوع نزع السلاح الكيماوي، انما حظر استخدام النظام في المعارك العسكرية سلاح الطيران والصواريخ واسلحة اخرى، وهذا ما تبناه الفرنسيون ودول مجلس التعاون الخليجي والامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، الا ان ذلك لم يدرج لاحقا في القرار الصادر عن مجلس الامن الدولي».

قال الجربا للمشاركين في الاجتماع المغلق انه قبل دخول وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وبالتحديد قبل ساعة من الاجتماع، في نيويورك، «اتصلت بكيري وطلبت منه ان يتضمن اي اتفاق يتوصل اليه مع لافروف النقطة المتعلقة بحظر استخدام السلاح، وخاصة استخدام الطائرات والصواريخ، وحثّه على عدم التساهل في هذه النقطة باعتبارها ستشكل اذا أقرت «نصرا للديبلوماسية الاميركية، خاصة ان الجانب الروسي مستعد لتقديم اي تنازل لتجنيب النظام السوري الضربة العسكرية».

يضيف الجربا ان كيري «وعدني خيرا، واذا بالاتفاق يعلن بين لافروف وكيري من دون تضمينه اي شيء من مطالب المعارضة السورية ولم يكلف أي ديبلوماسي أميركي نفسه عناء تقديم تفسير لنا».

ويتابع المصدر «ان المرارة التي تحدث بها الجربا لم تحرك مشاعر الوزراء العرب الذين كانوا يتصرفون في ردهة الاجتماع كأن شيئا لا يقال، والابرز ان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لم يكن مباليا وهذا ما لفت انتباه الحضور وأثار علامات الاستفهام، ليتبين لاحقا أن الديبلوماسي السعودي العريق كان استشعر المناخ الأميركي، وخاصة وجود توجهات للانفتاح على طهران، الأمر الذي أثار غضبه واستوجب الطلب من السفير السعودي في واشنطن عادل جبير عقد سلسلة اجتماعات ديبلوماسية عاجلة للرد على الخطوة الأميركية المفاجئة».

ويشير المصدر الى أن وزراء خارجية دول المغرب العربي بدوا قلقين للغاية من تنامي حضور تنظيم «القاعدة» في المغرب العربي، ونقل عن وزير الخارجية التونسي قوله «اننا بدأنا التواصل مع اسبانيا وايطاليا ودول غربية اخرى، ونقلنا اليها رسائل واضحة بأننا لن نسمح بأن تتحول تونس الى حزام امني لأوروبا، وبأن المقاتلين التكفيريين الذين تدعمونهم بصورة مباشرة او غير مباشرة في سوريا، خاصة «جبهة النصرة»، لن يقفوا عند حدود معينة ولا احد يستطيع ضمان توقفهم عند حدود معينة».

والاخطر هو ما كشفه المصدر الديبلوماسي عن وجود تباين اوروبي ـ تركي في مقاربة ملفات متصلة بالأزمة السورية، ويقول انه سمع من وزير الخارجية البلغاري كلاما مهما جدا، اذ اشتكى الاخير من وصول عدد اللاجئين السوريين في بلغاريا الى اربعة آلاف لاجئ وهذا عدد يشكل تحدياً كبيراً لبلاده، وانهم يدخلون الى بلغاريا عبر تركيا، وان السلطات البلغارية تشعر من خلال الاتصالات التي قامت بها مع السلطات التركية بأن انقرة تغض الطرف عمدا لتسهيل عبور اللاجئين السوريين من تركيا الى بلغاريا، وهذا يشكل تحدّياً امنياً كبيراً لبلغاريا والاتحاد الاوروبي، كون هؤلاء اصبحوا في ديارهما».

وخلص المصدر الى طرح السؤال التالي: «اذا كانت اوروبا بكل قدراتها الامنية والاقتصادية تخشى من بضعة آلاف من اللاجئين السوريين، فكيف حال لبنان ذي القدرات المعروفة والمحدودة والذي صار على ارضه قرابة مليون ونصف مليون لاجئ؟.. انه سؤال يستحق التفكير، ذلك أن النيات الحسنة لم تعد كافية بدليل أن لبنان يقترب من رقم المليون ونصف مليون نازح ولا يجد جهة دولية أو اقليمية تنظر الى الأمر بجدية، الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام».

السابق
توقيف 53 شخصاً لارتكابهم افعالاً جرمية
التالي
الطائف في ذكراه: تنفيذ غير أمين وبلا رعاة