بعلبك: القصة الكاملة لحملة حزب الله التأديبية

بعلبك
هنا القصة الكاملة لما جرى في بعلبك. ما الذي حصل وما سببه؟ وكيف وصل إلى الفتل والرصاص والقذائف الصاروخية. في حوارات مع كلّ من رئيس بلدية بعلبك السابق غالب ياغي وراشد صبري حمادة ومسؤول تيار المستقبل في المدينة حسين صلح والشيخ عبّاس الجوهري.

اشتباكات بعلبك الأخيرة فاجأت المراقبين من حيث المكان والزمان. فبعد توقّعها في عرسال بالبقاع أو في تعمير عين الحلوة بصيدا، بؤرتي التوترات الأمنيّه بين موالي النظام السوري ومعارضيه، أتت من بعلبك لتطرح أسئلة حول مدى الإحتقانات المذهبيّة والمناطقيّة والعشائريّة التي أدّت إليها. بعلبك منكوبة هذه الأيام. هي التي تعتبر أحد نماذج العيش المشترك في لبنان، يتمّ ضرب نموذجيتها هذه الأيام. فبحسب رئيس بلديتها السابق غالب ياغي أنّ “المدينة استباحها مسلحون استدعاهم حزب الله من النواحي والقرى المجاورة، فقاموا باحتلال الشوارع والأحياء الداخلية ونفذوا حملات دهم واعتقال وهم يطلقون النار ارهابا وترويعا للآمنين وكأن المدينة كانت محتلة من قبل العدو الإسرائيلي وقاموا بتحريرها”.

ياغي، الشيعي أبا عن جدّ، ليس منتسبا الى صفوف “الجماعة الإسلامية”. ولا هو من آل الشياح أو الصلح أو الرفاعي. ولا هو من “التكفيريين” أو “جبهة النصرة”، كما اعتادت آلة الدعاية البروباغندية التابعة لحزب الله أن تصنّف كلذ مخالف لها في الرأي.

ياغي هو عضو تجمع لبنان المدني ورئيس بلدية بعلبك السابق، الذي انتخبه أهل بعلبك ليكون اسمهم في يوم من الأيام، قبل أن تصير الغرائز المذهبية هي التي تتحكّم في أصوات الناس وحيوات العابرين على الطرق. وهو أكّد، في حديث خاصّ لـ”جنوبية”، أنّ “احدا لم يقم بمقاومة القوّة الضاربة التي جلبها حزب الله من الخارج واقتحم بها أحياء بعلبك، فقد كان إطلاق النار الكثيف المصحوب بقذائف ب 7 من جهة واحدة، أي من قبل عناصر الحزب، والهدف هو الترويع واثبات القوّة فقط ولو على حساب ضرب صيغة العيش المشترك التي يؤمن بها أهل بعلبك ويطبقونها منذ أمد بعيد، وهم الذين نبذوا المذهبية والطائفية وتعوّدوا أن يحلوا خلافاتهم بأنفسهم مهما كبرت تلك الخلافات”.

وينتقد ياغي “حواجز حزب الله التي أساءت الى العديد من الناس وظهر كأنّه تغليب لفئة على فئة أخرى”، مرحبا “بانتشار الجيش”. هذا الإنفلاش العسكري يتبنّى الطريقة “الفتحاوية” (من حركة “فتح”) سابقا، بحسب رئيس التجمع العلمائي الشيخ عباس الجوهري، الذي يعتبر أنّه هو الذي أدّى “الى استعار الاحتقان السني الشيعي وهو السبب الرئيسي لهذه الاشكالت التي باتت تحصل يوميا في مدينة بعلبك، فقد ضرب وأهين نجل أحد أعيان السنه من الجماعة الإسلامية، وهجم عناصر من حزب الله على محل والده فأطلق النار في الهواء لتفريقهم، فما كان منهم الا ان استعانوا بعناصر من احد الحواجز وأطلقوا النار بكثافة عليه وأردوه جريحا بحالة الخطر الشديد. ثم حضر أفراد من عائلته وأطلقوا النار على الحاجز وقتلوا عنصرين من حزب الله وكان ما كان بعد ذلك”.

وحول دخول الجيش الى المدينه يقول الشيخ الجوهري، في حديث خاص لـ”جنوبية”، إنّ “حزب الله مارس سلطته دون تحفّظ في بعلبك وهو تدارك الأمر في الضاحية عندما وافق على تسليمها إلى قوى الشرعيّه خوفا على خسارة جمهوره بفعل بعض الممارسات الشاذة. لذلك فإنّ انتشار الجيش في المدينه بعد الحادثه يجب ان يكون أكثر فعاليه، خصوصا مع بروز بعض الممارسات التي أساءت لمصداقيته في عيون فئة من الأهالي، بعد نشر صور للجيش وهو ينسّق مع عناصر حزب الله في بعض أحياء مدينة بعلبك”.

وأكد مسؤول “تيار المستقبل” في بعلبك حسين صلح “حصول اجتياح عسكري للمدينة اذ تدفق المسلحون بكثافة من خارجها. واندلعت اشتباكات عنيفة بمختلف اﻻسلحة”. وكشف صلح ان “خمسة محلات تجارية احرقت في السوق عائدة ﻻشخاص من عائلات صلح والشياح وصالح. المتضررون بانتظار حضور الهيئة العليا للاغاثة بعد أن حضرت الشرطة العسكرية واجرت تحقيقاتها”.

ولفت صلح، في حديث خاصّ لـ”جنوبية”، الى ان الوضع في بعلبك “ﻻ يزال حذرا فالمحلات مقفلة جزئيا، أما المدراس فمقفلة كليا”، معتبرا ان الوضع بدأ بالتحسن بعد انتشار الجيش وانسحاب عناصر وحواجز حزب الله”.

واكد صلح ان “الحواجز واجراءات اﻻمن الذاتي كانت مرفوضة من اهالي بعلبك كلهم، فقد تسببت باشكاﻻت وحوادث كثيرة مع مواطنين من مختلف اﻻنتماءات والطوائف، وللاسف فإنّ الحادث اﻻخير تطور بشكل خطير، واتخذ المنحى المذهبي بسبب الجو المشحون طائفيا في البلد ككل”.

وشدد صلح على ان “خيار مدينة بعلبك هو الدولة وﻻ احد غيرها . وهذا ما أكد عليه اجتماع الفاعليات واﻻحزاب في مبنى البلدية ، ونحن كتيار مستقبل على الرغم من عدم حضورنا فاننا نؤيد ما صدر عنه من دعوة للجيش كي يمسك امن المدينة .

من جهته أوضح المهندس راشد صبري حمادة، نجل رئيس مجلس النواب سابقا صبري حمادة، أن “أحداث بعلبك ليست اﻻولى من نوعها، وهي لم تنته ﻻن مسبباتها ﻻ تزال موجودة”. ولم يستبعد، في حديث خاصّ لـ”جنوبية”، وجود “دور لطابور خامس قد يكون على علاقة بالنظام السوري من اجل اشعال فتنة سنية شيعية”. وأكد أن “انتشار السلاح يجر الموت والخراب، واﻻناء ينضح بما فيه. فقد أدت اجراءات اﻻمن الذاتي لحزب الله الى احياء خلافات واحقاد قديمة لتنفجر معركة مسلحة. وكلنا نذكر اﻻشكاﻻت والحوادث السابقة منذ ثلاث سنوات بين آل صلح وآل جعفر التي لم يكن الحزب بعيدا عنها. وقد عملنا من موقعنا مع العائلتين لتهدئة اﻻمور ولكن هناك من يريد ان يفرض بالسلاح سلطته ونفوذه في المدينة”.

واضاف حمادة: “منطق القوة ﻻيفلح في بعلبك او في غيرها، وحتى الدولة عندما تقارب موضوع بعلبك بالقوة تفشل وتقع صدامات مع العشائر. المطلوب معالجة سياسية وعدم اﻻنجرار الى مآرب من يريد شرذمة ابناء المدينة وتحويلهم الى وقود للفتنة المذهبية”.

وختم: “استغربنا اﻻستهداف المباشر لحاجز حزب الله وهذا ليس من عمل افراد، وانما قد يكون طابورا خامسا دخل على الخط ﻻذكاء نار الفتنة السنية الشيعية، وﻻ استبعد ان يكون لعملاء النظام السوري يد في ذلك”.

 

السابق
حادث فردي: الإختباء خلف الكلمات
التالي
عبد الرازق في معرض الصدر في صور