السفير : بعلبك في عهدة الجيش لماذا أرجأت السعودية زيارة سليمان؟

كتبت “السفير ” تقول : فيما كان الكثيرون في لبنان ينتظرون زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى السعودية، لاستشراف آفاق المرحلة المقبلة، جاء خبر تأجيل الزيارة التي كانت مقررة غدا، ليثير تأويلات واجتهادات متضاربة، لاسيما أن “التفسير البريء” للتأجيل، ربطا بالوضع الصحي للملك عبدالله، لم يكن مقنعا لأوساط سياسية، ربطت إرجاء الزيارة بانشغال المملكة، بل استنفارها، لمواجهة الانفتاح الاميركي ـ الايراني.
وما جعل “العذر الصحي” للتأجيل غير متين، من وجهة نظر المشككين، هو أن الملك عبدالله مارس نشاطه السياسي أمس، كالمعتاد، حيث استقبل في الديوان الملكي مفتي السعودية وعددا من الأمراء والعلماء والوزراء والمسؤولين المدنيين والعسكريين وجموعا من المواطنين، كما أفادت وكالة الانباء السعودية الرسمية.
وكانت كل الترتيبات الرسمية قد أنجزت لإتمام الزيارة بناء على موعد مسبق طلبه رئيس الجمهورية منذ فترة، وحتى أن السفير اللبناني لدى الرياض أتى الى بيروت لمواكبة سليمان، كما أن الرئيس سعد الحريري اتصل بسليمان وأبلغه انهما سيلتقيان على مائدة الغداء التي سيقيمها ولي العهد له، على أن يليها لقاء بين سليمان والحريري.
فجأة، ورد أمس، الى الدوائر المختصة في القصر الجمهوري اتصال من الديوان الملكي السعودي، تضمن إشارة الى “ظروف خاصة” استجدت وفرضت إرجاء الزيارة، لتطفو على السطح لاحقا نظرية أن الوضع الصحي للملك لا تسمح له باستقبال سليمان.
لكن الأوساط السياسية المشككة في هذا السبب، إعتبرت أن المستجدات الإقليمية والدولية، من “التسوية الكيميائية” بين واشنطن وموسكو، الى الاتصال بين الرئيسين الاميركي والإيراني، أتت لتخلط أوراق المملكة التي تبدو منزعجة من هذا المسار الديبلوماسي، وتحاول عرقلته، ما جعل زيارة سليمان غير مناسبة في هذا التوقيت.

وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “هآرتس” عن مسؤول اسرائيلي طلب عدم الكشف عن اسمه أن دولا خليجية عدة أعربت عن قلقها من التقارب الاميركي ـ الإيراني، مبدية خشيتها من أن يأتي هذا التقارب على حسابها.
والى حين زوال الظروف التي منعت “الرحلة السعودية”، يزور سليمان بعد غد الاربعاء الامارات العربية المتحدة، حيث سيركز خلال محادثاته مع مسؤوليها على وضع الجالية اللبنانية هناك، الى جانب البحث في العلاقات الثنائية وأوضاع المنطقة.
وبينما توقعت مصادر سياسية أن يساهم تأجيل زيارة سليمان الى السعودية في “فرملة” إضافية لملف التأليف الحكومي وللخيارات المحتملة في شأنه، يواصل الرئيس نبيه بري سعيه الى تعبيد الطريق أمام مبادرته الحوارية التي كانت موضع نقاش مفصل مع الرئيس فؤاد السنيورة في الأسبوع الماضي.

وقال بري لـ”السفير” إن أجواء اللقاء مع السنيورة كانت إيجابية، “وأكدت له أن مبادرتي الحوارية لا تهدف بأي حال من الأحوال الى الانتقاص من صلاحيات رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة المكلف او مجلس الوزراء، وإنما تصب في خانة إحياء التواصل بين اللبنانيين واختصار المسافات بينهم، لمعالجة الأزمة الراهنة”.
وشدد بري على أن مبادرته لا تقاس بالمعيار التقليدي للصلاحيات، بل يجب ان تُقارب من زاوية محاكاتها للمصلحة الوطنية.

وحول انتخابات رئاسة الجمهورية واحتمال التمديد للرئيس سليمان، قال: بالنسبة إلي من المبكر الخوض منذ الآن في هذا الاستحقاق، وأنا أعتقد انه لن يبدأ الكلام الجدي و”حك الركاب” في شأنه قبل أذار المقبل، حيث ينطلق العد العكسي للمهلة الزمنية لإجراء الانتخابات.

بعلبك
أمنيا، تجاوزت بعلبك اختبارا صعبا، كاد يجرها بين ليلة وضحاها الى فتنة مذهبية، بعدما تمكنت من تفاديها منذ العام 2005، برغم كل الأجواء التحريضية المحيطة.
ولعل أخطر ما في الاشتباك في بعلبك، أنه أدخل المدينة في مناخ يخالف تراثها وهويتها، وكشف عن تسلل الهشاشة الى العلاقات بين عائلاتها العريقة، حتى كاد حادث فردي يتحول الى مشروع اقتتال مذهبي. وإذا كانت الجهود المكثفة على كل المستويات قد نجحت في احتواء ما جرى والحؤول دون تفاقم تداعياته، فإن ذلك لا يمنع أن هناك حاجة خلال الفترة المقبلة لإعادة بناء الثقة بين مكونات بعلبك، منعا لتكرار التجربة المرّة.
وبينما شيعت بعلبك أبناءها الذين سقطوا في اشتباك الجمعة، واصل الجيش اللبناني تعزيز إجراءاته وتوسيع انتشاره الذي شمل مداخل المدينة وشوارعها الداخلية، فيما أخلى “حزب الله” حواجزه وانسحب من الأرض (ص 4). وقال مسؤول بارز في “حزب الله” لـ”السفير” إن بعلبك كلها أصبحت في عهدة الجيش اللبناني، مشيرا الى أن الجيش تسلم من الحزب كل الحواجز عند مداخل المدينة وفي داخلها، وأوضح أن الحزب كان قد قرر تسليم حواجزه قبل الحادثة الأليمة، ثم جاءت هذه الحادثة لتدفع في اتجاه التسريع في تنفيذ هذا القرار.
وأكد أن الإشكال الذي حصل في بعلبك، هو فردي في جذوره، وناتج عن تراكم حساسيات شخصية، لكن المناخ السياسي والمذهبي المحتقن أعطاه بُعدا أوسع من طابعه الفعلي. ولفت الانتباه الى أن “حزب الله” لم يكن بحد ذاته طرفا في الاشتباك الذي وقع، مشيرا الى أن الفعل وردّ الفعل اتخذا منحى عائليا بالدرجة الاولى، وقد ساهمت الاجتماعات التي عقدتها فعاليات المدينة في لملمة الموضوع والسيطرة على الوضع.
وطالب المسؤول البارز في الحزب الجيش بإجراء تحقيق عاجل “في ملابسات الهجوم المسلح على عناصر حزب الله الذين تعرضوا لاعتداء موصوف”.
وشدد على جهوزية الحزب “واستعداده التام لتسليم حواجزه في الجنوب الى القوى الشرعية، متى أبلغتنا انها جاهزة لتولي هذه المهمة”.

السابق
النهار : سليمان : المهم عودة اللاجئين إلى سوريا من هو أبوصالح العراقي الذي أغرق الـ 28؟ بري : من المبكر الكلام عن الرئاسة ولم يفاتحني أحد في موضوع التمديد بعلبك ” سقطت ” في الصراع المذهبي و ” المستقبل ” يربطه بأمن ” حزب الله “
التالي
الديار : ضبابيّة” حول أسباب تأجيل موعد سليمان مع الملك السعودي … بري: مُصرّ على متابعة مبادرتي ولقائي مع السنيورة لم يكن عاطلاً … الجيش رسّخ أمن بعلبك واتصالات لتهدئة الأوضاع… “مافيا” تلاحق الناجين من عبّارة أندونيسيا لإخفاء أعمالها غير الشرعيّة