حقائق عن هجرة اللبنانيين عبر «مراكب الموت»: الوسيط من طرابلس والمبالغ كبيرة

غرق مركب يقل لبنانيين في أندونيسيا

القت حادثة غرق المركب الذي فقد عليه عدد كبير من اللبنانيين بين اندونيسيا واستراليا الضوء على شبكات تهريب تستغل حاجة بعض اللبنانيين والسوريين النازحين الى لبنان الى استقرار وآفاق جديدة، لتقاضي اموال طائلة منهم مقابل مغامرات محفوفة بالمخاطر.

في طرابلس ارتدت عائلة خالد الراعي ملابس الحداد، وبدات تستقبل المعزين. على متن “مركب الموت”، قتل اربعة افراد منها، هم طلال الراعي، عم خالد، وولداه كريم (سبع سنوات) ونور (تسع سنوات)، وشقيقته جميلة (52 عاما).

ويقول خالد الراعي “نجت زوجة عمي رندا وابن عمي خليل البالغ من العمر خمس سنوات”، مضيفا “هربوا من الحرب والفقر في طرابلس، فكان الموت في انتظارهم في اندونيسيا”.

واعلنت السلطات الاندونيسية الاحد ان 28 شخصا قتلوا بعد غرق مركب كان ينقلهم الخميس الى استراليا بشكل غير شرعي، بينما لا يزال العشرات في عداد المفقودين. وكانت الحكومة اعلنت ان 68 لبنانيا كانوا على متن المركب، وقد تم انقاذ 18 منهم، وعثر على 21 جثة للبنانيين، بينما الآخرون لا يزالون مفقودين.

وافاد مصدر امني في الشمال وكالة فرانس برس ان “ما يقارب 250 شخصا من اللبنانيين والسوريين هاجروا من شمال لبنان بطرق غير شرعية منذ مطلع العام الحالي، معظمهم الى استراليا. وقد تم تهريبهم لقاء مبالغ مالية كبيرة”.

واوضح ان “ظاهرة الهجرة غير الشرعية بدات تنشط مع تزايد عدد النازحين السوريين، اذ بدات شبكات التهريب تركز على السوريين، ما فتح الباب امام اللبنانيين الذين يرغبون بالهجرة”.

ويقول مواطنون شماليون غادر اقرباء او اصدقاء لهم لبنان بهذه الطريقة خلال الاشهر الماضية ان الوسيط الذي كان ينظم رحلات الراغبين بالهجرة هو من طرابلس، وهو يتعامل مع عراقي معروف باسم ابو صالح موجود في اندونيسيا يشرف على عمليات وصول المهاجرين الى جزيرة جاوا ومنها الى استراليا بحرا.

وفور ورود التقارير عن غرق المركب الجمعة، طلب وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال شكيب قرطباوي “من النيابة العامة التمييزية فتح تحقيق عاجل في ملابسات الكارثة (…)، وما يتردد من أنباء حول عمليات إستغلال مالية تعرضوا لها”، بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للاعلام.

وذكرت الوكالة السبت انه “تم توقيف احد المروجين” لعمليات التهريب هذه “للتحقيق معه”.

وغادرت عائلة الراعي لبنان في شهر رمضان (تموز) عبر مطار رفيق الحريري الدولي الى اندونيسيا التي يحصل اللبنانيون اجمالا بسهولة على سمة دخول اليها. والعائلة من سكان منطقة التبانة، و”وضعها المادي والاجتماعي سيء جدا”، بحسب ما يقول خالد الراعي.

ويضيف “كان عمي يعمل ميكانيكي سيارات. ونتيجة الاوضاع الامنية، تراجع عمله واصيب منزله في المعارك مرتين”، في اشارة الى جولات المعارك المتكررة مع جبل محسن.

واتخذ طلال الراعي قرارا بمغادرة لبنان، فباع محله واستدان مبلغا اضافيا ورحل مع افراد عائلته.

ومعظم القتلى والمفقودين اللبنانيين هم من بلدة قبعيت في قضاء عكار. ويقول عضو مجلس بلدية البلدة احمد درويش لوكالة فرانس برس “خلال شهري اذار ونيسان من العام الحالي، غادر نحو خمسين شخصا من ابناء البلدة الى استراليا عن طريق اندونيسيا، وبينهم ابني البالغ من العمر 16 عاما”.

ويضيف “دفعت مبلغا قدره ثمانية الاف دولار لقاء سفره”.

ويشير الى انه كان يرفض الفكرة في المبدأ، “لكن لا يوجد عمل هنا. معظم الذين يهاجرون يفعلون ذلك بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تفاقمت بعد نزوح السوريين”.

كذلك دفع حسين خضر الاف الدولارات ليهاجر مع افراد عائلته التسعة الذين قضوا جميعهم على متن المركب ونجا هو، بحسب ما يروي شقيقه نصر خضر.

ويقول نصر لوكالة فرانس برس “كان شقيقي يريد ان تعيش عائلته في ظروف امنية وسياسية افضل. وقد عمل على تامين المبلغ المالي المطلوب بعدما استدان بعضه، ودفع للمهرب حوالى اربعين الف دولار عنه وعن زوجته واولاده الثمانية”.

ويؤكد اقارب ضحايا المركب ان عددا كبيرا من السوريين كان من ضمن الدفعة الاخيرة التي غادرت الشمال الى اندونيسيا قاصدة استراليا. واكدت السلطات الاسترالية وجود مهاجرين سوريين على متن المركب.

ويوضح سكان من قضاء عكار ان الطريق التي كان يسلكها اللبنانيون والسوريون قبل اندونيسيا كانت وجهتها تيمور الشرقية، الى ان اقدت السلطات في تيمور الشرقية على تشديد الاجراءات على القادمين من لبنان. فتحولت الوجهة الى جاكرتا.

بدوره يقول خالد الراعي ان جهود العائلة منصبة الآن على اعادة زوجة عمه وابنها من اندونيسيا.

ويضيف “المشكلة انهما لا يملكان جواز سفر، اذ قام الجميع بتمزيق جوازات السفر لطلب اللجوء”، مشيرا الى ان زوجة عمه “في وضع نفسي سيء جدا”.

ويوضح المصدر الامني “ان بين اللبنانيين المهاجرين من استحصل على جوازات سفر سورية مزورة عن طريق شبكات تعمل في هذا المجال، لكي يتمكنوا من ابرازها في بلد اللجوء والمطالبة بالحصول على اللجوء سريعا” على خلفية النزاع الدامي القائم في سوريا.

السابق
يزبك في تشييع ضحايا أحداث بعلبك: ستبقى أيدينا ممدودة من أجل وحدة الإسلام
التالي
قيادة الجيش: شاحنة عرسال محملة بذخائر وقذائف غير صالحة للاستعمال