اختراق يفضي إلى فخّين؟

كيف استطاع جون كيري وصف الاتفاق مع سيرغي لافروف على القرار بشأن الترسانة الكيميائية السورية بأنه “اختراق تاريخي”، وخصوصاً انه طريق قد يجر اميركا الى فخّين، بما يمكن ان يؤدي الى طمس الجريمة الكيميائية التاريخية التي وقعت في الغوطتين؟

واضح ان استبعاد الفصل السابع وربط العقوبات بالعودة مجدداً الى مجلس الامن يبقي سيف “الفيتو” في يد الروس، وهذا يمكن ان يشكل فخاً يوقع الاميركيين في المماحكات التي شهدناها منذ وقوع الجريمة، والتي تبيّن انها تطاول روسيا معنوياً مع الحديث عن ان الحقبة السوفياتية هي التي زودت سوريا هذا السلاح الممنوع!

أما الفخ الثاني فالواضح انه ينشأ من العناصر التي ستفرض الربط بين تدمير الترسانة الكيميائية وبقاء بشار الاسد في الرئاسة كضرورة لضمان التنفيذ، وذلك على رغم اشتراط كيري انتهاء العملية في منتصف السنة المقبلة بالتزامن مع انتهاء ولاية الاسد.

لكن المؤكد ان التعقيدات الفنية لعملية جمع الترسانة من 56 موقعاً، وإنشاء المحارق الخاصة لإتلافها، وتأمين التمويل اللازم لها، وضمان الاشراف الدولي عليها، تتطلب من الوقت سنوات وليس شهوراً، فهل يمكن قيام حكومة انتقالية سورية قادرة على الامساك بالوضع وعلى الالتزام بتنفيذ أجندة تدمير الترسانة؟

لإعطاء فكرة عما تتطلبه العملية من الوقت، يجب ان نتذكر ان خطة التخلص من الترسانة الكيميائية الليبية، التي بدأت طوعاً في عهد القذافي عام 2004، مستمرة ولن تنتهي قبل سنة 2016، فاذا كانت الترسانة السورية تساوي اضعاف ترسانة القذافي، فكيف يمكن التصديق ان العملية في سوريا يمكن ان تتم في ثمانية شهور، وخصوصاً ان الاسد سيماطل كسباً للوقت وللبقاء في السلطة من خلال الربط بين ضمان تدمير الترسانة ووجود حكم مركزي قادر على التنفيذ؟!

بات من الغباء المطلق المراهنة على مؤتمر “جنيف – 2” للتوصل الى خريطة طريق مضمونة، تؤسس لقيام حكومة انتقالية تكون قادرة فعلاً على رعاية الحل السياسي وعلى التزام ثابت بتدمير الترسانة، يكفي في هذا السياق ان نتأمل في التشظي المتزايد الذي يضرب صفوف المعارضة، فالقتال بين “الجيش السوري الحر” وتنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” [داعش] يتوسع وسينهك الطرفين اذا استمر، ثم ان سحب المنظمات الاسلامية الاعتراف بمعارضة الخارج اي “الائتلاف”، سيضع مؤتمر جنيف امام كثير من التعقيدات والعراقيل بما يجعل من الصعب التوصل الى اتفاق بين المجموعات المنقسمة والمتصارعة على تشكيل سلطة انتقالية، تكون قادرة على لملمة الوضع الميداني والمباشرة برسم المرحلة التأسيسية والاشراف المضمون على عملية التدمير!

فعن اي “اختراق تاريخي” يتحدث المستر كيري عندما تبدو نهاية الكيميائي كأنها مرتبطة بنهاية الاسد… وتحت سيف “الفيتو” الروسي المسلط؟

السابق
وفاة طفلة بحريق في حي السلم
التالي
وقائع عجيبة في الإضراب النيابي