عباس ابرهيم: من أمن رفيق الحريري إلى الأمن العام

اللواء ابراهيم
"نزل الأمن العام على الأرض". للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية. جهاز كان بيد "المارونية السياسية" وبات في يد "حزب الله". ومديره العام عباس ابرهيم عينه على النيابة؟ أم طموحه اكبر؟ أم أنّ الطموحين "رهن بصحّة الآخرين"؟

كان لافتاً انتشار عناصر من المديرية العامة للأمن العام في الضاحية الجنوبية، ضمن الخطة الأمنية، خلال الأسبوع الماضي، ووقوف عناصرها على حواجز تحيط بمخيم برج البراجنة بالإضافة إلى نقاط أخرى، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية اللبنانية.

تبدو هذه الخطوة نتيجة لسياسة المحاصصة في الأجهزة الأمنية اللبنانية، فقد علّق أحد المراقبين قائلاً: هل تريد أن تنتشر عناصر من فرع المعلومات في الضاحية الجنوبية؟ وهل يمكن أن تنتشر عناصر الأمن العام بهذه الطريقة في منطقة الطريق الجديدة مثلاً؟

يوضح هذا الرأي المدى الذي وصل إليه الانقسام اللبناني، وسياسة المحاصصة التي برزت بشكل سافر بعد اتفاق الطائف. وإذا كان جهاز أمن الدولة أنشأ ليكون موقعاً للشيعية السياسية، إلا أنها تخلت عنه عندما استطاعت أن تحتل موقعاً كانت المارونية السياسية تحتكره منذ الاستقلال، ومن الطبيعي أن يتحول الأمن العام إلى فرع أمني ناشط نشاط المجموعة السياسية التي تظن أنه من حصتها في الإدارة العامة.

من جهة أخرى، تفتقد السلطة اللبنانية إلى رؤية موحدة لأدوار الأجهزة الأمنية وإلى خطط استراتيجية لكل منها شأنها شأن الإدارات الرسمية الأخرى، لذا تتحول إلى جهاز أو إدارة نشطة إذا تولى مسؤوليتها مدير عام ناشط ومتمكن من مهنته. وهذا ما تبدو عليه المديرية العامة للأمن العام منذ تولي اللواء عباس إبراهيم مسؤوليتها.

واللواء إبراهيم ضابط أمني محترف له تاريخ عريض من الأداء المتميز، ويرى فيه أحد ضباط الأمن العام المتقاعدين (ج.خ) “ضابطا طموحا ربما يسعى إلى موقع يتخطى الموقع الأمني”.

ويبدو أن ابراهيم استطاع خلال مسيرته المهنية أن يحافظ على علاقات جيدة ومتواصلة مع كل الفرقاء اللبنانيين والإقليميين كافة.

عندما كان ملازماً أول عمل مسؤولاً عن حماية رجل الأعمال اللبناني والوسيط السعودي آنذاك رفيق الحريري، وترقى إلى موقع نقيب وهو في هذه المهنة. وعند تولي الحريري رئاسة الوزراء، لم يعد بالإمكان، من ناحية قانونية، البقاء معه، واستبدل باللواء علي الحاج آنذاك.

وبقيت علاقته مع الرئيس الحريري وعائلته علاقة متينة. ومنذ توليه مسؤولية الاستخبارات في الجيش اللبناني في الجنوب نسج علاقات جيدة وحسنة مع مختلف الأطراف من حزب الله، حركة أمل وتيار المستقبل. ونجح نجاحاً باهراً بإدارة الملف الفلسطيني واستطاع ترويض المجموعات الإسلامية وغيرها في مخيم عين الحلوة. حتى أن العقيد منير المقدح كان يطلب إذناً في حال توجهه إلى بيروت لاجتماع ما في سفارة فلسطين، ويروي أحد المسؤولين الفلسطينيين أن “المقدح تغيّب مرة عن الاجتماع لأن اللواء إبراهيم لم يأذن له”. ولا يمكن أن يغيب عن البال موقفه في أيار 2008 في صيدا عندما منع قوى حزبية مسلحة من الدخول إلى مؤسسات الحريري وحمة يومها دارة الحريري في مجدليون.

ومذ توليه منصب نائب مدير المخابرات اللبنانية بقي ممسكاً بالملف الفلسطيني. وعندما طرحت مسألة تعيين مدير عام للأمن العام اتصل أحد أصدقائه، من عمداء الأمن العام (م.ع)، بالرئيس سعد الحريري وطلب منه تزكية اللواء إبراهيم في الموقع الجديد في حال عودته إلى السراي.

وبعد توليه المديرية العامة للأمن العام اصطحب معه 47 ضابطاً من الجيش للعمل في الأمن العام. يقول أحد المطلعين: “قبل مجيء اللواء إبراهيم كانت هناك فجوة بين العمداء والضباط ذوي الرتب الصغيرة، فجاء هذا الفريق ليكمل هيكلية الجهاز حتى يستطيع أن يقوم بمهامه”.

وبقي إبراهيم ممسكاً بالملف الفلسطيني حتى أنّ من خلفه في المخابرات اضطر للاستعانة “بصديق صيداوي” لإعادة بناء الصلة مع مخيم عين الحلوة.

وبعد خطف عدد من اللبنانيين في أعزاز تابع اللواء إبراهيم بدأب شديد الموضوع وهو متسلح بقبول سوري، سعودي، تركي وإجماع لبناني لدوره. هذه الدينامية الكبيرة دفعته لتوسيع مساحة تحرك جهاز الأمن من موقع المحاصصة السياسية الطوائفية. وهو الشخصية التي لا تقطع صلة مع طرف سياسي من أية جهة كانت.

الأفق مفتوح أمامه، علاقته مع قوى الأمر الواقع الحزبية جيدة، علاقته مع رئيس الجمهورية، وهما أبناء مؤسسة واحدة، ممتازة، لا إشكالية تحيط بعلاقاته الإقليمية. ألا يفسح له ذلك المجال لطموح شخصي؟ يجيب أحد أبناء الزهراني: “له الحق كمواطن لبناني أن يرى نفسه في موقع النيابة”، فيرد آخر: “هل يكتفي بذلك أم طموحه أكبر بكثير من الكرسي النيابي؟”.

ذلك رهن بالوقت.. بصحة الآخرين.

السابق
بلدية الشويفات إزالت الاعلانات المخالفة
التالي
قهوجي التقى سفير فنلندا ونائبين وابراهيم