روحاني: تغيير أم خداع؟

روحاني
إيران، قلعة العداء لـ"الشيطان الأكبر"، الولايات المتحدة الأميركية، يبدو أنّها تلين. رئيسها الجديد حسن روحان يعترف بالهولوكوست، ويريد "مفاوضات حسن نية" حول برنامج بلاده النووي، ويغازل الأميركيين: فهل تغيّرت السياسة الايرانية فعلا؟ أم أنّها مناورة من حائكي السجاد المحنّكين؟

تصدر الرئيس حسن روحاني الصحف العربية والعالمية بعد مواقفه اللينة” التي أطلقها في الامم المتحدة في نيورويك والتي اعتبرت  غير مسبوقة، وغريبة من رئيس ايرانيهذا التغيّر في الخطاب شكل مفاجأة للقوى السياسية، المعارضة والموالية للنظام الايراني ولسياسته الندّية المتبعة منذ فترة طويلة مع دول المنطقة ومع الغرب بشكل أساسي، والتي لطالما أظهرت كراهية وعدائية في التعاطي مع تلك الدول.

ربما تكون العقوبات الغربية الكبيرة فرضت ضغوطا على الدولة الايرانية، ما ساهم في إحداث الانقلاب في نبرة الخطاب ليصبح أكثر مرونةوربما يكون هناك توجها في السياسة العالمية للوصول الى استقرار المنطقة هو السبب.

اسئلة يصعب الاجابة عنها في هذا الوقت، لكنّ الاكيد ان روحاني وعد من نيويورك، بإجراء مفاوضاتحسنة النية” حول برنامج بلاده النوويوقال إثر اجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة: “نحن مستعدون لخوض العملية التفاوضية بجدية بهدف بلوغ اتفاق تفاوضي يقبل به الطرفان“.

 

هذا المنحى الديبلوماسي الذكي لروحاني ربما ينبئ بتحوّل هام في العلاقات بين طهران والغرب، لا سيما حين قال: “واحد من مفاتيح اهتمامنا هو الاستقرار في المنطقة واذا استقرت المنطقة نستقر كلنا والمنطقة تحتاج الى الاستقرارإلا ان هذا الخطاب لم يرح واشنطن بشكل كامل، إذ حذرت من ان يكون هذاالكلام المريح” يهدف إلى خداع الخصومودعت الى التواصل واختبار ذلك.

الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور طلال عتريسي قال لـ”جنوبية” إنّ ما يجري “تغيير فعلي وليس مناورة إطلاقا”.

كذلك أعلن روحاني جهوزية ايران للتفاوض مع الغرب، لكن شرط أن يحترم حقها في الطاقة النووية على أراضيها في إطار القانون الدوليهذا الموقف دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما الى اتخاذ موقف جيد بأن أبدى حماسا يتحلى بالواقعية، وجمع بين إعادة ضبط” العلاقات مع إيران والمساعي لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي.

وكان روحاني قد اعترف بالهولوكست قائلا“أي جريمة في التاريخ ضد احد وخصوصا جريمة النازية ضد اليهود وغير اليهود مدانة، لكن يجب ألا يرتكبوا مجازر ضدّ الآخرين ولا يهم اذا كانت ارواح مسلمين او مسيحيين او يهودعلى عكس الرئيس الاسبق محمود أحمدي نجاد الذي لطالما دعا الى محو اسرائيل من الوجود.

هذا الكلام أثار حفيظة إسرائيل التي تنظر بقلق شديد إلى التطورات الحاصلة مؤخراً بشأن التقارب بين إيران والغرب، التي بلغت أوجها مع إعلان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان ايران والقوى العظمى “حددت هدفا لنفسها التوصل الى اتفاق حول النووي الايراني خلال عام“.

 كذلك تتوجس اسرائيل من نتائج الحملة الإعلامية لروحاني، والمقابلات الصحافية مع كبرى وسائل الإعلام الأميركية، وتأثير ذلك على حل قضية البرنامج النووي من دون إرغام إيران على وقف أنشطتها النووية كافة، مثلما تطالب إسرائيل.

هنا يقول الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور طلال عتريسي إنّ “إيران تريد مفاوضات جدّية لكنّها لا تريد الصلح مع الغرب بأيّ ثمن بل لديها مواقف لا تتراجع عنها”.

ومن المنتظر ان يتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى واشنطن، غدا، السبت، حيث سيلتقي مع أوباما، وسيلقي خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدةوتشير التوقعات في إسرائيل إلى أننتانياهو سيركز في خطابه على البرنامج النووي الإيراني، والمفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية“.

 

من الواضح ان إيران تسعى حاليا إلى ضمان تخفيف العقوبات المفروضة عليها سريعا، لما تعانيه حكومة روحاني من ضغوط شعبية، وقد ظهر ذلك بوضوح في الليونة التي أظهرها الرئيس بشأن الملف السوري واستعداده للمشاركة في أي مفاوضات مقبلة للوصول الى حل سلمي للازمة.

وتسعى أيضا الى تغيير الصورة التي بدت عليها في عهد نجاد بالنسبة للغرب مع الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الحرية فيما يتعلق ببرنامجها النووي ويعني ذلك الاستمرار في تخصيب اليورانيوم مع أقل قدر من الرقابة الدولية، خصوصا أنّ الولايات المتحدة والأوروبيين يقبلون استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم في إطار برنامج مدني.

السابق
حكومة “أمر واقع” أم حكومة “جامعة” شكلاً ؟
التالي
الوكالة الدولية تعلن اجراء محادثات اضافية مع ايران في 28 تشرين الاول