عجّلوا في دفن حكومة حزب الله

لمّح رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي يزور نيويورك حالياً، الى أن تشكيل الحكومة الجديدة يمكن أن يحصل في الأيام القليلة المقبلة، عازياً ذلك الى ضرورة التحوّط لاقتراب الاستحقاق الرئاسي الذي تبدأ فترته في آذار 2014. وهذا الموقف جيد من حيث المبدأ، لأنه يرمي الى تحريك “المياه الآسنة” قليلاً، وعدم ترك موضوع حيوي كتشكيل الحكومة الجديدة رهينة الفيتو الدائم لـ”حزب الله” المرتكز على القوة والذي يسعى الى إدامة روح حكومة نجيب ميقاتي بعدما أتى بها مع النظام في سوريا، واستتبعها بالكامل طوال عامين ونصف عام. فرفض الحكومة التكنوقراطية الحيادية، ثم رفض الحكومة السياسية الخالية من “الثلث المعطّل” ومن “ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة”، والمعتمدة على المداورة في توزيع الحقائب بهدف ابقاء القديم على قدمه، أي محاولة إطالة مدة تصريف الأعمال الحالية الى أبعد مدى ممكن، ألى حين خلو سدة الرئاسة الأولى، بحيث تتحوّل كل السلطات التنفيذية مجتمعة الى حكومة ميقاتي الى أجل غير مسمى.

هذا أمر يشكل خطورة كبيرة قد يقلل منها من يعتقدون أن لا بأس بتجديد التنازلات لـ”حزب الله” في موضوع الثلث المعطّل، ما دام هذا أمراً واقعاً في الشارع إن لم يكن داخل جدران مجلس الوزراء نفسه. ويعزو هؤلاء موقفهم الى أن “حزب الله” ومعه “حركة أمل” قادران على تعطيل البلد بالكامل، إن لم يتم إرضاؤهما حكومياً. أما الجنرال ميشال عون فهو جزء من الإطار المكمّل لأداة التعطيل.
صحيح أن “حزب الله” يملك أدوات تعطيل البلد في الشارع، لكنه لا يملك مهما فعل نزع الشرعية والقانونية عن أي حكومة يشكلها الرئيس تمام سلام بموافقة الرئيس ميشال سليمان، بحيث يتم نزع “توقيع” حكومة ميقاتي. فحتى لو لم تصل الحكومة الى مجلس النواب لنيل الثقة، فإنها تصبح حكومة تصرّف الأعمال بدلاً من الحكومة الحالية التي يغيب عن البعض أنها كانت حكومة انقلابية غير ميثاقية فرضت بالقوة، وسار بها البعض إما خوفاً وإما لأسباب مصلحية. من هنا، فإن هذه الحكومة التي يجري تغييب حقيقتها السيئة بأنها حكومة “حزب الله” و”بشار الكيماوي” على حد سواء، تمثل مصلحة كبيرة لهذا الثنائي في خضم معركة المنطقة. وفي عهدها بلغ اختراق “حزب الله” للمؤسسات مستويات قياسية، فضلاً عن أنها سهّلت أمر قيام دورة اقتصادية للحزب من خارج القوانين والأعراف، فنهبت خزينة الدولة في أكثر من مكان.
يجب التخلّص من حكومة ميقاتي. وعلى الذين يعملون على تشكيل الحكومة الآن أن يتخذوا خطوة جريئة، أياً تكن النتائج، فينزل الرعاع الى الأرض، وليتمردوا على الحكومة الشرعية، وليتراجع الخائفون، لكن يجب تشكيل حكومة جديدة بشروط العودة الى الدستور ليس إلا. لن تقوم قائمة للبنان إذا واصل الاستقلاليون التراجع والخنوع والخضوع والاستسلام. حان وقت العودة الى الدستور والشرعية.

السابق
السعودية ـ حزب الله: تصعيد يسبق الحوار
التالي
إيجابيّات نيويورك شكليّة لكنّها مهمّة