معارك أعزاز تكشف قوّة أنصار «القاعده» وضعف فصائل الجيش الحر

بعد اشهر من تصاعد التوتر بين كتائب مقاتلة من المعارضة السورية والجهاديين المرتبطين بتنظيم القاعدة، أتت سيطرة الدولة الاسلامية في العراق والشام على مدينة اعزاز في شمال سوريا لتفجر نارا تحت الرماد، وتولد شرخا جديدا في صفوف المجموعات المسلحة المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد.

ويشعر المقاتلون المعارضون بان الدول الداعمة لهم تخذلهم، في حين يحظى مقاتلو “الدولة الاسلامية” التي تعرف بـ “داعش”، بتسليح وتمويل يتيحان لها احراز تقدم ميداني داخل ما يسمونه “المناطق المحررة”.

ووصل الشرخ الى ذروته الجمعة، مع توجيه الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية انتقادات غير مسبوقة للدولة الاسلامية في العراق والشام، على خلفية هجماتها الاخيرة ضد الجيش السوري الحر في شمال البلاد.

ويضم الجيش الحر طيفا واسعا من الكتائب والالوية المتعددة الانتماءات والمرجعيات، وبعضها اسلامي، لكن جبهة النصرة وداعش الجهاديتان لا تشكلان جزءا منه.

وندد الائتلاف في بيان اصدره “بعدوان داعش على قوى الثورة السورية والاستهتار المتكرر بأرواح السوريين”، معتبرا ان ممارساتها “خروج عن إطار الثورة السورية”، وانتقد “ممارساتها القمعية” وعدم تواجدها على الجبهات مع قوات النظام.

وسيطر مقاتلو الدولة الاسلامية الاربعاء على مدينة اعزاز القريبة من الحدود التركية في محافظة حلب بعد معارك استمرت ساعات مع لواء عاصفة الشمال” المنضوي تحت لواء الجيش الحر والذي كان يسيطر على المدينة.

وتوصل الطرفان في وقت مبكر الجمعة الى اتفاق هش لوقف اطلاق النار، يتحدث عن فصل بينهما يقوم به “لواء التوحيد”، ابرز مجموعة مقاتلة في حلب، مع اشارة الى ان “المشكلة” لا تزال قائمة.

واخرجت معارك اعزاز الى العلن التوترات الكامنة بين المعارضة والدولة الاسلامية والتي كانت ظهرت في الميدان السوري بشكل متفاوت في اوقات سابقة من هذا العام.

ويقول المحلل في مركز “اي اتش اس جينز” للدراسات حول الارهاب والتمرد تشارلز ليستر “في الاسابيع الماضية، كان هناك انطباع بان المقاتلين المعتدلين (الجيش الحر) باتوا مستائين من تنامي نفوذ الدولة الاسلامية”.

ويرى ان “المواجهات التي وقعت في عدد من المناطق في شمال سوريا بين المقاتلين المعتدلين والجهاديين في الايام الماضية، تظهر ان هذه التوترات تخرج من تحت الرماد”.

وتسود الشكوك العلاقة بين “داعش” والعديد من الكتائب المقاتلة منذ ظهور الدولة الاسلامية قبل اشهر.

وفي حين يكفر مناصرو القاعدة الجيش السوري الحر وينتقدون تعامله مع الدول الغربية، يعتبر الطرف الآخر ان الجهاديين “عملاء” للنظام السوري الذي يستخدمهم لصالحه.

واضافة الى اصطدامها بالمجموعات المقاتلة ضمن الجيش الحر، ولدت ممارسات “داعش” كالاعدامات العلنية وخطف الناشطين والصحافيين، امتعاضا في اوساط السكان في مناطق عديدة.

ويقول المتحدث باسم “ألوية احفاد الرسول” ابراهيم الادلبي لوكالة فرانس برس عبر سكايب ان “الدولة الاسلامية مخترقة من المخابرات السورية، صاحبة التاريخ في التعامل مع القاعدة”.

ويضيف “الدولة الاسلامية اعدت لائحة سوداء من كبار قادة الكتائب الثائرة تنوي اغتيالهم”.

واشتبك مقاتلو “احفاد الرسول” الشهر الماضي مع الدولة الاسلامية في مدينة الرقة في شمال سوريا، مركز المحافظة الوحيد الخارج عن سيطرة النظام. كما اندلعت اشتباكات مماثلة في محافظة إدلب (شمال غرب). واتهم المقاتلون عناصر “الدولة” باغتيال القائد الميداني البارز ابو بصير في ريف محافظة اللاذقية (غرب).

ويقول رجل دين في مدينة حلب لفرانس برس ان تنامي نفوذ “داعش” التي تضم العديد من المقاتلين الاجانب، يعود الى فشل الغرب في توفير تسليح جيد لمقاتلي الجيش الحر.

ويوضح الشيخ ابو محمد عبر سكايب “لم ندعهم (مقاتلو داعش) للمجيء الى سوريا…. لكن اذا لم تساعدنا الولايات المتحدة والغرب ضد بشار (الاسد)، علينا ان نقبل المساعدة من كل من يشاركنا اهدافنا”.

ويضيف ان “تنظيم القاعدة لا يساعد السوريين، بل يقتلنا ايضا”.

ودفع الخوف من “داعش”، اضافة الى غياب الدعم الغربي للمقاتلين المعتدلين، بعدد من قادة هؤلاء للجوء الى منحى اكثر تشددا لحماية انفسهم.

ويقول قائد ميداني لاحدى الكتائب المقاتلة البارزة في الرقة “لم يعد ثمة شيء اسمه الجيش السوري الحر (هنا). كلنا قاعدة الآن”.

ويعتبر الخبير السويدي في شؤون النزاع السوري آرون لوند ان القوة النارية للدولة الاسلامية كانت السبب الرئيسي في تنامي نفوذها.

ويقول لفرانس برس “لا اعتقد ان كل مدينة الرقة ذات توجه اسلامي، لكن اذا فشلت مجموعة معتدلة في المنافسة، فما البديل عن ذلك؟”.

ولا شك ان هذا الانقسام الجديد في صفوف معارضي الاسد يصب في مصلحة هذا الاخير.

ويتوقع مسؤول امني سوري “ان يتصاعد هذا الصراع في الايام المقبلة”، قائلا “عندما يختلف اعداء الشعب السوري ويكونون في حالة صراع، بالنهاية هذا يصب في مصلحة الخلاص من الارهاب”.

السابق
كيري ولافروف تحدثا عن قرار “قوي” في الامم المتحدة بشأن سوريا
التالي
استكمالا لـ«ماراتونها الجنسي»: البولندية تدخل العراق ثم لبنان