التعمير عين الحلوة(1): سيرة المنطقة الحرام

تعيش منطقة "تعمير عين الحلوة" خارج الزمن. خارج أيّ سلطة. كما لو أنّها الجحيم اللبناني في أسوأ صوره. لا أمن لبناني رسمي، ولا أمن فلسطيني، ولا أمن من أي نوع. هي فعلا "حارة كل من إيدو إلو". فكيف نشأت هذه الحارة وكيف صار "التعمير" موطن "الهدم والخراب الزاحف على مدينة صيدا باستمرار.

ما بين الحاجز الثالث للجيش اللبناني في محلة تعمير عين الحلوة – صيدا، وما بين مدخل مخيم عين الحلوة عند محطة جلول، منطقة يمكن أن يطلق عليها اسم “منطقة حرام”.

تقع خارج إطار الإشراف الأمني اللبناني أو الفلسطيني، تضم عدداً من بنايات التعمير، بينها مخيم الطوارئ الذي بني عام 1954 وبقي فيه حالياً نحو ستة آلاف نسمة. وإلى الغرب من بنايات التعمير تجد خط السكة وهو حي يسكنه مهجرون فلسطينيون منذ عام 1985.

وهذه هي المنطقة التي تضمّ ما بقي من مقاتلي “جند الشام” و”فتح الإسلام”، ومن لحق بهم مؤخراً من عناصر كانت ترافق المطرب السابق فضل شاكر، ممن كانوا ضمن “جند الشام” سابقا.

خلال الحوادث الأخيرة في حزيران 2013 أقفلعناصر “الكفاح المسلح”، التابعين لحركة “فتح”، مداخل المخيم من الجهة الشمالية لمنع التواصل مع المنطقة. في المقابل كثفت دوريات الجيش اللبناني وجودها وقصفت المنطقة، ما أدى إلى إحراق وتدمير 14 منزلاً. عناصر التنظيمين لا يتجاوزون الـ70، وهم يتلقون دعماً من قوى إسلامية مختلفة وخصوصاً من تلك الموجودة في مخيم الطوارئ وجلهم من “عصبة الأنصار”.

يتابع “بلال”، وهو شاب من طرابلس، أوضاع أفراد التنظيمين المذكورين. وقد اعتاد عناصرهما العيش في مساحة ضيقة. بعض مرافقي فضل شاكل يضيقون ذرعاً بهذه الحياة وخصوصاً أن منازل بعضهم لا تبعد أكثر من 500 متر عن منازلهم الأصلية. يقضون نهاراتهم في المنازل التي يستخدموها، ويتجولون عند حلول الليل في تلك الشوارع الضيقة الملتفة حول بنايات التعمير. البعض منهم يدخل إلى مخيم عين الحلوة لزيارة الأصدقاء، لكن أحدهم يبدي حذره: “أخاف أن تعتقلني عناص فتح وتسلمني إلى أجهزة الدولة اللبنانية، لذلك أبقى في هذه المنطقة”.

أحد مؤيدي سرايا المقاومة اضطر إلى ترك منزله والسكن خارج المنطقة خوفاً من وجود هذه المجموعات وبعد أن أحرق مجهولون – معلومون سيارته. يعلق أحدهم: “لا يبعد مكان الإحراق أكثر من 50 متراً عن حاجز الجيش عند مدخل التعمير، ولم يهتم أحد لأمري”.

أحد تجار مدينة صيدا، ج.م.، وهو يفضل عدم نشر اسمه كاملا، يقول إنّ “هناك مفاوضات مع الأجهزة الأمنية لتخفيف العقوبات عن عدد من الفارين إذا أُعلنوا استعداده للاستسلام إلى الأجهزة المعنية، والمبرر أن س.م. وم.م. شاركا في الاشتباكات الأخيرة إلى جانب مقاتلي الشيخ أحمد الأسير، لكنهما حملا السلاح دفاعاً عن نفسيهما بعدما هاجمت مجموعة من سرايا المقاومة منزليهما”، بحسب قولهما.

أهل المنطقة – الحرام في حيرة من أمرهم: لا حلول واضحة أمامهم. من استطاع الانتقال إلى خارجها، هرب ونجا بنفسه. والبعض الآخر لا حل أمامه سوى الانتظار، يدعو الله أن يرسل الأمن والأمان في بلد يتراقص “على كف عفريت”.

السابق
يارا تلفت الأنظار بصورة جديدة
التالي
مقتل امرأة صدما في شبعا